من يدفع فاتورة إعادة إعمار غزة ؟

لا تزال غزة تحت وطأة الدمار الذي خلفته الحرب الاسرائيلية علي القطاع والمستمر منذ السابع من أكتوبر 2023 بعد عملية طوفان الأقصى والذي شنتها فصائل المقاومة الفلسطينية ضد اسرائيل إلا أن الرد الإسرائيلي فاق كافة التوقعات، فقام الاحتلال الإسرائيلي بتدمير أكثر من 31 ألف مبنى وتضرر بشكل كبير حوالي 17 ألف مبنى فيما تضرر بشكل متوسط أكثر من 41 الف مبنى، ليصبح عدد المباني المتضررة حوالي 89 ألف مبنى منها 104 مباني تابعة للأمم المتحدة، فيما تقدر أعداد الوحدات السكنية التي تم تدميرها بشكل كلي بما لا يقل عن 86 ألف وحدة سكنية، إضافة الى تدمير أكثر من 294 ألف وحدة سكنية بشكل جزئي لتشكل في مجموعها حوالي 70% من الوحدات السكنية في قطاع غزة، بالاضافة الى تدمير المستشفيات فقد تم تدمير 32 مستفشي تدمير كلي و25 مستشفي بشكل جزئي، وأما المدارس والجامعات فقد تم تدمير 103 بشكل كلي و311 بشكل جزئي، وكما تم تدمير 243 مسجد بشكل كلي و321 مسجد بشكل جزئي وايضاً 3 كنائس، وكذلك تم 181 مقر حكومي تابع للحكومة الفلسطينية فى القطاع، بالاضافة إلى آلاف المباني من المنشآت الاقتصادية وتدمير كافة مناحي البنى التحتية من شوارع وخطوط مياه وكهرباء وخطوط الصرف الصحي وتدمير الأراضي الزراعية ليجعل من قطاع غزة مكاناً غير قابل للعيش، حيث قدرت الخسائر الأولية المباشرة لعدوان الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة بحوالي 30 مليار دولار وذلك وفقاً للمكتب الاعلامي الحكومي.

وبحسب تقرير للأمم المتحدة بأن إعادة إعمار قطاع غزة قد تستغرق قرنًا، إذا استمرت بوتيرة بطيئة مثل تلك التي شهدتها بعد الصراعات السابقة. ويشير التقرير إلى أن القصف الإسرائيلي المستمر لمدة 7 أشهر تسبب في خسائر بمليارات الدولارات وأدى إلى دمار كبير، لدرجة أن مسؤولًا في الأمم المتحدة وصفه بـ"سطح القمر". فيُقدر التقرير أن إعادة إعمار غزة، ستتطلب 80 عامًا لاستعادة جميع الوحدات السكنية المدمرة بالكامل. وحتى في أفضل السيناريوهات ، بحيث يتم تسليم مواد البناء بسرعة خمس أضعاف ما كانت عليه في الأزمة السابقة عام 2021، فإن ذلك سيتيح إعادة الإعمار بحلول عام 2040. ويحذر التقرير من أن الدمار الهائل سيُؤدي إلى معاناة مستمرة لعقود ، مُقدرًا أن الفقر في القطاع سيصل إلى 60.7% في حال استمر الصراع 9 أشهر.

وهو ايضاً ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال كلمته خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة في ذكرى "يوم الشهيد" والذي أكد فيها أن تكلفة إعمار غزة ستزيد على 90 مليار دولار وذلك بعد تكليفه للجهات المختصة بإعداد دراسات لمعرفة تكلفة إعادة إعمار غزة، وأن هذه الدراسات انتهت إلى هذا المبلغ.

وبحسب دراسة نشرها مركز الدراسات بقطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة أنه يوجد في قطاع غزة عدد من المدارس يُقدر بـ 550 مبنى مدرسيًا، منها 303 مبانٍ مدرسية حكومية، و182 مدرسة تابعة للأونروا و65 مدرسة خاصة، وقد تحولت المدارس التابعة للأونروا، إلى ملاجئ في الفترة الأخيرة نتيجة الهجوم المتزايد لقوات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، وكما يوجد يوجد 35 مستشفى، منهم 13 مستشفى من مستشفيات وزارة الصحة في قطاع غزة، وكما يمتلك قطاع غزة محطة وحيدة للكهرباء، تم تنفيذها في أبريل عام 2017، وتبلغ طاقتها القصوى 120 ميجا واط، وبالنسبة لمحطات المياه فتنتشر محطات تحلية مياه البحر في القطاع؛ نظرًا لتسرب مياه البحر إلى مياه الخزانات الجوفية، إذ يبلغ إجمالي عدد هذه المحطات 97 محطة، منهم فقط 52 محطة مرخصة.

وأكدت الدراسة أن التكلفة التقديرية لإعادة الإعمار وفقًا لافتراض استمرار الحرب حتى تقضي على النسبة الأكبر من المباني والبُنى التحتية في القطاع، فتكلفة ما تم تدميره من الوحدات السكنية سيبلغ 33.5 مليار دولار بتكلفة حوالي 100 ألف دولار لكل وحدة، وتكلفة إعادة إعمار ما تم تدميره من المدارس 2.1 مليار دولار بتكلفة 3.8 مليون دولار لكل مدرسة، وتكلفة إصلاح محطات تحلية المياه 120 مليون دولار، وتكلفة إعادة إعمار محطات ضخ المياه والصرف الصحي 860 مليون دولار، وتكلفة إعادة إعمار مستشفيات غزة ستبلغ 1.7 مليار دولار بتكلفة 50 مليون دولار لكل مستشفى، وتكلفة إعادة تهيئة وتشغيل الطرقات ستكلف 3 مليار دولا، وتكلفة إعادة إعمار المقرات الحكومية بغزة ستبلغ حوالي 300 مليون دولار بتكلفة 3 مليون دولار لكل مقر، وتكلفة إعادة إعمار المساجد ستكلف 150 مليون دولار بتكلفة مليون دولار لكل مسجد، وتكلفة إعادة إعمار ما تم تدميره من الكنائس 3 مليون دولار بتكلفة مليون دولار لكل كنيسة، فالتكلفة الإجمالية ستبلغ 41.9 مليار دولار حسب الدراسة.

وتشير الدراسة إلي أن آليات الحل تكمن فى إيجاد حلول جذرية ومستدامة. فيتطلب الأمر تأسيس صندوق عربي لدعم غزة لمساعدة القطاع على تحمل تكاليف إعادة الإعمار الضخمة نتيجة الدمار الكبير، كما يتطلب الأمر زيادة التمويلات الدولية لمساعدة القطاع على التعافي من النزيف الاقتصادي الذي أصاب القطاعات الحيوية، لا سيما القطاع الصحي المتضرر بشكل كبير، ولكن الأهم هو حلحلة القضية الفلسطينية من خلال حوار موسع يجمع الفواعل الدولية والإقليمية لتجنب تكرار المآسي التي تؤدي إلى الدمار الكبير والمعاناة الاقتصادية في قطاع غزة، يجب أن يكون التركيز على حلول دائمة تحافظ على ما يتم من إنشاءات بعد تسوية الحرب الحالية، وتضمن مستقبلًا أفضل لسكان غزة.