الطريق
الإثنين 16 سبتمبر 2024 10:23 مـ 13 ربيع أول 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
”كيفية التعامل مع الإعاقة” في لقاء المجموعة السادسة لمسؤولي التمكين بهيئة قصور الثقافة غدا.. قصور الثقافة تقدم أوبريت ”بداية جديدة” على مسرح روض الفرج لقاءات ثقافية وإنشاد في احتفالات ثقافة الفيوم بالمولد النبوي الشريف العمل تعلن افتتاح فعاليات مبادرة (سلامتك تهمنا) بمصنع كيما فيلم X مراتي ينضم لقائمة أعلى 10 أفلام تحقيقا للإيرادات في تاريخ السينما المصرية انطلاق مبادرة ”باحثون من أجل مصر” بجامعة دمنهور بتنظيم أسرة طلاب من أجل مصر تعليق مرتضى منصور عقب قرار إخلاء سبيل فتوح استعدادًا لمبادرة «بداية».. محافظ الغربية يتفقد اصطفاف المعدات ويشدد على ضرورة العمل بروح الفريق بعد إخلاء سبيله.. موقف أحمد فتوح من المشاركة مع الزمالك أمام الأهلي بالسوبر الإفريقي غدًا.. المنيا تشهد أكبر ملتقيات التوظيف لتوفير 5 آلاف فرصة عمل مصرع شخصين وإصابة 23 آخرين في حادث انقلاب سيارة على صحراوي المنيا هل مصر تواجه فقاعة عقارية؟.. وزير الإسكان يُجيب

تامر أفندي يكتب: قراءة غير مُلزمة في ملف القوى الناعمة

تامر أفندي
تامر أفندي

حينما سقط طائر الحلم الناصري في شرك 67 وانهالت على أقدامه هراوات الأعداء، كانت لحظة مُناسبة لمن أراد النيل أو سحق التجربة.. لكن كان لهذه التجربة أجنحة قادرة على التحليق بالجثمان المنهك وإعادته للحياة.

فما حدث بعد خطاب التنحي لم يحدث من قبل ولا من بعد.. وها نحن رأينا في جٌعبة الأيام الكثير من خطابات تنحي تَبكي سطورها، لكنها لم تحرك ساكناً.. سيرجع البعض السبب إلى عبد الناصر نفسه وانحيازه للناس ولن أخالفهم في ذلك.. ولكن سأقول إن وجهة نظري أن قوة حقبة عبد الناصر كانت في قوة القوى الناعمة، تلك التي بفعل السحر حولت انكساره إلى انتصار.. شحذت الهمم وشحنت النفوس وعبأت الأرواح، والتي ليس كما يزعم البعض أنها كانت وليدة المرحلة.. لكنها نتاج لسنوات بدأت قبل ثورة 19 واشتدت عيدانها مع مرور السنوات، وظهرت بواكير طرحها قبل 52 ثم ملأ الطرح كامل غصونها وظل ربيعها ثلاثة عقود، ثم توالت عليها باقي الفصول.. لذا ستجد الكثير من أبناء هذه الحقبة مروا بمراحل رفض ثم شد وجذب ثم تأييد.

عن قوة القوى الناعمة آنذاك نسوق مثلاً واحداً لتلك الترنيمة التي صاغها ثلاثة من السحرة وألقوها في كل القلوب.. فحولوا الرفض إلى تشبث والشك إلى يقين.. لا تسأل كيف كتبها صالح جودت ولا كيف لحنها رياض السنباطي ولا كيف أنشدتها أم كلثوم!.. فقط تأمل كيف حركوا الملايين ببضع كلمات".. ليهتف الجميع: "ابق فأنت الأمل الباقي""

قم لله وقل للناس كل العصر
رغم الجرح ومر الكاس عاشت مصر
قم لله وقل للناس كل العصر
رغم الجرح ومر الكاس عاشت مصر
وغدًا سنؤذن في الناس طلع الفجر
وغدًا ستحى الأجراس يوم النصر
قم إنا أعددنا العدة
قم إنا أعلينا الوحدة
فاِرسم أنت طريق العودة
وتقدم يتبعك الشعب

من كتب ومن لحن ومن غنى ومن أذاع ومن هيأ الناس لسنوات هي القوى الناعمة.. وحتى لا نذهب بعيداً.. قارن بين 67 و73 في تعاطي القوى الناعمة مع الحدثين أو لنقل الرئيسين ناصر والسادات.
هذه القوى الناعمة التي تتمثل في الصحافة والإعلام والثقافة والفن أوجز البعض في تشبيهها بعيدان "الفارابي"، وسردوا قصة دخوله على سيف الدولة الحمداني.. وتغييره للحالة من ضحك إلى بكاء ثم نوم بفك وتركيب عيدانه.

ماذا تريد أن تقول؟
أريد أن أقول لك إن مصر حدث فيها في العشر سنوات ما إن لو كان مؤشر القوى الناعمة على نفس التردد، لجعلت العالم والشعب يتغنى بها.. فقد كان جريحاً يعيش اقتصاد حرب، يبكي كل بيتٍ فيه شهيداً، وردد وراء "ثومة".

ربما في المرحلة السابقة ركن المسؤولون إلى بعضاً من كهنة المعبد، ظناً أن تأثيرهم سيدوم، ولم يُكبدوا أنفسهم عناء البحث عن وجوه وأصوات ورؤى جديدة.. فصار الأمر أشبه بتلك الأسطوانة التي يضعها الباعة الآن في محطات المترو، للإعلان عن بضاعتهم.. إسطوانة مسجلة.. مكررة.. لن تجذب زبون!.

لعشر سنوات كان الإعلام محط انتقادٍ لأنه لا يواكب الأحداث لتجربة تتفق أو تختلف مع بعضٍ منها إلا أنك لا تنكر أنها تصدت لأعنف هجمة تترية وخاضت حرباً شرسة في سيناء وأخرجت مصر من غرفة الإنعاش، وإن اختلف البعض بعد ذلك عن جرعات وتوقيتات الدواء، فالخلاف الآن على الحياة.

وفيما يبدو أننا أمام مرحلة جديدة أكثر نُضجاً.. هكذا قرأت المشهد وربما يكون تقديري "خاطئ"، لكن هي وجهة نظر أطرحها هنا وهي قابلة للتصحيح، فما أنا إلا واحد من الجمهور لا ينتمي لحزب ولا رابطة، لكن يشجع مصر، وساقه القدر لأن يشجع القوى الناعمة ثقافة كانت أو صحافة أو إعلام، ويحلل مبارياتها السالفة والآنية، فإننا بصدد عهد جديد مختلف أعلن عنه الرئيس السيسي ضمنياً في إحدى خطاباته حينما وجه حديثه للحكومة: "كلموا الناس.. محدش هيجي معاك مشوار غير لما يكون فاهم" ، ولعل الحوار الوطني كان ضربة البداية بأن اللحظة الآنية تحتاج اللعب الجماعي ودقة التمريرات وغير مسموح بإهدار فرص.. وبات جلياً أن القائمين على ملف الصحافة والإعلام والثقافة والفن تمكن من أدواته واستقروا على تشكيلته الأساسية... وأظن أن هناك إشعارات كثيرة كانت بمثابة إعلان عن ذلك منها تواتر المؤتمرات الصحفية لرئيس الوزراء، وكتابة بعض المسؤولين على صفحاتهم الخاصة ونسوق هذا المثال: «ليكن التواصل بين الحكومة والرأي العام "فرض عين" عليها، والتعاون المجتمعي معها "فريضة".. لا شك في سعينا جميعاً نحو وطن يليق بنا وبتاريخ أمتنا، يجمعنا حبه ولا تفرقنا الأهواء ولا ضيق الآفاق.. لتكن المساحات المشتركة هي السبيل لإدارة اختلافاتنا دون تشكيك أو تخوين أو تسفيه. فليسعَ من يسعى من أجل مصر، وسعيه مشكورا.ً

لنبدأ بملف الصحافة
«كنت قد ابتسمت حينما رأيت المغالاة في نشوة الفوز لأنني تعلمت درسين من العقاد وأبو حنيفة سأذكرهما بعد قليل»..
بعد معترك انتخابي جلس اليسار على المقود، وما كانوا بالأمس في مناكفة لرجل المرور، صاروا يتحسسون خُطاهم وخطاياهم، لأن هناك فرق بين حرية التوجه بسيارتك الملاكي وبين ضرورة الالتزام بخط سير "الباص" الذي تتشارك فيه الرأي مع الركاب، وتُرغم على التوقف والتحرك حسب رغبتهم.. ناهيك عن تحملك مسؤولية توصليهم بأمان.. وفي هذا الموضع لا يمكنك السير عكس الاتجاه، وخاصة أن لا أحداً سيهتف باسمك إذا تعطل "الباص" أو نفذ البنزين، وسيقع عليك اللوم لأنك لم تأخذ التدابير.. والقاعدة التي يمكن لك من خلالها تبرير تغيير قناعاتك أن هذا "الباص" للخدمات وليس للشعارات.. وها نحن نرى سُبل التيسير بدأت تتجلى في دعم من رئيس الوزراء ثم رعاية لجوائز التفوق الصحفي.. وإذ بفعل السحر يتحول صدام الاقتحام في بضع سنوات إلى استضافة ورعاية وشكر ولا عجب أنه من نفس الأشخاص.

وهنا يجب أن يتعلم كل لبيبٍ الدرس، بألا يفكر بعقلية الأولتراس إلا فيما يخص الوطن.. ما عدا ذلك لا تؤخذ المواقف والأشخاص على محمل الجد.. ولعل ما قاله الكاتب الأمريكي "وندل هولمز" جدير بالتأمل إذ قال: «إن الإنسان.. أي إنسان بلا استثناء. إنما هو ثلاثة أشخاص في صورة واحدة».
وربما كان للبعض أسوةً فيما فعله كاتب عظيم مثل العقاد قال ما قاله فى هجاء الملك فؤاد، ثم انتهى به الأمر أن قال في الملك فاروق: «من نصر الملك فقد نصر الحق ونصر الأمة، ومن تولى فعليه لعنة الحق ولعنة الأمة».
وإن لم يٌعجبك هولمز ولا العقاد فإليك الصورة الثالثة وهي لأبو حنيفة، كان أبو حنيفة كما قيل يبسط رجله في حلقة الدروس من مرضٍ أو إعياء، فأقبل على درسه شيخ غزير اللحية وقور المشية.. هابه أبو حنيفة فثنى رجله على ألمٍ، ثم أخذ في درسه عن موعد صلاة الصبح، فإذا بالشيخ يسأل وما العمل إذا طلعت الشمس قبل الفجر؟.. فقال أبو حنيفة: العمل أن أبا حنيفة يبسط رجله ويحمد الله.

ومن الصحافة إلى ملف الإعلام، فقد نجحت "الشركة المتحدة" في طرح وجوه إعلامية جديدة متمكنة من أداوتها استطاعت من خلالها في وقت وجيز أن توحد المصدر دولياً ومحلياً يُنقل عنه ويأت ما بعده تعليقاً أو تحليلاً أو حتى ردة فعل.. المثير في التجربة أنها جماعية، أي أن كل لاعب في الفريق يمكنه إحراز أهدافٍ غير مُكبلٍ بمركز لذا يصعب توقع التمريرات.
وفي مجال الثقافة، لم يكن اختيار أحد رؤساء التحرير كضيف شرف لأول معرض كتاب يقام في العاصمة، اعتباطاً، ولا من باب المجاملة، فقد سبق الاختيار إصدار مطبوعة إلكترونية ثقافية، تبعها تدشين صالون بنفس الاسم تحت إشراف متخصص قادر على جذب الحجيج من كل حدب وصوب، بدأت التجربة بإعادة طرح إشكاليات ثقافية قديمة ربما للبدء من أول السطر أو لحشد جمهور المثقفين حول التجربة.

وعن الفن يكثر الحديث لكن لنوجز في أنه تم الاستقرار على تشكيل السرب بعد اجتياز الممر وكان الاختيار باقتحام قلعة حسن الصباح، ومحاولة انتشال العقل الجمعي من براثن العشوائيات وإعادة طرح فكرة انتصار الخير على الشر في المسلسلات، مع تغذية النزعة الصوفية وتوجيه الجموع إلى الله للتزود بالصبر في سنوات صعبة محاطة بالخطر والغضب.

لم يبق غير قضية التجديد التي لا تقتصر فقط على الخطاب الديني، ولكنها شملت ما سبق، لأنه بات جلياً أن الصحافة والإعلام والثقافة والفن ركائز أساسية للمضي قدما في هذا الاتجاه.
ربما تكون تلك هي الخطة لكن نجاحها يتوقف على استيعاب اللاعبين لها وترجمتها إلى أهداف مع الأخذ في الاعتبار الهجمات المرتدة.. فهذا السيناريو غير مسموح فيه بالخروج عن النص وغير مقبول فيه الخطأ ولا أحد فيه كبير على الإقصاء أو الإقالة، ومن سيخرج من الملعب لن يعود وإن لوح بورقة الاحتراف، فلا بأس ففي الاحتراف مزيد من الاحتراق، لأنها تجربة لغير الجمهور المقصود.