الطريق
الخميس 19 سبتمبر 2024 04:15 صـ 16 ربيع أول 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

مؤتمر أدباء وسط الصعيد يناقش مظاهر التجريب في الأدب وأثر المكان على الإبداع

تواصل الهيئة العامة لقصور الثقافة بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، فعاليات مؤتمر أدباء إقليم وسط الصعيد الثقافي في دورته الثانية والعشرين، والمقام بمحافظة أسيوط، بعنوان "مرجعية التراث الثقافي وإشكالية التجريب في إقليم وسط الصعيد"، دورة "الشاعر الراحل سعد عبد الرحمن"، والمنعقد برئاسة الكاتب الصحفي د. محمود مسلم، وذلك ضمن برامج وزارة الثقافة.

وعُقدت الجلسة البحثية الثانية بقاعة المعارض بقصر ثقافة أسيوط، تحت عنوان "مظاهر التجريب في الأدب". أدار الجلسة الأديب الدكتور سعيد أبو ضيف، أستاذ الترجمة بكلية الآداب، وشهدت مناقشة بحثين بعنوان، الأول بعنوان "التجريب في الفضاء البصري للقصيدة العمودية الحديثة من بداية الألفية" ناقش خلاله الدكتور سيد عبد الرازق، مفهوم الشعر الرقمي وأهميته والأساليب التي ساعدت على انتشاره ومنها تقنيات الحاسب وشبكات الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي.

وأشار "عبد الرازق" أن التجريب أصبح في واقعنا هذا أحد آفاق الحداثة في القصيدة، فانتقلت من المراهنة على قراءة المكتوب من الكلمات والجمل، بمختلف أساليبها البلاغية وإيقاعاتها، إلى المراهنة على المشاهدة التأملية، والقراءة المتفاعلة مع كيان بصري، حيث تتداخل الكلمات مع عناصر أخرى فنية، بانية لشعرية الخطاب الشعري، كألوان الخط وحركيته وأشكاله، وصور أيقونية دالة متحركة وثابتة.

فيما أوضحت د. إيمان خلف، عدة مفاهيم منها: التجريب، تطوير القصيدة الشعرية، والرقمنة أو ما يعرف بالشعر الإلكتروني، وذلك في بحثها المقدم بعنوان"القصيدة العربية من التجريب إلى الرقمنة"، وأشارت "خلف" أن التجريب مر بمراحل عديدة وتحولات في الإطار الأدبي عامة والشعر خاصة، ليلحق بالركب التكنولوجي، ونتج عن ذلك سلسلة من التغيرات ساهمت في تغيير الشكل، والانطباع، والمضمون تجاه الموروث الثقافي والفكري والفني، وانعكس ذلك على الشعراء والنقاد والمؤلفين، وأصبح التجريب بالنسبة إليهم كالاختبار، وكل منهم يختبر نظرته التجريبية الحداثية تجاه أفكاره وأشعاره، وكتابته ومشاعره، وفقا لرؤيته، ثم طرح هذا عبر التجريب، وربطه بالواقع المعايش له.

وفي قاعة الشاعر سعد عبد الرحمن، تواصلت فعاليات المؤتمر، وعُقدت الجلسة الثالثة بعنوان "المكان وأثره على الإبداع". أدار الجلسة د. صلاح مناع، وشهدت مناقشات شارك بها د. محمد عبيد، دكتوراه في الأدب والنقد الحديث والمعاصر، د. هدى صلاح الدين، د. محمود فرغلي.

وبدأ الدكتور محمد عبيد حديثه بطرح عدة تساؤلات كيفية توظيف شعراء سوهاج للمكان وماذا يعني إليهم، وكيف تشكلت أبعاد المكان ومستوياته في المشهد الشعري السوهاجي المعاصر؟، وما دلالة الأماكن الموظفة وما آثارها على نفسية الشعراء؟ وأخيرا ما علاقة الصورة الشعرية واللغة بالمكان في شعرهم؟

وحرص "عبيد" على الإجابة على تلك التساؤلات من خلال بحثه المعنون "تجليات المكان في الشعر السوهاجي المعاصر" الذي تناول فيه علاقة الشعر بالمكان، مشيرا أنها علاقة قديمة متجذرة في أعماق التاريخ العربي، فالمكان جزء أصيل من الثقافة العربية، وما البكاء على الأطلال وتذكر الديار، إلا من باب تعلق العربي بالمكان، وخاصة مرابع الميلاد والطفولة والصبا وذكريات الشباب والقبيلة.

وأوضح "عبيد" خلال دراسته أن الشاعر السوهاجي ابن الريف يأتي في المقام الأول، ولكنه حينما يتناول المدينة فهو يراها شاخصة أمام ناظريه تعكس الخراب والدمار بعد أحداث جسام، أو يراها بصورة المدينة المقاومة التي تقاوم الظلم والاستعمار وتقف عصيّة في وجه الاقتلاع والضياع.

وأضاف الباحث أنه اعتمد على المنهج الوصفي التحليلي في هذا البحث للكشف عن ماهية المكان، ورصد طبيعة العلاقة بين المكان والشعر في المشهد الشعري السوهاجي المعاصر، ورصد مستويات المكان من حيث الانفتاح والانغلاق، مشيرا أن البحث لم يسع استقصاء تجليات المكان في الشعر المصري المعاصر، واقتصر فيه على نماذج مختارة من الشعراء المعاصرين في محافظة سوهاج الذين تجلت في أشعارهم ملامح المكان بصورة واضحة باعتبارهم عينة فاحصة ممثلة للبحث من أبرزهم: محمد بخيت، رمضان عبد اللاه، مصطفى رجب، أوفى الأنور، محمد أبو دومة، محمد خضر، جميل عبد الرحمن، فرغلي الخبيري، وعبد الناصر هلال.

واختتم حديثه متناولا النتائج التي أسفرت عنها الدراسة أهمها: سيطرة القرية على روح الشعراء باعتبارها موطن الذكريات الجميلة، والمُنقذ من براثن المدينة، رصد طبيعة المدن القاسية والصامدة والمدن "الخراب" التي ضاعت معالمها، وأخيرا لجوء الشعراء إلى المدينة الحلم أو المدينة الذكرى التي ترتبط في نفوسهم بفيوض المحبة والأنوار حيث الصدق والإخلاص والوفاء.
كما أظهرت الدراسة مدى تأثير المكان على اللغة الفنية والصورة الشعرية.

من ناحيتها قدمت د. هدى صلاح الدين بحثا بعنوان "التحول الرقمي والأخضر ومعطيات مشهد ثقافة الطفل: الأثر والتأثير" استعرضت خلاله أهداف استراتيجية التحول الرقمي على ثقافة الطفل، والدور الحيوي للثقافة المصرية في تعزيز الثقافات وزيادة الوعي من خلال البرامج والمبادرات التي تساعد على بناء وعي الأطفال وتوجيههم نحو القضايا البيئية، مشيرة إلى أن دمج الثقافة في استراتيجيات التحول الرقمي، من شأنه تمكين الأطفال لتكوين فهم شامل وشخصي للتحديات البيئية وكيفية التعامل معها بطرق مبتكرة.

أما الدكتور محمود فرغلي فقدم بحثا بعنوان "المكان السردي من الهامش إلى المتن" وتناول خلاله دور المكان في الأعمال الأدبية والروائية تحديدا، قائلا: "المكان حيثما حضر فهو ذو تأثير، فقد يُضرِب الروائي في أحيان كثيرة عن ذكر المكان نظرا لتركيزه على الشخصية، أو حالتها النفسية ومشاعرها الداخلية؛ لكن ذكر المكان من شأنه تشكيل رؤية بعينها لدى القاريء وفقا لمعرفته وثقافته"، وقّدم عدة نماذج كأمثلة ومنها كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني، ورواية "زقاق المدق" لنجيب محفوظ.

واختتم حديثه بذكر أهم وظائف المكان التقليدية والحداثية التي رصدها في دراسته، ومنها: منح القاريء إحساس بإمكانية التحقق من وجود المكان والذهاب إلى زيارته خاصة عند اختيار الكاتب أسماء حقيقية للمدن والأحياء والشوارع، يقوم المكان بوظيفة تواصلية من خلال اللغة، وتمثيل مشتركات الذاكرة الجمعية، كما أنه يمكن للروائي تحويل عنصر المكان إلى أداة للتعبير عن موقف الأبطال من العالم.

شهد الفعاليات الشاعر مسعود شومان رئيس الادارة المركزية للشئون الثقافية، ضياء مكاوي رئيس الإدارة المركزية لإقليم وسط الصعيد الثقافي، الشاعر مدثر الخياط أمين عام المؤتمر، الكاتب عبده الزرّاع مدير عام الإدارة العامة للثقافة العامة، وليد فؤاد مدير عام المؤتمرات وأندية الادب بالهيئة، الأديب عبد الحافظ بخيت مدير عام النشر بالهيئة سابقا، ولفيف من الأدباء والمثقفين، وشهدت الجلسات مداخلات من المبدعين والحضور أثرت القضايا التي يطرحها المؤتمر.

المؤتمر الأدبي الثاني والعشرين لإقليم وسط الصعيد الثقافي" يقام بإشراف إقليم وسط الصعيد الثقافي، والإدارة المركزية للشئون الثقافية، ويشهد طوال فترة إقامته عددا من الجلسات البحثية، بمشاركة نخبة من النقاد والباحثين بجانب المحاضرات والأمسيات الشعرية بمواقع قصر ثقافة أسيوط، القوصية، ديروط أسيوط الجديدة، أبو تيج، والغنايم.

موضوعات متعلقة