الطريق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 11:31 مـ 17 ربيع أول 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

زمان يا رقص.. سوق العوالم جبر في مصر.. والروسيات يتربعن.. وفيفي عبده: زمان كنا نرقص بأدب

رقص
رقص

نهاية الجيل الذهبي.. والروسيات يزحن المصريات عن عرش «هز الوسط»

فيفي عبده: «زمان كنا بنرقص بأدب واحترام عكس دلوقتي»

جوهرة: «سامية جمال مثلي الأعلى».. ونبيل مبروك: «افتحوا مدارس للرقص»

الفرماوي:

 

خلخال يترنح بعنف فى ساق بيضاء، وجسد يتمايل وينثنى مثل ثعبان مرن، على وقع الناى الحزين، قبل أن يزداد الإيقاع سريعا «على واحدة ونص»، لتنشط الراقصة أو «العالمة والغازية» وينتفض جسدها بحركات أكثر سرعة ورشاقة لتلهب مشاعر وغرائز جمهورها العريض، بينما يصطف الفتوات على جانبى المسرح حتى لا يقتحم مغامر الخشبة محتضنا «الراقصة» التى أشعلت الصالة بمفاتنها.. كل ما سبق كان مشهدا معتادا فى الأفلام العربية القديمة، حيث لا يكاد يخلو أحدها من تجسيد دور راقصة فى الفيلم لإثارة الأحداث داخله، بل فى كثير من الأحيان كانت الراقصة هى محور السيناريو والحوار، حتى أن أفلاما من علامات السينما حملت اسم الراقصة علانية، مثل «الراقصة والسياسى» و«الراقصة والطبال»، وكانت مصر مهد الرقص الشرقى منذ سنوات طويلة ليمتزج بالفلكلور الشعبى، وعنها أخذت بقية الدول أصول الفن الذى كانت له رائدات، لكن مع خروج الجيل الذهبى من راقصات مصر من الخدمة، ودخول الراقصات لـ«كار الرقص» تراجعت مكانة هذا الفن ولا نبالغ إن قلنا بأنه على وشك الانقراض.. «الطريق» تعرفت على الأسباب نقلا عن مشروع تخرج إعلام عين شمس بمجلة «7 راكب»..

 

رقص محترم

قالت الفنانة فيفى عبده، إن الرقص الشرقى فن راقٍ مثل الباليه والتمثيل، والدليل على هذا أن فرقة رضا والفرقة القومية فرق حكومية، وكما يوجد رقص راقٍ وراقصات محترمات، هناك أيضًا رقص غير لائق وراقصات يسيئن للمهنة.

وأضافت عبده أنها لم تنقطع عن الرقص الشرقى، لأنها كانت ومازالت تمارسه فى منزلها، وأن ابتعادها عن الرقص ودخولها عالم السينما والدراما كان سببا فى سمنتها وزيادة وزنها.

من جانبها، قالت الراقصة الروسية جوهرة، إن الرقص الشرقى من هواياتها، وإنها بدأت الرقص منذ عشر سنوات حتى أصبح لها مدرسة خاصة تقوم بتدريب الرقص فيها، وإنها ستتوجه للتمثيل لأنه السبب الأساسى لحضورها إلى مصر.

وأضافت جوهرة أنها تعلمت الرقص بالمدارس المتمثلة فى الفنانة سامية جمال وتحية كاريوكا، فضلا عن الراقصة منى السعيد، وهى من العصر الحديث وحققت نجاحا كبيرا بدول أوروبا، وأنها تعتبر فيفى عبده هرم الرقص الشرقى فى مصر، لأن لديها إحساسا عاليا وكاريزما مختلفة عن غيرها من الراقصات.

وتقوم جوهرة الآن بتطوير موهبتها فى الرقص الشرقى لتصبح أكثر مهنية وتقديم رقصات تليق بجمهورها وتنال إعجابه، لكنها لفتت إلى نقطة مهمة، وهي لو كانت القاهرة هى عاصمة الرقص الشرقى فى العالم، فلماذا أغلب الراقصات الجدد غير مصريات؟.

 

الرقص الشعبي

أكد نبيل مبروك، مدير عام الفنون الشعبية سابقا، وأحد مؤسسى فرقة رضا الاستعراضية، أن كل حركة على إيقاع يعتبر رقصا، فهو تعبير عن الوجدان الشخصى للإنسان حتى قام محمود رضا بتأسيس فرقة رضا وبعد ذلك الفرقة القومية ثم السيرك القومى، وهذا بداية الرقص الشعبى.

ولفت مبروك إلى أن الرقص الشرقى بدأ قديما منذ زمن العبودية ثم تطور فى القرن 19 وتحول من فن إلى رقص تجارى، وفرقة رضا طافت العالم كله وقامت بالرقص فى حفلات الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وعلى مدار خمسين عامًا قدمت الفرقة حوالى 400 رقصة مختلفة تجمع الفلكلور المصرى بكل تفاصيله، جمعها مؤسسها محمود رضا من خلال رحلات من الجنوب إلى أطراف الشمال، وحاول جمع الأسلوب والروح الخاصة بكل رقصة وتحليل وتوثيق المكونات الأساسية لها، ولم يكتف رضا بجمع أساليب الرقص والأغان، بل جمع الحكايات والقصص والأزياء والموسيقى انطلاقا من أن الرقص جامع ولابد أن يكون ملماً بالموسيقى وفنون الإضاءة والتصوير والأزياء والمسرح.

 

تدهور الرقص الشرقي

أوضح مدير عام الفنون الشعبية السابق أن سبب تدهور الرقص الشرقى فى مصر هو قلة خبرة المسؤولين فى هذا النوع من الفن، وتحوله لفن تجارى وانتشار الراقصات الروسيات، ومن هنا قل المستوى وأخذ ينحدر إلى أن وصل لعدم وجود راقصات مصريات باستثناء «دينا» التى تحاول الحفاظ على الرقص الشرقى، كما لفت إلى أنه لا يوجد تطور فى زى الراقصات فى فرقة رضا منذ عشر سنين، وتقوم الفرقة حاليا بعمل عرض «ريحانة» بجانب الرقصات القديمة، مطالبا بضرورة إنشاء مدارس لتعليم الرقص بجانب المعهد العالى للفنون الشعبية لإحياء الرقص من جديد.

وفى السياق ذاته، قالت «إيناس» إحدى الراقصات بفرقة رضا، إن الفرقة تجهز لعرض مسرحية «فرحانة»، التى يغير فيها المصمم الملابس على حسب الأدوار، مشيرة إلى أن الراقصات الأجنبيات يحاولن تقليد هذا الفن وتقديمه من خلال قنوات الرقص التى انتشرت خلال الفترة الماضية.

أما الناقد طارق الشناوى، فيقول إن مصر بها راقصات أجنبيات من زمن، ولكن كانت الراقصة الأساسية هى المصرية، أمثال تحية كاريوكا ونعيمة عاكف ونجوى فؤاد، ثم تأتى فى المرتبة الثالثة الأجنبية، أما الآن فلا يوجد على الساحة سوى الراقصة المصرية دينا، وكان آخر جيل من المصريات فيفى عبده ولوسى.

فيما يرى الدكتور عادل عبده، رئيس الإدارة المركزية للبيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية، أن البيت الفنى للفنون الشعبية شهد طفرة غير مسبوقة بدعم كبير من الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، وذلك بتفعيل دور القطاع، ما انعكس على افتتاح سيرك ومسرح مايو بعد إغلاق دام لأكثر من عشرين عاما، بالإضافة إلى تفعيل دور الأوركسترا الحية لفرقتى رضا والقومية.

وفى الإطار نفسه، أشار محمد الفرماوى، مدير عام فرقة رضا، إلى أن بدل الرقص مرت بعدة تحولات، بداية من بدل الرقص أيام الفراعنة، إذ إنهم أول الشعوب التى عرفت الرقص على الطقوس الدينية حتى العصر الحالى، فكانت بدل الرقص أيام الفراعنة عبارة عن قطع من الملابس وعليها رسومات فرعونية وتتميز بالطول والنقوش من أعلى لأسفل.

وأشار الفرماوى إلى أنه فى عهد بديعة مصابنى، احتفظت بدل الرقص بشكلها الذى يغطى الصدر والبطن وأضيفت إليها الإكسسوارات فى اليدين وعلى الصدر والرأس.

ولفت مدير فرقة رضا إلى أن عهد السبعينيات كان عهد فيفى عبده ونجوى فؤاد، وكن يرقصن ببدلات مغطاة من ناحية البطن بقطعة من الشيفون وقطعة من القماش المطرزة بالخرز ترتديها الراقصة فى معصمها، ثم بعد ذلك استمرت الجلابية الليكرا الملونة وأصبحت ألوانها أكثر زهوا، موضحًا أن الراقصة فيفى عبده استمرت فى الرقص بالجلابية البيضاء.

واستطرد مدير الفرفة، أنه بالتزامن مع اقتحام الراقصات الأجنبيات ومنهن صافينار وآلا كوشنير وجوهرة، ظهرت البدل المتنوعة ذات الطابع التقليدى، حيث تسعى الراقصات لجذب الجمهور بالبدل الشرقية القديمة.

وظل تطور الرقص الشرقى بأشكال متعددة مع ظهور العديد من الراقصات اللاتى كان لهن وجود واضح فى تلك المهنة، بداية من نجوى فؤاد، مرورا بفيفى عبده ومن بعدها دينا، ولكل منهما بصمة مختلفة فى صنع حالة خاصة بها، ويبدو أن الراقصة المصرية نوع معرّض للانقراض، وهذا أمر محزن للفن ولمصر، حسب تعبير مدير الفرقة.