الطريق
الخميس 9 مايو 2024 08:40 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

إبراهيم شعبان يكتب: زمن حسن يوسف وشمس البارودي

إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

ضجة مفتعلة حول بعض تصريحات الفنان الكبير والجميل حسن يوسف، في قصر السينما بخصوص النجم القدير الراحل توفيق الدقن، وذلك عندما حكى في الندوة التي قوبلت باهتمام إعلامي واسع داخل وخارج مصر، يليق بتاريخ حسن يوسف وأفلامه وفنه على مدى أكثر من 50 سنة في السينما المصرية.


حسن يوسف، الولد الشقي وأحد نجوم الزمن الجميل والسينما الحلوة، التي لن تتكرر سواء بأفلامها الخفيفة والكوميدية أو بأفلامها وقضاياها الجادة والأساطير الذين عاشوا في حياتنا وسيستمرون، تكلم ببساطة وحب عن زميله الفنان الكبير الراحل، توفيق الدقن، بلطجي الشاشة الفضية، وأحد عتاولة الفن السينمائي بعشرات بل بمئات الأفلام، وكيف كان رحمه الله محبا كثيرا للشراب، وأن أولاده وبالمناسبة، ابنه المستشار ماضي توفيق الدقن، كان موجودا بالندوة، وقد استأذنه في أن يحكي جانبا مما لا يعرفه الناس عن توفيق الدقن والفيديوات موجودة ومصورة، فقال حسن يوسف، إن أولاده صوروه بالفيديو ذات يوم، دون أن يعرف وهو عائد للبيت "شارب "ومونون"، بحسب تعبيره وفي الصباح، عندما رأى تصرفاته أقلع عن الشراب بعدها ولم يعد لذلك وأصبحت حياته أفضل.
الحكاية بسيطة حقيقية، ولكن الصحافة التي تبحث عن "تريند فارغ"، للأسف لم تتوقف أمام كثير من الحكايات التي قالها حسن يوسف عن أفلامه وعن الفن زمان وسعاد حسني وعبد الحليم حافظ، وقصة فيلمه اثنين على الطريق، التي كانت زوجته الفنانة شمس البارودي رافضة أن تمثله مع عادل إمام، لكنه ضغط عليها وقال إنه لم يحقق نجاحا آنذاك رغم أنه كان مخرجه.

ولكنها- وبالخصوص الصحافة المصرية للأمانة وليس الصحافة العربية، التي احتفت بالحوار، توقفت أمام جزئية توفيق الدقن وشربه للخمور وتحاول استنطاق حسن يوسف مرة ثانية ونجل توفيق الدقن إنه "كان يهزر"!!
الحقيقة أن حسن يوسف، يمثل لي ولملايين من عشاق السينما المصرية في أجمل عصورها على الإطلاق جزء جميل وهام، ولا يمكن أبدا أن ينسى أحد أو يتجاهل أفلام حسن يوسف وشمس البارودي. صحيح أنه وصف بالولد الشقي وكانت الغالبية العظمى من أفلامه، شقاوة وحب ومايوهات وقصص رومانسية جميلة ولذيذة، لكن هذه هى السينما، وهى ليست قضايا جادة وخطيرة فقط طوال الوقت، ومهما كانت قصة الفيلم وبساطته فمن الممتع أن تشاهد أفلام حسن يوسف وتشاهد إيمانه بالسينما وتنوعها، كما هى، فن يعكس الحياة بجرأتها ومرارتها وضحكها والعصر الذي كانت موجودة فيه. كما أن حسن يوسف هو من قدم خان الخليلي وفي بيتنا رجل وأنا حرة وزقاق المدق والخطايا، وهو ايضا من قدم رحلة حب والزواج السعيد والشياطين في إجازة، والجبان والحب وهو الذي عرض في الندوة وأحد أجرأ الأفلام مع زوجته شمس البارودي وشهر عسل بدون إزعاج ومراهقة من الأرياف و24 ساعة حب والزواج على الطريقة الحديثة.


حسن يوسف، هو الفنان الكبير نفسه الذي قدم ليالي الحلمية وزينب والعرش وإمام الدعاة والإمام المراغي. وابن ماجة وبوجي وطمطم، تاريخ فني جميل ومبهر، السينما بحلوها وشقاوتها وإثارتها وقضاياها ومع كل نجمات عصرها الذهبي، وفي مقدمتهن بالطبع زوجته شمس البارودي. وهذه حكاية فنية توقفت السينما المصرية أمامها طويلا ولا تزال. وربما كانت قصة اعتزال شمس البارودي قبل أكثر من 40 عاما، منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي وحتى اللحطة أحد أكبر القصص الفنية التي شغلت الملايين، لكنها كانت ذكية وخرجت في عز مجدها. شمس الباودي، وأشعر بالسعادة إنني شاهدت افلامها في السينما – الدرجة الثالثة- في أواخر التسعينيات قبل التخرج ولا أزال أذكر من اكثر من 25 سنة، كيف كان استقبال المراهقين أمثالي وقتها والشباب وكل الأجيال لأفلام شمس البارودي ذائعة الصيت، والتي كانت تعرضها سينما الدرجة الثالثة "الترسو"، في بنها في سينما عتتيقة اغلقت منذ سنوات اسمها سينما "حرفوش".
شمس البارودي وهج فني حقيقي، تختلف أو تتفق مع أفلامها، لكنها مثلت عصرها وقصص كتابها ومخرجيها. لا يمكن لأحد أن ينسى حمام الملاطيلي وبالمناسبة كان من إخراج العظيم الراحل صلاح أبو سيف، ولايمكن أن ينسى أحد إمرأة سيئة السمعة، وكان عن قصة عميد الرواية العربية نجيب محفوظ، ولا رحلة العمر مع القدير الراحل أحمد مظهر.
شمس البارودي هي "المتعة والعذاب"، ورحلة حب وشاطىء الحب والمرأة التي غلبت الشيطان والمساجين الثلاثة ورحلة العمر والمطلقات وامرأة لكل الرجال ونحو 45 فيلما من أجمل وألذ أفلام السينما المصرية.
وبعد.. لا تحاكموا سينما حسن يوسف وشمس البارودي بمنطق التزمت والتخلف والمعايير المزدوجة، والمجتمع به فواحش وجرائم أفظع آلاف المرات مما قدم على شاشة السينما المصرية في أجمل عصورها.
من عشق السينما المصرية، وقت الرواد والآباء المؤسسون وجيل الوسط، من أحب سعاد حسني وتعلق بشمس البارودي وأمتعته افلام فاتن حمامة وضحك مع حسن يوسف وإسماعيل يس، وشاهد باستمتاع عبقرية زكي رستم ومحمود المليجي وشقاوة دونجوانها رشدي أباظة، يعلم أن هذه كانت السينما، وستظل هي السينما بعيدا عن تزمتكم وتطرفكم وفتاويكم المضللة.