الطريق
الإثنين 21 أبريل 2025 10:15 صـ 23 شوال 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
سلسلة غارات جوية إسرائيلية عنيفة جنوبى لبنان انطلاق معرض الربيع التشكيلي في الكويت بمشاركة عربية ودولية اليونان تئن تحت وطأة الغلاء.. الأسعار تشتعل وسط أزمة اقتصادية خانقة نجوم الطرب بالأوبرا تتألق فى احتفالية أعياد الربيع وزير التموين يقرر تخفيض أسعار الدواجن المجمدة والبيض بمناسبة أعياد الربيع وشم النسيم في العريش.. وزارة الثقافة تطلق ملتقى سيناء الأول لفنون البادية احتفالا بالذكرى الـ43 لتحرير سيناء فيديو| اتهامات متبادلة بين موسكو وكييف حول خرق وقف إطلاق النار الهش إسرائيل تعيش حالة من التوتر الداخلي وتحذيرات من ”اقتتال يهودي يهودي” شاهد| عرض تفصيلى: أمريكا والهند.. محطات الهدوء والتوتر وسط أجواء مشحونة تجاريًا.. واشنطن تستقبل اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولى والدة إمام صلاة التراويح الكفيف بالجامع الأزهر تبكي على الهواء في ”الستات مايعرفوش يكدبوا” النجمة صابرين ضيفة مها الصغير في ”السهرة” مساء شم النسيم على CBC

”رجال في الشمس”.. قراءة تحليلية في رواية ”كنفاني”

الكاتب أحمد الدليل
الكاتب أحمد الدليل

مثَّلت «رجال في الشمس» وثيقة اجتماعية تناولت أبعاد النكبة الفلسطينية وتأثيرها عندما صورت الفلسطيني في صورة لاجئ، وقد جمعت المتناقضات الذهنية والثنائيات الشعورية. العنوان نفسه جمع التناقض فكلمة رجال تصف شجعانًا، لكن تخذلنا انهزاميتهم، أما الشّمس فتصبح أداة للهلاك واليأس لا الحياة والأمل.

غسان كنفاني –مؤلف الرواية- ولد 1936 في عكا، هو روائي وصحفي فلسطيني، عمل مدرسًا للتربية الفنية، انتقل بعدها للكويت مدرسًا للرسم والرياضة، ليبدأ وقتها إبداعه الأدبي، ثم انتقل للبنان وعمل محررًا أدبيًا، ثم رئيسًا لتحرير جريدة المحرر، ونال جائزة أصدقاء الكتاب عام 1966، أنتج روايات عدة، واستشهد عام 1972، إثر انفجار عبوة ناسفة بسيارته.

الرواية في سطور

تحكي الرواية قصة 3 فلسطينيين قرروا السفر تهريبًا للكويت لأجل حياة أفضل؛ فاجتمعوا بالبصرة، والتقوا سائق شاحنة مياه عرض توصيلهم شرط الاختباء بخزان المياه الذي لقوا حتفهم خنقًا داخله خلال توقف الشاحنة بإحدى نقاط التفتيش الحدودية، دون أن يدقوا جدرانه لطلب المساعدة.

تعد رجال في الشمس التي أنتجت 1963، رواية خيالية تاريخية رغم اعتمادها الأسلوب الواقعي المشوق والمؤثر والصادم، وقد نجحت في إيصال الرسالة والمغذي، فأفادت نهايتها عدم جدوى محاولات الخلاص الفردي، حيث اتضح المغذي والرمزية في عدم دق أبطالها جدران الخزان ليموتوا اختناقاً، دون طلب المساعدة، ما يشير إلى الصراخ الشرعي الفلسطيني المفقود.

الشخوص.. صورة وطن

مثل أبطال الرواية مختلف أطياف وأجيال الشعب الفلسطيني، وصورة الفلسطيني اللاجئ بعد النكبة، جمعهم حلم السفر للكويت لتغيير أوضاعهم، ومثل المؤلف الشخصيات الثلاثة الرئيسية بالشعب المستسلم الضعيف والسائق بالقيادة المستغلة الفاشلة، واعتمد في الحوار بين الشخصيات على المونولوج في سرد الاحداث والذي يظهر الشخصيات ويعريها أمام نفسها والآخرين، ففي سؤال أسعد لأبو الخيرزان السائق (ألم تتزوج أبدا؟) قدرة فنية على استبطان داخل الشخصية.

رواية غسان كنفاني

التوظيف اللغوي.. دقة الوصف وعمق السرد

استخدم كنفاني لغة مختصرة مزدحمة بالرمزية، فكل كلمة تصف حالة، وتوحي بمعان لم يقرها المؤلف مباشرة، ولكي يزيد السرد عمقا ربط بين الحدث والشخصية وبين اللغة.

ووظف المؤلف عبارات تخدم الرمزية وتقدم صورة حية واضحة حول الحال والحدث والشخصية، «الطائر الأسود ما زال يحوم على غير هدى...»، ووظف عبارات للتراث الفلسطيني والعربي مثل «قبل أن تزف حواء إلى آدم» وغيرها.وتكررت العبارات الاستفهامية، والكلمات التي التصقت ببعضها لتفيد التوكيد. وراعى المؤلف بدقة استخدام علامات الترقيم والتعجب والاستفهام، وأقواس التنصيص، والنقاط والفواصل بأنواعها.

مثلث الصراع.. عبقرية أدبية

في رواية «كنفاني» نلمح مثلث الصراع الذي يعيشه الفلسطيني مع نفسه وغيره ومع الواقع المرير، كذلك صراع الأسئلة التي لم تجد إجابات وقد اتضح ذلك من خلال النهاية التراجيدية المأساوية للرواية، عندما لم يفتح أبطالها خزان المياه ليواجهوا الموت خنقًا.

وعكس اتساع مساحة الحواريات الثنائية عبقرية الحبكة؛ فأظهر المؤلف الأصوات الداخلية للشخوص؛ فبينما كانا مروان والسائق يتجدلان حول أجرة الطريق تداعيت الذكريات ليعود السائق بالقارئ إلى سنوات ماضية ليروي عن طريق المونولوج حكايته مع الشظية، وهنا رغم ما كان عليه الأشخاص من مظهر قوة إلا أن الحوارات فيما بينهم عكست ضعفهم المتواري خلف مظهرهم وما يظهرونه.

أيضًا الشخصيات والوظائف بجانب البناء الحواري يصنعون حبكة تشخيصية فالمؤلف تعامل مع ملامح وطباع الشخصيات، فكل شخصية خلفها قصة وحكاية تمثل إطارا جامعا لحكايات صغيرة.

وأتاح المؤلف في تركيزه على المكان مزيدا من التنوع في التشكيل الزمني المعبر عن ترتيب الأحداث والحوار ترتيبا مناسبا للنسق السردي.

والنبوءة التي رمز لها بالطائر الأسود الذي يحلق على غير هدي ورمز لها أيضا بالطريق السوداء قد عززت من تماسك الحبكة التي مهدت لنهاية الرواية.

تشويق العقدة

اعتمد المؤلف التشويق والإثارة منذ بداية الصراع بين الشخصيات والواقع؛ فالعقدة قدمت صورة فنية لملامح التشتت الذي لازم أبطال الرواية منذ البداية وأظهر العديد من النماذج السيكولوجية المتناقضة.

نهاية غير مألوفة

لماذا لم تدقوا جدران الخزان؟.. تلك الصرخة التي رددها السائكق بنهاية الرواية مثلت رمزية واقعية، لا تخلو من رومانسية يعرض بها المؤلف صرخة شعب، وانطوي المكوث داخل الخزان على دلالة عميقة، جعل المؤلف منها سـببا لإدانة أبطاله وتقليل مفاجأة النهاية؛ ففي الرواية وُلوجان داخل الخزّان، مهد الأول للنهاية التراجيدية للأبطال، فقد خرجوا بوجوه كأنها محنطة، ورغم ذلك عمدوا النزول للخزان ثانية، وزاد المؤلف إدانته لأبطاله عندما صور السائق يلقي بجثثهم وسط النفايات، فكأنهم أُلقوا في مزبلة التاريخ.

للتواصل مع الكاتب