الطريق
الثلاثاء 22 أبريل 2025 04:10 مـ 24 شوال 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب

تامر أفندي يكتب: جمع القرآن وخاتم عثمان

قلنا أن دماء عثمان سالت على العديد من نصول السيوف وكل سيف أوجد لنفسه سببا ومبررا للقتل.. فمنهم من أحل فعلته بقتل عثمان، بأنه لم يكن من المشاركين في غزوة بدر وبأنه من المؤمنين الذين تركوا مواقعهم يوم أحد.

ولم يقفوا عند أن عدم مشاركته في بدر كانت بأوامر من الرسول "ص" وتكليفه بأمر آخر وأنه من الذين شملهم العفو في أحد.. بل إنهم واصلوا زيفهم في أنه لم يحضر بيعة الرضوان في الحديبية ولم يسترجعوا قولهم بأن الرسول كان قد أرسله برسالة إلى أهل مكة وحينما تأخر بايع النبي بإحدى يديه بدلا من عثمان، ثم إذا هم يهدموا أهم ما فعل ويشككوا في أنه حرق المصاحف التي كتبها الحفظة ليكتب مصحفه.

وفي هذه النقطة وجب علينا العودة إلى معركة "اليمامة" التي استشهد فيها عدد من القراء، فخشى عمر بن الخطاب على ضياع القرآن من على الألسن، فذهب إلى أبو بكر الصديق وكان الخليفة آنذاك وأخبره بما يخشاه واقترح عليه جمع القرآن، فتردد أبو بكر وقال كيف نفعل ما لم يفعله رسول الله "ص"، ثم اقتنع بأن رأي عمرو فيه الخير، فأرسل إلى زيد بن ثابت، فانطلق زيد يجمع القرآن من صدور الرجال ومن السعف واللخاف وحفظ ما جمعه عند أبي بكر ثم أخذه عمرو حينما تولى الخلافة ثم أخذته حفصة ابنته وزوجة النبي.

بعد استشهاد أبيها، وحينما تولى عثمان الخلافة رأى حذيفة ابن اليمان اختلاف بين المسلمين في القراءة، ويذكر أن حذيفة حينما كان في البصرة، وكان يجلس في أحد المساجد في زمن ولاية الوليد بن عقبة، وجد بين الناس اختلافا في إحدى آيات سورة البقرة، إذ قرأ أحدهم وأتموا الحج والعمرة للبيت، وقال الآخر: وأتموا الحج والعمرة لله، فغصب بن اليمان وطلب منهم التوجه إلى عثمان وكتب إليه يقول: يا أمير المؤمنين أدرك القرآن قبل أن يختلف عليه المسلمون كما اختلف من قبلهم على كتبهم، ففزع عثمان واستدعى علي بن أبي طالب وجمع من الصحابة، وأرسل في طلب النسخة التي لدى حفصة زوجة الرسول ونادى بجمع ما عند المسلمين، ثم قال لهم من أكتب الناس فقالوا زيد بن ثابت، فقال من أعرب الناس فقالوا سعيد بن العاص، فأمر زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله ابن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن يجمعوا القرآن، وإذا اختلفوا في شئ فليكتبوه بلغة قريش فإنه نزل عليهم.

ولما انتهت مهمة كتابة القرآن رده إلى حفصة، وأرسل نسخ إلى جميع الأمراء. وحرق ما جمع دون ذلك، لا لشئ إلا لعدم اختلاف الترتيب أو اللهجة فعلى سبيل المثال كانت قراءة ابن مسعود تغلب عليها لغة قومه "بن هذيل" وكان عثمان يود أن يقرأ القرآن كما أنزل.

وحتى لا يتصيد المشككون ما قلناه وينفثوا الشقاق لم يكن الاختلاف على نص أو حكم أو آية بل كان على قراءة صحيحة، تجتمع عليها كل اللغات واللهجات وأن يقرأ القرآن كما نزل على الرسول الكريم وأن توأد تلك الفتنة التي أراد بها المنافقون أن يضيعوا الدين.

وقبل أن أنهي هذه الحلقة أذكر لكم قصة "الخاتم" التي اتخذها بعض الخوارج للنيل من عثمان واعتبروها إشارة ربانية لزوال إمارته كما زالت مملكة سليمان حين ضاع خاتمه، إذ كان للنبي خاتم من فضة منقوش عليه محمد رسول الله توارثه ولبسه أبو بكر وعمرو ومن بعدهما عثمان حتى وقع منه في بئر "أريس" حينما كان يعبث به، وقيل أن الصحابة نزحوا البئر لثلاثة أيام ولم يجدوه، فاتخذوا من ضياعه ذريعة للخروج على الخليفة وقتله.

وإلى اللقاء في حلقة جديدة الأسبوع القادم