الطريق
الجمعة 25 أبريل 2025 09:07 مـ 27 شوال 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
بعد دحر الإرهاب.. مراسل ”اكسترا نيوز”: المدينة الشبابية بالعريش خطوة حقيقية نحو التنمية المستدامة خروج آخر جندي إسرائيلي من سيناء.. يوم خالد في ذاكرة النصر المتجددة للمصريين محافظ الغربية يدفع بحملات مكثفة لمكافحة الناموس في شوارع مراكز ومدن المحافظة وزير الأوقاف يشارك في المؤتمر التاسع والعشرين للمشيخة الإسلامية الكرواتية طاهر محمد طاهر يشعل القمة بتسديدة صاروخية تقود الأهلي لتقدم ثمين أمام صن داونز فى نصف نهائي الأبطال مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة يشهد ختام المؤتمر الدولي ال ٤٠ لكلية طب طنطا الثلاثاء.. مؤتمر ثقافة الغربية يناقش ”الإبداع الأدبي بين الخيال والهوية” وزير الشباب والرياضة يتفقد الاستعدادات النهائية لبطولة كأس العالم للجمباز الفني القاهرة 2025 وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تبحث مع الاتحاد الأوروبي الجدول الزمني للمرحلة الثانية من آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم الموازنة (MFA)... وكيل وزارة الأوقاف بكفر الشيخ يعلن عن افتتاح مسجد العاطل بإدارة أوقاف فوه محمد دياب يكتب: ساندوتش الفول أيمن رفعت المحجوب: جدلية الأديان في العدالة الاجتماعية (١)

محمد دياب يكتب: ساندوتش الفول

في الصباح الباكر، لا يزال دخان عربات الفول يتصاعد كأنه بخور شعبيّ، يعلنه المصريون طقساً يومياً لا يغيب، مهما اختلفت الفصول وتبدّلت الأحوال. رائحة الزيت، قرمشة الطعمية، صوت البائع وهو يلف السندوتشات في ورق تغلّفه العجلة والحنان معاً... كل ذلك مشهد يومي يحمل في تفاصيله ملامح مصرية خالصة، محفورة في ذاكرة المدينة والريف.

ومع تغيُّر السنين، تغيّر كل شيء. صغُر حجم الساندوتش، خفّت بهارات الفول، وغابت سخاوة الزيت، لكن ظلّت عربته واقفة، لا تكلّ ولا تشتكي. بقيت هناك كجنديّ صباحي، يخوض معركة الحياة بجنيهات قليلة وروح من الصبر لا تنفد


ليست القصة عن طعام، بقدر ما هي عن الصمود.عن عامل يبدأ يومه بوجبة بسيطة لكنها تحفظ اتزانه، وعن طالب يذهب إلى مدرسته بساندوتش صغير وأمل كبير، وعن أمّ تقف أمام العربية تنتظر "قرصين طعمية" تُسكت بهما جوع صغارها، قبل أن تبدأ رحلتها اليومية مع الغلاء

صحيح أن جودة بعض المكونات تراجعت، وصحيح أن الأسعار باتت تثقل كاهل البسطاء، لكن الصحيح أيضاً أن هذه العربة ما زالت تمثّل للناس مأوى صباحيّاً، يجمع بين لقمة سريعة وابتسامة مؤقتة، وطمأنينة لا يقدّمها إلا المألوف

عربية الفول تحوّلت من مصدر للغذاء إلى مقياس نبض الشارع، تنقل هموم الناس بلا صوت، وتروي تفاصيلهم بلا كلام هي مرآة صادقة، تعكس مستوى الرضا حيناً، ومستوى المعاناة أحياناً، لكنها لا تكذب أبداً

وحين نلاحظ تغيّرها، فإننا في الحقيقة نرصد تغيّراً أعمق، في تفاصيل المعيشة، في طبقات الوجدان، وفي شكل الحلم نفسه.

نحن لا نبحث عن لوم، ولا نرفع أصابع الاتهام، لكننا نكتب كي لا ننسى. نكتب لأن ساندوتش الفول الذي يبدو بسيطاً، يُخفي خلفه قصة وطنٍ يأكل بصمت، ويصبر بأدب، ويحلم رغم كل شيء.