حدث في مثل هذا اليوم… سقوط مدينة إشبيلية الأندلسية

وقع في مثل هذا اليوم 5 رمضان 646هـ و 22 ديسمبر 1248م سقوط مدينة إشبيلية، في مملكة قشتالة، إحدى أهم رموز حضارة الأندلس العريقة التي ظلت 5 قرون تنعم بالحكم الإسلامي بعد أن فتحها موسى بن نصير سنة 94 هجريا.
وكان ملك نصارى إسبانيا في هذه الفترة هو فرناندو الثالث، والذي يعد من أعظم ملوك إسبانيا وأكثرهم حربًا ضد المسلمين، وأيضًا على يديه سقطت معظم قواعد الأندلس التليدة، وكان منذ أن استولى على قرطبة أخذ في التفكير والإعداد لغزو إشبيلية، لأن إشبيلية كانت درة الأندلس.
وفي أوائل عام 644هـ /1246م، خرج فرناندو الثالث بحملة صليبية كبيرة، اشترك فيها الإسبان والبرتغاليون والفرنسيون والإيطاليون وفرسان الجماعات الدينية، إضافة لأسطول كبير أرسله بابا روما حينذاك، من أجل مساعدة الإسبان في الهجوم على إشبيلية.
ووضع فرناندو الثالث خطة محكمة تقوم على سياسة الإرهاق والمطاولة بالحصار المحكم من كل الجهات، مع الاستيلاء على سلسلة الحصون الأمامية لإشبيلية والتي تمثل خط الدفاع الأول والقوي للمدينة.
وقد شن الإسبان هجمات عنيفة على هذه الحصون، واستمر الحصار 15 شهر، استطاعوا خلاها الاستيلاء عليها كلها، وكان لابن الأحمر دور كبير في إقناع العديد من قادة هذه الحصون بالتسليم وعدم المقاومة، بالإضافة إلى اشتراك ملك غرناطة المسلم ابن الأحمر في الحملة ضد إشبيلية عملاً بشروط معاهدة السلام المخزية التي وقعها فرناندو الثالث.
بعد أن أصبحت إشبيلية بلا دفاعات أمامية، استعد أهلها لمعركة طويلة، وكان أبرز أسماء المقاومة القائد شقّاف، ويحيى بن خلدون، وابن شعيب، وغيرهم من أبطال المسلمين.
وبدأ الحصار المباشر لإشبيلية في جمادى الأولى سنة 645هـ، وتقاسمت الكتائب الصليبية مناطق الحصار، بحيث تكون المدينة مطوقة من كل اتجاه، ومعهم أيضًا الخانع الذليل ابن الأحمر، في هذا الوقت جاءت نجدة بحرية مغربية لفك الحصار البحري واشتبكت مع الأسطول النصراني وأوقعت به خسائر كبيرة، في حين كان المسلمون يخرجون من وقت لآخر ويشتبكون في قتال عنيف مع الصليبيين، حتى أنهم ذات مرة هاجموا معسكر فرناندو، وطالب الأخير الكثير من الإمدادات من البرتغال وفرنسا، وجاءت مجموعة كبيرة من الرهبان والقساوسة، وتم تشديد الحصار على المدينة.
اقرأ ايضا :حل مشكلة الحموضة والجهاز الهضمي في رمضان
وكان هناك جسر كبير على نهر الوادي الكبير عند جسر القلعة ناحية الجنوب الغربي للمدينة، كان المسلمين يتلقون المعونات الغذائية من خلال هذا الجسر، وحين علم فرناندو بذلك قام بتحطيم الجسر، وانقطع طريق الإمدادات الغذائية عن المدينة، واشتد الحصار بقوة علي مسلمين إشبيلية حتى فنيت الأقوات، وتساقط الناس صرعى من الجوع، وخارت قوة المدافعين عن القلعة.
أدى ذلك إلى لجوء المسلمين في التفكير في شروط التسليم بعد أن انقطعت عنهم كل سبل النجاة والمساعدة من الأندلس والمغرب، فعرض قادة القلعة شروط التسليم على فرناندو، فرفضها كلها إذ أصر على تسليم المدينة والقلعة كاملة سليمة وبلا شرط؛ إلا السلامة على النفس والمال.
لم ير زعماء إشبيلية وأهلها غير قبول مصيرهم المحتوم، واتفقوا على تسليم المدينة كلها نظير الخروج بالمال والولد والسلاح، مع إعطائهم مهلة مدة شهر لتسوية شئونهم وإخلاء المدينة.
وبعد انتهاء المهلة في يوم 5 رمضان 646هـ / 22 ديسمبر 1248م دخل فرناندو الثالث مدينة إشبيلية في موكب ضخم، وقام بتحويل الجامع الكبير إلى كنيسة.
وهكذا سقطت إشبيلية حاضرة الأندلس العظمى بعد أن حكمها المسلمون 554 سنة.