الطريق
الخميس 9 مايو 2024 08:48 صـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

ألبوم الأصالة يثبت مقولة جبران وردة واحدة لإنسان على قيد الحياة أفضل من باقة كاملة على قبره

بدأت مقالتي بهذا العنوان لأقول بأنّ "ألبوم الأصالة" الذي يعدّه ويقدّمه الصديق والزميل الإعلامي المتميّز روبير فرنجية، ويخرجه بسّام خويري وتحت رعاية معالي وزير الإعلام "زياد مكاري" الذي يُعرض عند التاسعة والربع من مساء كلّ سبت على شاشة تلفزيون لبنان الـ ( TL ) ليعود ويحمل على عاتقه نجاحًا جديدًا يعيد ألق هذه الشاشة العريقة من خلال استذكار نجوم لبنان في العصر الجميل من فنّانين وإعلاميين.

هذا العصر الذي شهد على عمالقة مبدعين حيث كان الفنّان لا يظهر إلّا وقد مرّ باختباراتٍ وتمحيص، وحين يكتسب ثقة الأساتذة والجمهور، ولعلّ روبير في هذا البرنامج يجمع حبّات اللؤلؤ الكريم ليصنع عُقدًا مميّزًا عن سواه من البرامج ففي كلّ حلقة حبّة لؤلؤ جديدة تضاف لسابقاتها يتدلّى هذا العقد قلّادة الإبداع والتميّز ويجمعها قفل العقد ألا وهو أرشيڤ الأصالة، كما لو كان روبير في زيارةٍ للزمن الغابر وعاد بنا بهديةٍ ككاميرا الحج الحمراء التي كنّا ننتظرها بفارغ الصبر من زوّار الحج، لكن هنا كاميرا الزمن الذهبي الذي يجعل المشاهد يضع عينه على عدسة الكاميرا ليلقي نظرة على نافذة هذا الزمن الذي لم نعايش أبطاله للأسف سوى ببعض الأغاني التي سمعناها من هنا وهناك، فأحبّ روبير بفكرته هذه أخذنا إلى رحلة ممتعة وكأنّ وضع يده على كنز هذا التلفزيون الراقي كصندوق أسود يحوي أسرار كلّ هذه المجوهرات الثمينة.

"ألبوم الأصالة" اسم على مسمّى، يعني الذكريات وما تحمله من معلوماتٍ قيّمة، يعني إحياء تاريخ أولئك الكبار الذين تربّى على أيديهم وبأيديهم نجوم اليوم، والذين حملوا لنا تاريخًا وذكريات ومناسبات عشنا معها يومًا بيوم وساعة بساعة.

لقد نجح روبير فرنجية باستضافة العمالقة والذين هم على قيد الحياة، بعد أن كاد البعض أن ينساهم، أو يظنّ أنّه لا مكان لهم في الوقت الحالي كما حصل مع الكبيرة "سعاد الهاشم" التي فاجأتنا بطلّتها البهيّة وحضورها المحبّب ففرحنا بحديثها الشيّق كما لو كانت جدّة جميلة تروي حكاياها الممتعة لكن الفرق أنّنا لم ننم من قصصها بل أردنا المزيد والمزيد.
بالفعل شكرًا روبير من الحلقة الأولى والحبّة الأولى التي اخترتها لتدشين عُقدك الجميل ، فبرنامجك يتيح لنا أن نقول لهم شكرًا أيها الكبار، فنحن ما زلنا نذكركم ولن ننساكم، وأنّكم حاضرون معنا في القلب والعقل والوجدان، وأنّنا ما زلنا بحاجةٍ إلى حضوركم ونصائحكم ، فأنتم المدرسة التي تعلّمنا منها الأصالة والشموخ، أعيدوا لنا ذكرياتنا التي ما زلنا نحملها، وأحيوا في قلوبنا الأمل لنرى الحياة من خلال تلك الذكريات التي حملت لنا الحنين والإبتسامات.

إنّه بحقّ "ألبوم الأصالة" والذي يعتبر تكريمًا لهؤلاء المبدعين، وكأنّ روبير أعاد الربيع لهؤلاء العمالقة ليزيّن عنقهم بعقد ورد ربيعي صنعه بمحبّة وجعلنا نعود أيضًا إلى الشاشة الأولى، شاشة تلفزيون لبنان التي طالما جمعت أفراد العائلة الواحدة والذي يحقّ له أن يقول بصوتٍ عالٍ: ها أنا هنا ما زلت أقدّم كلّ جديد وما زلت ملتقى الأسر اللبنانيّة والعربيّة، وإنّني شاشة لبنان من شماله إلى جنوبه.


البرنامج ما زال في طلّته الأولى، وبالتأكيد هناك كثير من المفاجآت وما زلنا ننتظرها، لكنّني سأتوقّف قليلًا عند الحلقة الثانية منه تلك الحلقة التي حلّت فيها النجمة الكبيرة "جورجيت صايغ" خاصةً أنّني كنت شاهدة على تفاصيلها قبل وأثناء التصوير وبعده لأؤكد لكم براعة روبير في التفاصيل فكان مهتمًا بأدقّها وكأنّه أمير يدعو أميرة لحفلة عشاء ويريدها بأبهى صورتها من لباسٍ حيث تألّقت بعباءة شغل يدوي محترف من artisanat زغرتا إلى شعرها الجميل من صالون قرقفي الراقي فبدت جورجيت وكأنّها الصبيّة الجميلة التي لطالما سحرتنا بطلّتها في الأبيض والأسود لكن الفرق بدت بالألوان الزاهية، فعلى الرغم من كثرة إطلالاتها في الآونة الأخيرة إلّا أنّها بدت وكأنّها تطلّ علينا بعد غيبةٍ طويلة كعروسٍ كانت تهمل بنفسها عمدًا لتبدو بكامل ألقها ليلة العرس، فهي صاحبة أرشيڤ غني ومسرحيات أليست هي ابنة الرحابنة وصديقة وديع الصافي ونصري شمس الدين وملحم بركات وصباح وفيروز.

فمن منّا لا يتذكّر أغانيها الجميلة: ياما سوا بفيّ الياسمينة، بلغي كلّ مواعيدي، هلّك ومستهلّك، في عيون بتضحك، نطّرني عالشبّاك، بيني وبينك يا هالليل ، طير وفرقع يا بوشار، ع ضوً القمر مشّاني حبيبي، وغيرها من الأغاني العالقة في الأذهان بالإضافة إلى أعمالها المسرحيّة ولعلّ أشهرها "سهريّة ".
جورجيت صايغ التي أعربت عن سعادتها أكثر من مرّة خلال البرنامج لاستضافتها والتي أكّدت أنّها في بيتها، وتحدّثت في اللقاء عن كثير من الذكريات وأشارت إلى عدّة محطّات في مسيرتها الفنّية والتي من أهمّها:
_ أنا أغنّي ببساطة وصوتي مناسب لشكلي وربّما هذا كان من أسباب النجاح.
_ لو لم يكن تلفزيون لبنان فإنّه لا يوجد شيء لنا.
_ السيّدة فيروز عظيمة وأحبّها من قلبي، وصباح كانت علاقتي بها خاصّة وكانت تفتح لي قلبها.
_ ألبومي وأرشيڤي سأسلّمهما لأخي مارك لأنّه قادر على المحافظة عليهما.
_ هناك عودة إستثنائية أشارك فيها مع بنات أخي، قريبًا.
_ مايا ابراهيم ابنتي الروحيّة، إنسانة وفية وتقف إلى جانبي ولا تفارقني وحنونة جدًّا.
_ اشتقت جدًّا للمسرح الغنائي لا سيّما بعد حضوري العمل المسرحي للأخوين الصبّاغ.
_ لم أحبّ تغيير إسمي إلى إسم فنّي ، وفضّلت أن أكون كما أنا.
_ كان عندي فزعة من الزواج ، لكن هذا ثبت أنّه خطأ، ومن يستطيع تأسيس عائلة فهو أفضل.
_ أحبّ جدًّا (رجعت الشتويّة) للسيّدة فيروز وكلّ أغانيها أحبّها، لكن أغنية (أنا صار لازم ودّعكن) لها وقع آخر عندي فهي تبكيني كثيرًا.
_ التقيت مع عمالقة الفن وهذا شرف لي إنّي عشت في ذلك الوقت والفن الذي كنّا نشتغله لا يشبه أي فن في أي وقت آخر.
_ أشكر وزير الإعلام على التكريم.
_ الست فيروز غير كلّ ست ، وفيروز وبعلبك لا ينفصلان عن بعضهما، والست صباح أيضًا لي كانت على قيد الحياة السلام لروحها الجميلة.
كما تحدّثت الفنّانة جورجيت صايغ في اللقاء الذي تمّ في مسرح كازينو لبنان في عدّة أمور فنية وبعض التفاصيل، في لقاءٍ استطاع فيه روبير بأسئلته الجميلة السهلة والعميقة أن يذهب بالحوار إلى زوايا نادرة وممتعة، كما أنّ أرشيڤ تلفزيون لبنان أثبت أنّه يحمل التاريخ بين كلّ زاوية من زواياه ويحافظ عليه، كما أطلّت الفنّانة الجميلة "دلال الشمالي" بأبهى طلّتها فبدت وكأنّها من زمن الأميرات تألّقت بفستانٍ جميل يشبه ذكرياتها الورديّة، وها نحن الآن بتنا ننتظر بلهفة الحبّة التالية لهذا العقد الجميل الذي نتمنّى أن يكون طويلًا بضيوفه الكِرام فنحن بشوقٍ لحلقة الإعلامية الكبيرة الراقية المخضرمة "جاندرك أبو زيد "، وحلقة فراشة الباليه الجميلة صاحبة الضحكة المعهودة "جورجيت جبارة ", والفنّان المبدع " رفعت طربيه "، والسُبحة الجميلة تطول في يد روبير المتميّز برقيّه وبرامجه التي تشبهه.