الطريق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 05:27 مـ 17 ربيع أول 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

بعد تشغيل سد النهضة.. ما الخطوات التي ستتخذها القاهرة والخرطوم في المرحلة المقبلة؟

مصر والسودان وإثيوبيا
مصر والسودان وإثيوبيا

بدأت أديس أبابا، تشغيلًا محددًا لسد النهضة على النيل الأزرق كمرحلة أولى لإنتاج الكهرباء، وهو ما وصفته الخارجية المصرية بإمعانًا من الحكومة الإثيوبية في خرق التزاماتها، وخطوة أحادية من الجانب الإثيوبي تمت دون اتفاق قانوني ملزم حول قواعد الملء والتشغيل، لتجنب الإضرار بحقوق جميع الأطراف في المياه، وما اعتبرته الخارجية السودانية مخالفًا لروح التعاون وخرقًا جوهريًا للالتزامات القانونية الدولية، ونتيجة لذلك يوضح المحللون السياسيون في هذا التقرير الخطوات التي ستخذها القاهرة والخرطوم للرد على الإعلان الإثيوبي الأحادي، والاستعدادت المصرية السودانية لمواجهة خطر الملء الثالث.

وفي هذا الصدد قال رامي زهدي الخبير في الشؤون الإفريقية، إن مصر لا تزال متمسكة بالمسار الدبلوماسي فيما يتفق مع القوانيين والمعاهدات الدولية خاصة فيما ينظم علاقات الدول بالأنهار، بالإضافة للمسار الدبلوماسي تمارس مصر خطوات فعالة في عرض شرعية الحق المصري الأصيل في الحفاظ علي الحقوق المائية، ولا تحضر مصر أي قمة دولية متعددة الحضور الدولي أو ثنائية إلا وتؤكد علي الحقوق المصرية المائية.

وتابع الخبير في الشؤون الإفريقية في تصريح خاص لـ«الطريق» أن الموقف المصري يحظى بدعم دول عديدة، وهو ما يقوي موقف مصر القانوني في حالة إذا ما تطور الأمر إلى أبعد من الموقف الحالي أو في حالة العودة الجادة لمسار المفاوضات أو في حالة تداخل أطراف دولية خارجية مؤثرة لحل الأزمة.

إعلان مفتقد للشرعية

وأوضح رامي زهدي، أن الإعلان الإثيوبي بتوليد الكهرباء من سد النهضة مفتقد للشرعية، إذ أنه جرى بدون اتفاق وتوافق ملزم لكافة الأطراف، مشيرًا إلى أن هذا الإعلان يمس السياسية الداخلية و يهدف إلى مخاطبة الرأي العام الإثيوبي المفكك الآن أكثر من حقيقة المشروع ذاته، الذي منذ إعلان البدء فيه عام 2011 وحتى الآن تجاوز حاجز العشرة سنوات لمشروع كان مقررًا له ثلاث سنوات.

ملء ثالث ضعيف وغير مؤثر

وكشف الخبير في الشؤون الإفريقية، أنه طبقا لآراء عدد من الخبراء علي مستوي العالم، لايزال مشروع السد يوصف بالمثير للجدل في ظل ضبابية المعلومات الرسمية، حتي مع إعلان بدء توليد الكهرباء من أحد التروبينات، فإن الكمية المنتجة المعلن عنها مشكوك في حقيقتها وحتي لو كانت حقيقية فهي كمية صغيرة أقل كثيرًا من المستهدف ولا تفي بنسبة مؤثرة من احتياج الشعب الإثيوبي الذي يعاني أكثر من 70٪ منه من نقص شديد في الكهرباء بينما يفتقد أكثر من 40٪ منهم للكهرباء تمامًا، بينما يعتمدوا علي مصادر طبيعية مثل الفحم لتوفير أي قدر من الطاقة، أيضا حتي الآن لا يوجد تأكيد رسمي علي توافر البنية التحتية المناسبة لنقل الكهرباء من مصادر الإنتاج إلى نقاط الاستخدام، وبالتالي يتوقع ملء ثالث ضعيف وغير مؤثر وأن حدث مثلما كان الملء الأول والثاني.

مصر تعلم كثيرا عن خطط استكمال السد

وأشار "زهدي" إلى أن مصر تتابع وتعلم كثيرًا عن خطط استكمال السد وكذلك مراحل الملء، ولاتزال مصر مستعدة للتفاوض ولاترغب في ضرر الآخر سواء الشعب الإثيوبي أو غيره، وربما مصر مستعدة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية ودبلوماسية أو أكثر من ذلك في حالة ثبوت حدوث ضرر لمصر أو تأثير علي حصص مصر المائية أو حتي تهديد بخطر احتمالية انهيار السد أو أجزاء منه ربما لأسباب فنية عديدة، أعلنها عدد من الخبراء وهذه الأسباب أما فنية ذات صلة بأخطاء في تصميم وبناء السد أو ذات صلة بطبيعة الأرض في هذه المنطقة الجغرافية.

خطوة إثيوبية استفزازية متوقعة

ومن جانبه قال الدكتور سعيد ندا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الإعلان عن البدء في توليد الكهرباء من سد النهضة خطوة إثيوبية استفزازية متوقعة فى هذا التوقيت بالذات ضمن سياسات الأمر الواقع وحافة الهاوية التى تتبعها إثيوبيا منذ شروعها فى بناء السد عام 2011، فمن ناحية أولى تسابق إثيوبيا الزمن لفرض الإنتهاء من المشروع كأمر واقع طالما كان رد الفعل المصرى والسودانى لا يتجاوز الطرق الدبلوماسية طويلة المدى.

وتابع أستاذ العلوم السياسية في تصريح خاص لـ«الطريق» قائلًا:" ومن ناحية ثانية اختارت إثيوبيا هذا التوقيت تحديدًا للإعلان عن خطوتها الاستفزازية كعادتها فى أوقات انشغال الخصوم أو فى أوقات انشغال العالم فالسودان بلا حكومة وأنهكته أوضاعه الداخلية والعالم منشغل فى الحرب الاقتصادية التى تدور رحاها حاليًا بين الغرب والشرق وبالأزمة الروسية الأكرانية والصينية التايوانية ولا مجال لطرح القضية على مجلس الأمن وبخاصة بعد تمييع مجلس الأمن للقضية عند محاولة عرضها فى المرة السابقة، وهو ما اتبعته إثيوبيا عند شروعها فى بناء السد أثناء انشغال مصر فى أحداث ثورة 2011، ومن ناحية ثالثة تسترسل إثيوبيا فى مثل هذه الأوضاع استخدام سياسة حافة الهاوية غير عابئة بكل السبل والوسائل الدبلوماسية وبخاصة فى ظل عجز الاتحاد الإفريقي عن اتخاذ قرارات حاسمة وعدم قدرته على تفعيل قراراته أن هو اتخذها.

الخيارات المتاحة أمام مصر والسودان

واختمم أستاذ العلوم السياسية حديثه، قائلًا:" وأما عن الخيارات المتاحة أمام مصر والسودان ففى تقديرى الذى أتبناه منذ فترة لا مناص عن اللجوء جديا إلى استخدام القوة العسكرية وفق الطريق الذى رسمته قواعد القانون الدولى، فالقانون الدولي في تقديرى يسمح بذلك وفق ضوابط معينة، ولنا فى هذا الموضوع دراسة منشورة، ويتطلب اللجوء إلى استخدام القوة أن يسبقه ويتزامن معه بذل جهود مصرية وسودانية معينة ومكثفة بيناها فى تلك الدراسة ويمكن الرجوع إليها.

وقالت الدكتورة ريم أبو حسين، الخبيرة في الشأن الإفريقي، إن إثيوبيا لاتزال تتبع سياسة الأمر الواقع في قضية سد النهضة والإعلان عن بدء توليد الكهرباء من السد يمثل تجاهل لاعتراضات مصر والسودان دولتي المصب السابقة على الملء الأحادي والذي بسببه توقفت المحادثات بين الأطراف الثلاثة.

وتابعت الخبيرة في الشأن الإفريقي، في تصريح خاص لـ«جريدة الطريق» أن مصر في الوقت الحالي لابد أن تقوم بتحرك دبلوماسي علي عدة مستويات دولية وقارية وإقليمية وتتضمن الولايات المتحدة الأمريكية، ورئيس الاتحاد الإفريقي، وأيضا التنسيق مع دولة ذات ثقل قاري كدولة جنوب إفريقيا، كذلك التحدث مع دول عربية ذات مصالح مع النظام الإثيوبي لحثه على الجلوس لطاولة المفاوضات والتوصل لاتفاق ملزم يوفر لدولتي المصب الاطلاع على خطوات تشغيل السد قبل تنفيذها.

وأضافت أنه لابد من التنسيق بين مصر والسودان لعقد اجتماع عاجل مع رئيس الوزراء الإثيوبى برعاية وحضور رئيس الاتحاد الإفريقي الحالي لتقريب وجهات النظر، وأيضا لدفع إثيوبيا للتوقيع على اتفاق عادل بالنسبة لدولتي المصب وكذلك إثيوبيا.

فيما قال الدكتور على أحمد جاد، مدير المركز الإفريقي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، إن مصر تسعى دائمًا في الاتجاه السلمي، لأنها تدرك أن الحرب تدمر اقتصاد الدول، وعلى ذلك فإن مصر تلقي الضوء على الخروقات التي تقوم بها إثيوبيا لاتفاق إعلان المبادئ 2015 أمام المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإقليمية وتستهدف من ذلك أمرين: الأول هو الضغط على إثيوبيا من أجل التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يضمن سلامة السد، ويدفع إلى تخفيض سعة السد في النهاية، والثاني هو أن تم الضرربمصر وحصتها المائية، واتخذت إجراءات عسكرية ترد الأمور إلى نصابها لتجد معارضة دولية فعالة.

خرق جديد لاتفاق إعلان المبادئ

وتابع مدير المركز الإفريقي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، في تصريح خاص لـ«جريدة الطريق» قائلًا:" وبخصوص توليد الكهرباء والملء الثالت لابد أن يدرك الشعب المصري أن الملء الثاني لم يتم حتى الآن، إذا كان من المقرر أن يكون 13 مليار متر مكعب، ولكن ما تم حتى الآن حوالي 8 مليار متر مكعب في الأول والثاني بعجز 10 مليار، وعلى كل حال الملء الثالث يقتضي الاستعداد له مبكرًا وهذا لم يحدث حتى الآن، مما يعني أنه ولو تم فسيكون في حدود مليار واحد لمخاطبة الداخل الإثيوبي وهو خرق جديد لاتفاق إعلان المبادئ أيضًا.

وأضاف مدير المركز الإفريقي، أنه لا يوجد شرعية للإعلان الإثيوبي بتوليد الكهرباء من سد النهضة، إذا أن اتفاق المبادئ ينص على وجود اتفاق بين جميع الأطراف على كل خطوة وهو مالم يحدث، وإنما يتم بخطوات أحادية الجانب من إثيوبيا يدفعها إلى ذلك مخاطبة الداخل الإثيوبي، وأيضًا الصراع الحضاري والنفسي الإثيوبي من مصر.

اقرأ أيضًا| السودان يستنكر الإجراءات الإثيوبية بتوليد الكهرباء من سد النهضة