الطريق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 04:22 مـ 17 ربيع أول 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

مدحت بركات يكتب: تفقهوا قبل أن تحجوا «2»

فلا يعقل ولا يقبل أن يذهب الحاج إلى بيت الله الحرام قبل أن يتفقه بأركان الحج وسننه ومستحباته، وصفة حج النبي صلى الله عليه وسلم وما يجب أن تكون عليه أخلاق الحاج.

لا يقبل أن يعود الحاج من هذه الفريضة كما ذهب، لا يقبل أن يوجد الحاج في المشاعر المقدسة دون أن يشعر بها.

لا يقبل أن يلقي الحاج الجمرات بعيدا عن معاداة الشيطان وعند العودة يكون ألعوبة في يد الشيطان..

ولا يعقل ولا يقبل يأتي الحاج من البلاد البعيدة ليجلس في المشاعر المقدسة يأكل ويشرب وينام ويتكلم في شؤون الدنيا فهذا الحج لا يحقق مصالح المسلمين في الدنيا والآخرة..

لذلك يحتاج الحاج لكلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تفقهوا قبل أن تحجوا..

فأنت تحتاج معرفة حكمة الله من الحج ومن المناسك حتى ترتفع الدرجة الإيمانية وتصل لدرجة عالية من العبودية..

الحج أمر من الله..

حيث قال: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)..

والأصل أننا نعبد الله في الحج لأن الله أمرنا به..

والرسول صلى الله عليه وسلم جعل لنا أركان هذا الدين ومن ضمن هذه الأركان هي الحج، فقال

الرسول صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام علي خمس أن تشهد أ لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة والحج وصوم رمضان

ونحن في علاقتنا مع الرب سبحانه له الأسماء الحسنى أن نحن عبيد نعبد الله تعالى كما يريد لا كما نريد لأنه هو الإله ونحن العبيد..

والعبد خاضع لا يعترض ولا يناقش هذا معنى الإسلام، بل نستسلم فالإسلام هو الاستسلام لأمر الله دون تردد ودون نقاش، فمن يناقش ويعترض على الأمر فقد قلد إبليس عندما أمره الله أن يسجد لآدم فرفض وجعل لنفسه الأحقية في أن يناقش ويجادل فاستحق النار..

ولا جزاء للحج إلا الجنة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الغازي في سبيل الله عز وجل والحاج والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم.

الحج لا يفيد إلا التائب من الذنب ليس للمستمر فيه بل التائب إلى الله المقلع عن ذنوبه إقلاعا لا رجعت فيه..

مناسك الحج من شعائر الله، قال تعالى: (ومن يعظم شعائر الله فهي من تقوي القلوب).. فأداء الشعائر شيء وتعظيمها شيء آخر ومن تعظيمها أن يؤديها الحاج كما فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يؤديها على شوق وطيب نفسه..

فالغاية من الحج أن تعود كما ولدتك أمك..

ومن مناسك الحج الإحرام:

يبدأ الحاج بخلع ملابسه المخيطة التي تعبر عن دنياه أو عن حجمه المالي ودرجته المالية أو العلمية أو الدنيوية وتعبر عن انتمائه إلى دولة ومستوى اقتصادي واجتماعي ومذهب ديني، هذه الملابس تعبر عن هوية الإنسان ولو بقي بهذه الملابس التصق بدنياه، ولكن الإسلام بحكمته شرع اللون الواحد والتصميم الواحد حتى تختفي الهوية الخاصة ويبقى البشر هويته واحدة ويظهر الناس متساويين في كل شيء وتذوب الفروق الدنيوية والطبقية..

وبعد أن يخلع الملابس المخيطة ويلبس الإحرام ويدخل في سلسلة الممنوعات.. يحظر على الحاج لبس المخيط والتطيب والحلق والتقصير ومقاربة المتعة ولا رفث ولا فسوق ولا جدال.. ليحكم اتصاله بالله..

يوم وقفه عرفات..

يوم اللقاء الأكبر بين العبد المشتاق ورب رحيم تواب، وبين هذا الإنسان الصغير وبين الرب الخالق الأزلي الكبير الباقي هو لقاء بين العبد وربه

هو من الأيام تجاب فيها الدعوات يباهي فيه الله الملائكة بأهل عرفات وهو يوم عظم الله امره و رفع على الأيام قدره ويوم إكمال الدين وإتمام النعمة ويوم مغفرة الذنوب والعتق من النار

يوم عرفة يوم المعرفة ويوم المغفرة، وتنزل فيه الرحمات على العباد من خالق الأرض والسماوات..

وقيل من وقف في عرفات ولم يغفر الله له فلا حج له..

وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات وقد كادت الشمس أن تتوب وقال: يا بلال أنصت إلى الناس، فقال بلال: أنصتوا للرسول صلى الله عليه وسلم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: يا معشر الناس جاءني جبريل يقرأني من ربي السلام، وقال إن الله عز وجل غفر إلى أهل عرفات وأهل المشعر الحرام وضمن عنهم التبعات، فقام عمر ابن الخطاب قال يا رسول الله هذه لنا خاصة، قال: هذه لكم ولمن يأتي من بعدكم إلى يوم القيامة..

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله عبد من النار من يوم عرفة، وأنه ليدنوا عز وجل ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ماذا أراد هؤلاء انظروا إلى عبادي شعثا غبرا اشهدوا أني غفرت لهم،

لذلك يشعر الحاج الصادق أنه قد غفر له ويرجع كما ولدته أمه..

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير الدعاء من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير..

موقف عجيب في عرفات يغطيه نبات بشري البشر مختلف ألوانه اغصانه تلك الأيدي المرفوعة من الأرض للسماء..يري الحاج بين يديه صورة مصغرة للمحشر العظيم يوم القيامة وعليه أن يستعد له منذ الآن لأن رحلة الحج يعود منها الإنسان الي وطنه.. وإما المحشر العظيم يوم القيامة لا يعود منها الإنسان الي وطنه فالحج هو الرحلة قبل الأخيرة.. واستعدادا للرحلة الأخيرة.

موضوعات متعلقة