الطريق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 06:22 مـ 17 ربيع أول 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

في مهب النسيان.. آلاف من قراء القرآن الكريم بدون عمل.. والطبلاوي: ماباليد حيلة

قراء
قراء

آلاف القراء يفقدون مصدر رزقهم بعد إلغاء المآتم والأمسيات الدينية فى رمضان
ساحات ومضايف العائلات بالأرياف والصعيد تغلق أبوابها أمام القراء خوفًا من كورونا
قارئ: ليس لدينا مصدر رزق آخر.. والقراء يعانون الفقر بسبب الفيروس
الطبلاوى: النقابة بها 8000 عضو وغير المسجلين أضعاف الرقم

تعد مظاهر الاحتفال بقدوم شهر رمضان الكريم، ما بين الجلسات الجماعية، والتجمعات العائلية، والطقوس الدينية، التى قضى عليها فيروس كورونا المستجد، بعدما توحش، وأصبح أكثر فتكا منذ بداية العام الحالى، وتسبب فى وفاة الآلاف، وإصابة الملايين، طابعا بخاتم الحزن على قلوب أسرهم، معلنا عن حالة من الحظر فى كل أروقة العالم، بعد إعلان وقف أغلب النشاطات لحين الحصول على لقاح.
تحت شعار «لا عزاء، لا أمسيات قرآنية، لا سهرات دينية فى الريف»، جاء الشهر الكريم هذا العام، بعد قرارات رئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولى، بمنع التجمعات، والاختلاط لمجابهة انتشار الفيروس الفتاك، كما تقرر منع العزاء، وكل طقوس رمضان من أمسيات وسهرات دينية، ما تسبب فى مشاكل مادية لقراء القرآن الكريم، الذين كانوا يعتبرون شهر رمضان هو ملاذهم الوحيد للكسب، بسبب عدد المناسبات المقامة فيه، التى يرتل فيها القرآن الكريم.

أمسيات رمضان
قال الشيخ محمد عبدالمجيد، إمام وخطيب مسجد بمحافظة القاهرة، إنهم كانوا يقيمون حلقات ذكر صباحا ومساء بالمسجد، طوال أيام شهر رمضان، احتفالًا بعظمة الشهر الكريم، ونشرًا لتعاليم الإسلام وذكر الله بين المسلمين، وكان أكثر ما يفعلونه أمسيات رمضان التى تقام فى المنازل، وساحات العائلات الكبرى فى الأرياف والصعيد، لقاء مبالغ مادية توفر لهم فى الشهر، لتساعدهم.
وأضاف إمام وخطيب القاهرة، أن فيروس كورونا المستجد تسبب فى إلغاء كل تلك الأمسيات، التى يتم فيها ذكر الله وتلاوة القرآن الكريم، وترتيل آياته على الجالسين، الذين يتمايلون بأجسادهم إلى اليمين واليسار، لما للقرآن من عظمة فى نفوسهم، ولكن نال منه الحزن على إلغاء كل تلك الطقوس.
واختتم حديثه قائلا: «حتى تلاوة القرآن الكريم فى المآتم، لم يعد ذلك متاحا، لمنع العزاء، لاعتبارها تجمعات واختلاطا، وتسببت فى انتقال فيروس كورونا فى عدد كبير من الأماكن، لكن هذا يؤثر على دخلنا بشكل كبير».

السهرات الدينية فى الريف والصعيد
عُرف رمضان فى الريف بالمسحراتى، الذى ينبه الناس لضرورة تناول السحور مع اقتراب أذان الفجر، بجلبابه وطبلته المعتادين، ولعب الأطفال بذهابهم للمنازل طالبين «العادة»، أى الحلوى والأموال من أصحابها «ادينى العادة»، والسهرات الرمضانية، التى تعرف بها القرى، حيث يتطوع شخص ما لوضع مقاعد فى منزله، وتجهيزه بالأكواب والفناجين، والمشروبات الساخنة، ويفتح أبواب منزله بعد صلاة العشاء، بعد أن يشغل مكبر الصوت، ويتفق مع قارئ للقرآن، أن يأتى طوال الشهر، مقابل مبلغ مالى معين.
ثم يتفق مع شخص آخر لتجهيز المشروبات لأهالى البلدة الذين يحضرون «سهرة رمضان»، كل حسب طلبه، ويجلسون للتسامر والاستماع لتلاوة القرآن الكريم العطرة، التى تسمو بأرواحهم، وتنير قلوبهم، وتشعرهم بشهر رمضان الكريم، لكن ألغى ذلك، بسبب الإجراءات الاحترازية فى البلاد، لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد، الذى قتل احتفالات الشهر، وتسبب فى وضع قوانين صارمة للحد من انتقاله، خاصة مع وجود بعض الأشخاص الذين لا يتم التعرف على إصابتهم لأنهم لا تظهر عليهم أى أعراض للمرض.
قال الشيخ حسين محمد، أحد قراء القرآن الكريم بقرية برنشت التابعة لمركز العياط، فى محافظة الجيزة، إن مشايخ بلدهم ينظمون «سهرات رمضان»، ويستعدون لها قبل بداية شهر رمضان الكريم بعدة أيام، ويحضرون مشروبات وأكوابا، ويتفقون مع المشايخ وصبية القهوة والشاى، على ميعاد حضورهم للقراءة، وكان هو أحد المشايخ الذين يتلون القرآن فى السهرات، ويكسب مبلغا ماديا جيدا، خاصة لأنه غير مسجل فى نقابة قراء القرآن الكريم.
وأضاف: «عندما اقترب رمضان فرحت لأن السهرات الرمضانية ستعود مرة أخرى، واستعددت لذلك، لكنى تفاجأت باتصال من الشخص الذى أذهب لبيته كل عام، لترتيل آيات القرآن، ويخبرنى بأنه لن يقيم سهرته هذا العام، فشعر بالحزن، لأنه لن يأخذ ثواب استماع الناس له، وترقيق قلوبهم، كما سيخسر مصدر رزقه هذا العام، وهو لا يمتلك دخلا ثابتا له، ما سيتسبب فى أعباء مادية له، خاصة أن لديه ولدين ينفق عليهما، والأكبر فيهما يذهب هو الآخر فى سهرة رمضانية بالبلدة لأنهم يقيمون أكثر من واحدة.
واختتم حديثه قائلا: «حتى قراءة القرآن فى المآتم لم تعد كالماضى، لأن القرارات الجديدة ألغت المآتم وإقامتها لأنها تعتبر تجمعات، وهذا يعنى عدم وجود أى مصدر دخل لنا فى الفترة الحالية، كما أننا لسنا مقيدين فى النقابة، ما يعنى أننا نواجه أزمة مادية كبيرة، على الرغم من إيماننا بأن ذلك أفضل لنا جميعا، لعدم انتشار المرض».

الصعيد حزين
يعرف سكان الصعيد رمضان بسهرات القرآن الكريم التى تقام فى ساحات ومضايف العائلات الكبرى، فهناك كثير من العائلات اعتادت فى رمضان على استضافة قراء القرآن لتلاوة الذكر الحكيم كل ليلة عقب صلاة التراويح وحتى حلول وجبة السحور.
ووقف تلك العادة تسبب فى وقف أرزاق ومصدر دخل هؤلاء ويقدر عددهم بالآلاف، ومعظمهم رأس ماله هو صوته وتلاوته للقرآن فى ظل عدم وجود تعويضات لهم.
يقول محمد حسين، مدير مدرسة للتعليم الفنى بإحدى قرى الصعيد، إن عائلته اعتادت كل عام جلب ٣ قراء للقرآن الكريم لتلاوة آيات الذكر الحكيم بديوان عام العائلة.
وأضاف حسين أن هذا العام اختلف الأمر بعد انتشار فيروس كورونا وتعليمات الدولة بعدم إقامة تجمعات، ما تسبب فى وقف الأمسيات الدينية فى عموم الصعيد، ومعها فقد هؤلاء القراء مصدر رزقهم الذى ينتظرونه كل عام فى رمضان.
محمد وحيد، قارئ شاب يحصل على رزقه من تلاوة القرآن الكريم فى مضايف العائلات بقنا، وفى المآتم، يقول إنه فقد مصدر رزقه ورزق أولاده بعد وقف مراسم المآتم والعزاء والأمسيات الرمضانية، مضيفا «ننتظر موسم رمضان من العام للعام، لنتلو القرآن الكريم، فى مضايف العائلات والآن توقف كل شىء وتوقف معه مصدر رزقنا».

نقيب القراء
من جهته، علق الشيخ محمد محمود الطبلاوى، نقيب القراء، على بطالة آلاف من قراء القرآن الكريم، لافتا إلى أن النقابة بها 8000 عضو تقريبا من القراء، وهناك الالاف غير المسجلين فى القرى والأرياف، لكن الأمر سيان، سواء كان مسجلا أم لا، فكل ما يمتاز به المنضمون هو الكارنيه، موضحاً أن النقابة تقوم بدور كبير وكانت تعطى تصريحا لسفراء القراء للخارج.
وأضاف نقيب القراء أن هناك بعض القراء يأخذون مبالغ كبيرة فى المآتم، فهناك من يطلب مبالغ مادية تبدأ من 15 ألف جنيه، فأكثر، وما يحدث الآن أن فيروس كورونا المستجد أثر عليهم، فهو يتلقى الشكاوى ليلا نهارا من المشايخ الذين يضيق الحال بهم، لعدم وجود أى دخل آخر لهم، كما أن مبالغ النقابة لهم قليلة ولا تساعد فى شىء.

شروط الانضمام للنقابة
اختتم الشيخ محمد محمود الطبلاوى حديثه معددا شروط اختيار القارئ للانضمام للنقابة، وهى الشهادة من معهد القراءات، وتلك اقل ما يقبل به، بالإضافة إلى حفظ القرآن الكريم والأحكام وحسن السير والسلوك، ويتم إجراء امتحانات له، ليتأكدوا من أهليته للقراءة .