الطريق
الأحد 6 أكتوبر 2024 09:17 مـ 3 ربيع آخر 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

المحارب شاذلي حسن: نفذت وصية الأبطال وحققت حلمهم بفيلم الفرقة ”18”

أبطال الفرقة 18
أبطال الفرقة 18
أسوان

سجل التاريخ اسمي بعد أكثر من 50 عامًا على صفحات التواصل الاجتماعي والصحف القومية. بهذه الكلمات بدأ المهندس شاذلي حسن حديثه عبر "موقع الطريق"، ليؤرخ لحظات النصر عبر العصور بعد سنوات، التقيت بالكاتبة الصحفية هيام إبراهيم فهمي من خلال أحد الأصدقاء، الذي طلب منها أن تكتب عنه لتوثيق تجربته على خط بارليف.

وبحسب ما ذكره الحاج شاذلي حسن، فقد صدقت الكاتبة الصحفية هيام إبراهيم في رغبتها بأن يسمعني الجميع كشاهد عيان من على خط بارليف.

كانت المفاجأة أكبر مما توقعت، حيث تم توثيق الفيلم التسجيلي "الفرقة 18" الذي فاز بمسابقة التضامن الاجتماعي عن الفيلم التسجيلي "بطل من بلدنا". تدور أحداث الفيلم حول قصة المقاتل الأسواني شاذلي حسن، الذي يُعتبر أحد أبرز أبطال الفرقة 18، والتي كانت من أوائل الفرق التي عبرت خط بارليف المنيع خلال حرب 73، حيث ساهمت بشكل كبير في تحطيم خطوط العدو.

قصة إنسانية ملهمة

وأشار البطل شاذلي حسن إلى أن الفيلم من إعداد هيام إبراهيم، مع تعليق صوتي لإسماعيل خليفة، ومدير تصوير هيثم فهمي، وإخراج زينب سعدي.

تتناول أحداث الفيلم حياة البطل شاذلي حسن محمد، المولود عام 1953 في محافظة أسوان، مركز إدفو، قرية القنادلة. التحق بالقوات المسلحة في سن العشرين، في مايو 1973، ومنذ انضمامه، بدأ بتدوين مذكراته لتوثيق تجربته، حيث كان قائد الجيش في ذلك الوقت الفريق أحمد إسماعيل.

وفقًا لما ذكره البطل شاذلي حسن محمد، تم توزيعه على الفرقة 18 بعد انتهاء فترة التدريب، وكان قائدها اللواء فؤاد عزيز غالي، وقائد الكتيبة اللواء فاروق منظور. وعند وصوله إلى الفرقة، تحدث قائد الكتيبة مع الجنود، مشيرًا إلى أنهم بحاجة إلى إجازة، حيث لم يحصلوا على حقهم في الراحة لفترة طويلة.

لكن الصول عبد الصمد مازحهم قائلاً: "الخير على قدوم الواردين"، فردوا عليه بفرح: "يعني إسرائيل هتمشي؟"، فأجابهم الصول بأنهم متجهون إلى ترعة الإسماعيلية، متمنياً أن يكون ذلك خيرًا.

وبالفعل، انتقلنا إلى ترعة الإسماعيلية للتدريب، وكنا نستمع بحماس لتوجيهات القيادة، حيث كانت جميع التدريبات تهدف إلى تأهيلنا لعبور القناة.

مكثنا في ترعة الإسماعيلية حوالي 25 يومًا، ثم عدنا مرة أخرى إلى الفرقة 18. وفي مساء 5 أكتوبر، شعرنا بحركة غير عادية من قوارب مطاطية وإمدادات، لكننا كنا على يقين أن هناك شيئًا مهمًا سيحدث.

وفي صباح السادس من أكتوبر، أبلغونا بأن هذا اليوم هو يوم العبور. كانت هناك خطة محكمة ومدروسة، وتوجيهات واضحة، وكان لي الشرف أن أكون من بين الذين عبروا القناة، حيث كنت في القارب الثالث. كانت القناة في ذلك الوقت تعمها السكينة، ورغم مرور القوارب، كانت محاطة بالطيور الهادئة.

تسلقنا الساتر بسهولة ولم نواجه أي رد فعل من العدو. خلال فترة التدريبات، كنا نحمل سلاح المشاة "م ط 12" الذي يزن 166 كيلوغرامًا. ورغم الصعوبة التي واجهتنا في حمل هذا السلاح أثناء التدريبات، إلا أننا تمكنا من تسلق الساتر لمسافة تقارب 18 مترًا دون أي صعوبة، وكنا ثلاثة فقط، وأنا من كنت أحمل الماسورة.

كانت هناك توجيهات تقضي بأنه في حال مرور أي دبابة، حتى لو كانت مصرية، قبل مرور 6 ساعات، يجب ضربها على الفور، لأننا لا نعلم ما إذا كانت مصرية أو إسرائيلية.

وبعد العبور وتحطيم خط بارليف، ارتفعت هتافات النصر "الله أكبر" في أرجاء المكان من الجنود الذين عبروا القناة ومن المرابطين على الجهة الأخرى.

بعد ذلك، قام الجنود المصريون الأبطال بعملية التفاف حول الدشمة 51، التي سُميت بهذا الاسم لأنها تقع في الكيلو 51. وكان للشهيد السيد الغيطاني دور رئيسي في الفرقة 18، حيث كان قائد الدبابة وكنا برفقته.

كان أول من استشهد في الفرقة 18 النقيب حسن إبراهيم، تلاه عثمان عبد النبي. وكان الجنود المصريون يتسابقون لنيل الشهادة، حيث استشهد السيد الغيطاني بعد أن فدى المجند العجمي، كما استشهد منصور عبد الله عبد الدايم، وحمدي إبراهيم، وكان آخرهم صلاح راشد.

كان العبور نفسه تحديًا، لكن الأصعب كان الوصايا التي تبادلها الجنود فيما بينهم. كنت أدوّنها في نوتة صغيرة أحتفظ بها معي، حيث كانت تحتوي على كل كلمة قالها أحدهم لي، وهي أن أبلغ ذويهم بأنهم استشهدوا أبطالًا، وقد استقبلوا الشهادة بصدر رحب.

بعد مرور ثلاثة أشهر ونصف، عدت إلى بلدتي، وكان المشهد أصعب من العودة نفسها، حيث كان عليّ دفن زملائي وتكفينهم ووضع علامات تحمل أسماءهم. كانت رؤية دموع والدتي، التي احتسبتني من الشهداء، مؤلمة للغاية.

نسيت النوتة والوصايا لفترة طويلة، حتى محى الزمن الحبر من سطورها، لأجد بعض الأحرف وكأنها إشارات تعيد إلى ذهني تلك الوصايا.

بدأت رحلة البحث عن أسر الشهداء لتنفيذ وصاياهم، وبالفعل، بعد 12 عامًا، تواصلت بالصدفة مع أسرة الشهيد منصور سعيد، ثم مع الشهيد حمدي إبراهيم. وكلما التقيت بأحد من محافظاتهم، كنت أروي لهم حكايات النصر. استمرت رحلة البحث لأكثر من 40 عامًا، حتى تواصلت مع أسرة الشهيد صلاح راشد، الذي سبقني لنيل شرف الشهادة، والتقيت بأسرته في قرية بني حسين بأسيوط. وأخيرًا، نفذت الوصية بعد 43 عامًا من لقائي بأسرة الشهيد الغيطاني في محافظة دمياط.

ما زالت ذاكرتي تحمل الكثير من تلك المشاهد المحفورة في قلبي ووجدانى مع مرور الزمن.

موضوعات متعلقة