الطريق
الثلاثاء 22 أبريل 2025 09:40 صـ 24 شوال 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
بالورش الحرفية والعروض الفنية.. ملتقى سيناء الأول لفنون البادية يواصل فعالياته بالعريش فيديو| مصر وفلسطين.. دعم دبلوماسي وإنساني| عرض تفصيلي مع عمرو خليل ضبط مصنع تلاعب في أوزان أنابيب الغاز بالغربية..صور الأولمبية الدولية تشيد بالتعاون المثمر مع وزارة الشباب والرياضة وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي سفير جمهورية التشيك بالقاهرة لبحث فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري المشترك مصر وقطر تُطلقان عامًا ثقافيًا مشتركًا في 2027 لتعزيز الحوار الثقافي العربي فيديو| عضو البتريوت: الرأي العام في أوكرانيا ضد وقف الحرب بالشروط الأمريكية في شم النسيم.. الورد بيتصنع بإيدين ستاتنا الحلوين صحة كفرالشيخ: مرور مكثف من فرق المراجعة الداخلية والحوكمة بالمديرية على العديد من المنشآت الصحية التابع للمديرية في إطار احتفالات محافظة الإسكندرية بعيد شم النسيم وتنفيذاً لاستراتيجيتها لتطوير الميادين والاهتمام بالنسق الحضاري والجمالي للمحافظة زيلينسكي: وفد أوكرانيا يصل لندن الأربعاء لإجراء محادثات بشأن وقف إطلاق النار بتوجيهات محافظ الوادي الجديد تسليم 410 مشروعًا متناهي الصغر لتمكين الأسر اقتصاديًا

أيمن رفعت المحجوب يكتب: بين الخرافة العلمية والفلسفة الدينية

د. أيمن رفعت المحجوب
د. أيمن رفعت المحجوب

من الثابت عند الأقدمين أن التفكير العلمى يبدأ بالتفكير الخرافى وينتهى إلى علوم مدارها السببية، وهى فى أكمل حالاتها تبدأ بأوائل الأمور وتنتهى بأواخرها، وهذا المذهب هو دائم النمو مع تطور البشرية والاستنتاجات العلمية المتتابعة.

وتظهر التفاصيل العلمية فى كل شىء لتزيد فى بيان ما هو صحيح وما هو خطأ، وقد تقضى أصغر التفاصيل على أكبر النظريات العلمية شيوعا، على أنى لا أرى أن هناك ما يدعو إلى التقديس الذى أصبغه العصر الحاضر على هذا النوع من التفكير، وليس لنا أن نتجاهل بأى شكل من الأشكال غيره من عموم المذاهب الفكرية الأخرى، ولا نزاع أن له على المذاهب الأخرى أفضلية وسهولة إثبات قضاياه وصدق البرهان عليها، ثم أن قوانينه مطردة، والاستثناء فيها غير مقبول إلا فى حالات نادرة. وخير ما فيه أن المعقول فيه يوافق الواقع الحتمى، وبذلك يكون الحق فيه أيضاً واضحا وضوح الشمس، ولكنه يظل ليس وحدة التفكير الطبيعى الوحيد فى الكون.

لأن الخرافات التى تتحول إلى علوم، ما هى إلا مذهب طبيعى أول، أما مذهب التفكير الطبيعى الثانى يمتد إلى “مذهب الفلسفة الدينية”، وهو والحق مذهب غائى شامل يبدأ بأواخر الأمور ويفسرها تفسيرا كاملا، وهو مذهب يضيق بالتفاصيل، ويزعجه البحث الدقيق فى ما هو واقع فعلا، وهو يعد قضاياه حقا مطلقا، إذا وافقها الواقع، فالواقع صواب، وإن خالفها فالواقع خطأ إلى أن يصوبه التأويل. ومن آثار هذا المذهب الدين والأخلاق والفلسفة الاجتماعية. والمحدثون الذين بهرتهم العلوم الطبيعية يميلون إلى التهاون بهذا المذهب، وقد لا يكون على حق فى ذلك، لأن وجهة الصواب والخطأ فيه تقوم على الإيمان واليقين بوجود الله عز وجل، وليس على حقائق مادية ملموسة كالعلوم الطبيعية، ومعايير الحق فيه مختلفة القياس، وفى أكثر أنظمته اختلاف واضح وأن تكون كلها معقولة ومقبولة فى التفسير، على أن الأمر ليس أمر مفاضلة بين المذهبين أو أيهما أقرب إلى الصواب. فالواقع أن كليهما طبيعى فى العقل البشرى، وكلاهما له أكبر الأثر فى تكوين الصورة الذهنية التى تكونت عليها المعرفة الإنسانية الأمس واليوم وغدا، وكل منها له موضع فى هذه الصورة التى لا تتم بدونهما معاً عند اكتمال الإيمان واليقين.

فإذا كان “المذهب الخرافى العلمى” هو تحقيق العلاقات القائمة بين الأشياء، فهو ينظم هذه العلاقات تنظيماً معقولا، ولكنه يقف عاجزا على تفسير البحث فى الكائنات الحية، والإنسانيات، والمعنويات والخلق والضمير والجمال. فإن الإنجاز والتحقيق العلمى للعلاقات فى هذه الأمور يصبح عسيرا جدا إن لم يكن مستحيلا، ولذلك يأتى “مذهب الفلسفة الدينية” ليملأ هذا الفراغ، ولا غنى لنا عنه وإن كان ميدانه يضيق شيئاً فشيئا. والحق أننا لن نجد مذهباً من هذين المذهبين الكبيرين نقياً من آثار المذهب الأخير. “فالخرافى العلمى” يلجأ فى كثير من الأحوال إلى اختراع نظم وفروض لا يبررها إلا الرغبة فى ملء الفراغ فى الواقع أو النظريات العلمية، “والمذهب الفلسفى الدينى” يلجأ كثيراً إلى تناول أمور تفصيلية ليس من طبيعته أن يتناولها فيضل بها كثيرا، ومن هذا الخلط نشأ كثير من الاضطراب والتفكك فى التفكير الإنسانى.

وفى النهاية يجب أن نؤكد أن اختلاف مذاهب التفكير لا يمنع من وصولنا إلى حقيقة الأمور مكيفة بهذا الجهاز العقلى الذى منحنا الله إياه، وعلى هذا يصبح البحث عن الحقائق أمراً مستطاعاً على النحو الذى يتيسر للعقل المتعلم، وكما قال رب العزة فى كتابه الكريم
“إنّما يخشى الله من عباده العلماء”
صدق الله العظيم.