الطريق
الثلاثاء 22 أبريل 2025 08:10 صـ 24 شوال 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
بالورش الحرفية والعروض الفنية.. ملتقى سيناء الأول لفنون البادية يواصل فعالياته بالعريش فيديو| مصر وفلسطين.. دعم دبلوماسي وإنساني| عرض تفصيلي مع عمرو خليل ضبط مصنع تلاعب في أوزان أنابيب الغاز بالغربية..صور الأولمبية الدولية تشيد بالتعاون المثمر مع وزارة الشباب والرياضة وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي سفير جمهورية التشيك بالقاهرة لبحث فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري المشترك مصر وقطر تُطلقان عامًا ثقافيًا مشتركًا في 2027 لتعزيز الحوار الثقافي العربي فيديو| عضو البتريوت: الرأي العام في أوكرانيا ضد وقف الحرب بالشروط الأمريكية في شم النسيم.. الورد بيتصنع بإيدين ستاتنا الحلوين صحة كفرالشيخ: مرور مكثف من فرق المراجعة الداخلية والحوكمة بالمديرية على العديد من المنشآت الصحية التابع للمديرية في إطار احتفالات محافظة الإسكندرية بعيد شم النسيم وتنفيذاً لاستراتيجيتها لتطوير الميادين والاهتمام بالنسق الحضاري والجمالي للمحافظة زيلينسكي: وفد أوكرانيا يصل لندن الأربعاء لإجراء محادثات بشأن وقف إطلاق النار بتوجيهات محافظ الوادي الجديد تسليم 410 مشروعًا متناهي الصغر لتمكين الأسر اقتصاديًا

محمد دياب يكتب: السقوط الأخلاقي في أبشع صوره

لم يكن المثل العربي القديم "تجوع الحرة ولا تأكل بثديها" مجرد عبارة عابرة بل هو قاعدة أخلاقية تمثل قيم الحياء والكرامة التي ميزت مجتمعاتنا لعقود طويلة. ومع ذلك يبدو أن هذه القيم بدأت تتآكل مع ظهور عصر السوشيال ميديا حيث أصبحت الشهرة الزائفة والمال السريع غايات تبرر أي وسيلة مهما كانت مبتذلة أو مهينة

منصة "تيك توك" التي بدأت كتطبيق ترفيهي بسيط تحولت إلى ساحة مفتوحة لكل أشكال الانحدار الأخلاقي. لم يعد الأمر مقتصراً على التسلية أو الإبداع بل أصبح تنافساً شديداً على كسب المال والشهرة عبر تقديم محتوى مبتذل يخلو من أي قيمة. مقاطع الفيديو التي تتسم بالسطحية والرقص المبالغ فيه والتلميحات التي تخدش الحياء أصبحت مشهداً يومياً يُطالعنا دون أدنى رقابة أو محاسبة

الظاهرة الأخطر هي أن بعض الفتيات أصبحن يقدمن أنفسهن كسلع لجذب المشاهدات وتحقيق الأرباح السريعة متناسيات تماماً قيم الكرامة والحياء. كل حركة وكل نظرة وكل كلمة تُباع في سوق "التريند" حيث أصبح اللايك والمشاهدة هما العملة الجديدة التي يتم بها تقييم البشر

ما يحدث على "تيك توك" ليس مجرد سلوكيات فردية بل هو مرض اجتماعي يتفشى بصمت يهدد بخلق أجيال تعتقد أن التفاهة هي الطريق للنجاح وأن المال يمكن أن يُبرر أي تصرف مهما كان مهيناً. هذا الانحدار لا يقتصر تأثيره على الأفراد بل يمتد ليشكل تهديداً خطيراً للهوية الثقافية والقيم الأخلاقية للمجتمع بأسره

المسؤولية في مواجهة هذه الظاهرة تقع على عاتق الجميع. الأسرة والمدرسة والجهات المسؤولة عن تنظيم المحتوى الرقمي يجب أن تتكاتف لوقف هذا السيل الجارف من التفاهة والانحطاط. لا يكفي حظر الفيديوهات المسيئة أو فرض القوانين فقط بل يجب إعادة بناء الوعي المجتمعي وتعزيز القيم الأخلاقية التي تاهت وسط صخب السوشيال ميديا

الحرية الشخصية لا تعني الانفلات ولا تبرر الإساءة للقيم والتقاليد. يجب أن نتذكر أن الشهرة الحقيقية تُبنى على الأخلاق وأن الجمال في الحياء والقيمة في الكرامة. لن تنجح أي منصة أو محتوى إذا لم يكن قائماً على احترام الذات والمجتمع

ما يحدث على "تيك توك" ليس مجرد ظاهرة عابرة بل هو أزمة أخلاقية تهدد عمق مجتمعنا وتضرب أسس قيمنا. أصبح هذا التطبيق ساحة لتسليع المبادئ وتحويلها إلى عروض مبتذلة في سوق الشهرة السريعة حيث الكرامة أصبحت سلعة رخيصة والحياء مجرد بضاعة تُعرض على الرفوف

هل هذا هو المصير الذي نريد أن نراه لأجيالنا؟ هل يمكن أن يقبل مجتمع له تاريخ عظيم وحضارة راسخة أن تُسحق قيمه تحت أقدام التفاهة؟ إن "تيك توك" ليس مجرد منصة بل هو معول هدم ينقض على القيم الأخلاقية التي تربينا عليها ليجعل من السطحية عنواناً والابتذال قيمة

لكل من يعتقد أن الصمت هو الحل أقول له : إن السكوت ليس حكمة بل تواطؤ في تدمير ما تبقى من هوية وطنية وإنسانية. نحن أبناء هذا البلد نتحمل مسؤولية الحفاظ على إرثنا الثقافي والأخلاقي ولن نسمح بأن تفقد الأجيال القادمة القدرة على التمييز بين القيم والأوهام

إن المسؤولية اليوم تقع على عاتقنا جميعاً. وعلى الجهات المعنية أن تتحرك بحزم وأن تتخذ قرارات صارمة لحماية شبابنا من الوقوع في براثن هذا الانحطاط. نحن لا نطلب سوى حماية القيم التي نؤمن بها والحفاظ على هذا المجتمع الذي لن يقوى إن تم محو ملامحه

أطالب بوقف هذا الانحدار ليس من باب القمع ولكن من باب الإنقاذ فالمسؤولية التاريخية تقتضي منا أن نكون الدرع الذي يحمي القيم والمستقبل الذي لا يمكن أن نتركه فريسة للتفاهة. نحن اليوم أمام مفترق طرق وقرارنا سيكون هو الفارق