الطريق
الخميس 19 سبتمبر 2024 06:39 مـ 16 ربيع أول 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

أيمن رفعت المحجوب يكتب: مشكلة التمويل فى مصر

أيمن رفعت محجوب
أيمن رفعت محجوب

تقتضي التنمية الاقتصادية في مصر الحصول على الموارد اللازمة لتحقيقها في زمن قصير يتفق مع خطة الدولة و احتياجات الشعب المتزايدة.
وعلى ذلك فنحن في حاجة إلى وسائل تمكننا من الحصول على هذه الموارد من رؤوس أموال نقدية كافية بكل أشكالها وخاصة العينية منها.

وإذا كانت البلاد الأخذة في النمو تتصف بأنها تتميز بوجود موارد معطلة كبيرة ، إلا أنه يعاب عليها من ناحية أخرى ، بعدم توافر كل المواد اللازمة للتنمية الشاملة.
وتتمحور هذه الملاحظة في النوع اللازم من رؤوس الأموال النقدية إذ من المنطقي أن تتناسب الموارد المطلوبة للتنمية الاقتصادية مع النوع الملائم من العملات (مثل الدولار والاسترليني واليورو) ، فالعناصر التي تتوافر في الداخل ( اى من ايدى عاملة و مواد خام و الالات ..الخ )
يمكن تدبيرها بالعملة المحلية.
أما العناصر التي لا تتوافر في الداخل ، والتي يجب استيرادها ، لابد من تدبير عملات أجنبية تمكننا من هذا الاستيراد المتكرر.
فالدول الأخذة في النمو تكون وهي بصدد التنمية الاقتصادية في حاجة ، بالإضافة إلى العملة المحلية، إلى عملات أجنبية لاستيراد ما ينقصها من عوامل انتاج مثل الحالة المصرية الآن.

ومن هنا يتضح أن مشكلة التمويل تكون مزدوجة، إذ أنها لا تقتصر على مجرد توفير رؤوس الأموال النقدية ، بل تقتضي فوق ذلك تكوين رؤوس الأموال النقدية وهذه من النوع الملائم للحصول على اللعناصر اللازمة للانتاج والتنمية.

وعلى هذا فمشكلة التمويل تنصرف إلى توفير العملات الملائمة سواءً كانت محلية أم أجنبية ، وبالتالي نلاحظ أن مشكلة العناصر العينية تتوقف على مشكلة التمويل ، لأن الحصول على العناصر العينية يتوقف على توفير وسائل التمويل غير التقليدية ، هذا إلى جانب أن المشكلة الأولى , تحدد ومن ناحية أخرى , نوع العملات المطلوبة للتمويل (فإذا كانت المواد المطلوبة من أوروبا – يجب توفير عملة اليورو ، أما إذا كانت من أمريكا – فيجب توفير الدولار).

لذلك نخلص إلى أنه لا تنمية بدون استثمار، ولا استثمار بدون تمويل ( محلى او اجنبى )، فالتنمية الاقتصادية تحتاج إلى رؤوس أموال نقدية للقيام بالاستثمارات ، وقد يتم هذا في مصر إما عن طريق القروض والمنح الخارجية وإما عن طريق تكوين مدخرات قومية أو الاثنين معاً.

ونشير هنا إلى أن مصر سعت إلى تكوين مقدار من الادخار القومى يناسب مقتضيات التوسع الاقتصادي المحقق للتنمية السريعة، فلقد لجأت مصر إلى تمويل جزء من التنمية الاقتصادية بوسائل داخلية (مثل إصدار شهادات استثمار متنوعة و طرح سندات اذون خزانة و رفع سعر الفائدة على الودائع) ولجأت أيضاً إلى وسائل خارجية لتمويل مشروعات أخرى تتطلب عملات أجنبية (مثل محطات الكهرباء والعاصمة الجديدة وغيرها) من خلال الاقتراض المباشر و الغير مباشر و التمويل من خلال المشاركة و اصدار سندات دولارية ايضا.

ويتضح لنا أن هذا الجمع بين النوعين من وسائل التمويل كان ضرورة ملحة لأن مصر تريد تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة في أقل وقت ممكن.
مما دفع السياسة الاقتصادية إلى استخدام الأدوات المالية والنقدية المتاحة للتوسع فى الاستثمار ، وإلى تقييد الاستهلاك في صالح الادخار وذلك لمعالجة الوسائل الداخلية في التمويل .
أما بخصوص التمويل من الخارج فإننا نستبعد دور السياسة الاقتصادية (خاصة المالية) لأن هذا النوع من التمويل يرجع بالدرجة الأولى إلى العلاقات الدولية بين مصر ودول العالم والمؤسسات المانحة وحسب الظروف السياسية والاجتماعية ومتانة علاقاتنا الدولية بالأخر وتحسن مركز مصر الاقتصادى من خلال ما تم من بعض الاجراءات الاصلاحية , وان كنت ارى ان هذا ليس هو السبب الاهم الان فى التحول الايجابى فى علاقتنا الدوليةمع الاخر.

فالحق أن هذا النوع الخارجي من التمويل قد لعبت الدول العربية فيه دوراً واضحاً منذ تولي الرئيس السيسي الحكم وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة الامارات والكويت والبحرين وساطنة عمان , والأمر يرجع في النهاية إلى الجهد الذي بذل من قبل الادارة المصرية لإعادة مكانة مصر في منطقة الشرق الأوسط .

ولكن ولكي نكون موضوعين، يجب التخلص تدريجياً من وسائل التمويل الأجنبي وان نقلص الدين الداخلى، حتى لا تتحمل الأجيال القادمة أعباء الدين الداخلى و الخارجي وفوائدهما، وأن ننظر إلى الاقتراض بغرض التنمية على أنه شر لابد منه مرحلياً وليس عنصراً أساسياً من عناصر تكوين هيكل الاقتصاد المصري المستقل لكي نكون دولة متقدمة في اسرع وقت ممكن.

موضوعات متعلقة