الطريق
السبت 19 أبريل 2025 10:21 مـ 21 شوال 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
بوتين يعلن هدنة إنسانية في أوكرانيا بمناسبة عيد الفصح ويدعو كييف لاحترامها أحكام مشددة في تونس بقضية «التآمر على أمن الدولة» محافظ الجيزة يلتقي أعضاء مجلسي النواب والشيوخ عن دوائر إمبابة والمنيرة والوراق وأوسيم ومنشأة القناطر وكرداسة عصام أبو بكر يكتب: مقترح غزة والسيناريوهات المحتملة وزيرة فلسطينية: نوثق انتهاكات الإحتلال الإسرائيلي بحقنا بشكل دقيق أستاذ علوم سياسية: الاتحاد الأوروبي وحده لن يستطيع الضغط على إسرائيل لوقف الحرب بغزة إعلام إسرائيلى: حكومة نتنياهو ترفض صفقة شاملة لتحرير المحتجزين الفنان محمد جمعة في وداع سليمان عيد: كان إنسانًا بحق وقلوبنا حزينة عليه مها الصغير تحكي عن علاقة الراحل سليمان عيد بالنجم أحمد السقا الفنان محمد عبدالرحمن يكشف تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة سليمان عيد: كان بيجهز نفسه للحج تأخر وصول إصدارات الناشرين المصريين إلى معرض الرباط الدولي للكتاب.. ووزارة الثقافة تتابع أزمة فيديو| سلوفينيا: نعترف بفلسطين دولة مستقلة ونرفض الإبادة الجماعية في غزة

تامر أفندي يكتب: حروف متداخلة في حديث الطلقاء ومقتل عثمان

تامر  افندي
تامر افندي

كنت شرعت في الحلقتين السابقتين في الكتابة عن خلفاء الدولة الأموية، إلا أن أحد الزملاء في معرض حديثنا أجمع الخلاف بين بني العباس وأمية في قول رسول الله «ص» في فتح مكة «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، ثم استرجاع اللفظ والحدث في خطبة السيدة زينب رضي الله عنها في مجلس يزيد بن معاوية وقولتها الشهيرة: «صهٍ.. صهٍ يا ابن الطُلقاء».

والحقيقة أن جملة الرسول «ص» الشهيرة كانت بداية أعوام من الصلح، قبل أن يتجدد الصراع من جديد بين بني أمية وبني هاشم، فوفقًا للعديد من المصادر فقد شهدت الجاهلية منافسة كبيرة بين البيتين القريشيين، الهاشمي والأموي، في حادثة التحكيم التي آلت فيها السيادة الدينية إلى هاشم وآله، وأخرجت أمية وبيته من مكة إلى الشام 10 سنين بحسب بنود الاتفاق.

وتقول بعض الروايات الشعبيَّة أن هاشم بن عبد مناف، الجد الأكبر للنبي محمد «ص» وعبد شمس بن عبد مناف كانا توأمان ملتصقان فصلهما والدهما عبد مناف بن قصي بالسيف، وحذره بعض الكهنة آنذاك من أن الدماء التي سالت بينهم تعني حروباً بين ذريتهم، ورأى المنجمون في الجزيرة العربية أن عبد مناف ارتكب خطأ فادحاً عندما فصل أبنائه بالسيف، ولكنها تبقى روايات غير مؤكدة لا يُمكن تأكيدها ولا نفيها.

وسأقفز معكم بالأحداث من خلافة أبي بكر وعمر حيث أن نار الصراع فيهما بين بني هاشم وبني أمية كانت مطفئة، إلا أنه بعد خلافة «عمر» هناك من نفخ في الرماد وأوقد النار، وتجلى ذلك واضحًا في واقعة زيارة ما نسبته بعضًا من الكتب أنه كان وفًدا مصريًا، لكنه كان من قبائل يمنية وعراقية دخلوا مصر محاربين فى جيش عمرو بن العاص، وقدموا على "عثمان" احتجاجًا على طلبه خمس خراج أفريقيا له، وأثناء عودتهم أتى لهم رجل يخبرهم على لسان علي بأن عثمان أرسل إلى وليه في مصر ليقتلهم، فعادوا إلى "علي"، فأقسم أنه لم يكتب لهم شيئًا، وكذلك أقسم لهم "عثمان" أنه لم يرسل شيئًا.. وأن الخاتم الممهور به الرسالة من خاتم منقوش على شكل خاتمه.. كل ذلك يؤكد أن هناك مؤامرة كانت تحاك لن نشير بأصابع الاتهام فيها لأحد ولن نأخذ برواية عن الأخرى.

وفي مقتل "عثمان" هناك دماء كثيرة على نصل سيوف عدة، بعضها كان بدافع أخطاء "عثمان" نفسه حيث أنه أطلق العنان لبني أمية وأسند إليهم الكثير من الأمور، وتغافل عن بذخهم المفرط وليس أدل على ذلك مما سيق في رواية المؤرخين عن انتقادات "أبي ذر الغفاري" الحادة ضد معاوية، بعدما ولاه "عثمان" الشام إذ قال: «يا معاوية، إن كان هذا من بيت مال المسلمين فهى الخيانة، وإن كان من مالك فهو الإسراف»، فكتب معاوية إلى الخليفة يقول له: «إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام.

وأشارت روايات متباينة إلى أن عمرو بن العاص كان ممن نفثوا في نار الفتنة، بعدما عزله عثمان عن ولاية مصر فعاد إلى المدينة وبدأ يؤلب الناس على الخليفة، وقالت بعض الروايات التاريخية أنه جرى مُخطط بين ابن العاص ومعاوية ابن سفيان.
ومع أن عثمان بن عفان رد عن نفسه كثيراً من التهم التي وجهت إليه، واستغفر لبعض أعماله التي أقر بأنها خطأ أخطأه، إلا أن الوقت كان مضى فقد سكنت الغيرة بعض القلوب وسكن الانتقام البعض الآخر، وبدت الفتنة واضحة وجلية إذ خرجت تخالط حتى العوام وتبسط لأعوانها السبل وتؤذن في الأقطار أن القادم هو عصر الفتن بعد عصور الاستقرار، وإني لم أرَ دهاء ولا مكرًا أشد مما وقع في هذه الفترة، فلكم من صحابي وقع في شرك تلك الفتنة، ولا يستطيع أحدًا من الرواة المنصفين الذين بلا هوى الحكم بالإدانة أو بالتبرأة، فالحقيقة هنا ليست مُطلقة، ولن تكون ثابتة إلا أمام الله، فلقد كانت السيدة عائشة وطلحة والزبير أول من حثوا الناس على مبايعة الإمام "علي" بعد استشهاد "عثمان" وما عدلوا عن ذلك إلا لاعتقادهم أن "عثمان" قُتل مظلوماً، وأن علياً بدل في موقفه، ولعلهم يرون ذلك لأنه ما فعل شيئاً لأخذ الثأر لعثمان.
قتل عثمان ودفن سرًا ولم يقتص له أحد برغم ما سال من دماء.. وبدءًا من هنا اختلط الحبر بالدماء..
ولنُكمل إن شاء الله حديثنا الأسبوع القادم