رغم التباطؤ الاقتصادي.. لماذا أصر ترامب على عقد صفقات عسكرية مع الهند؟

"توفير أفضل المعدات العسكرية والتعاون الاقتصادي".. بهذه الكلمات أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن التطلعات التي يأمل لتحقيقها من خلال إبرام صفقات عسكرية مع الهند تصل قيمتها لـ 3 مليارات دولار.
ولم يتردد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، على القيام بها رغم التباطؤ الاقتصادي الذي تعاني منه الهند وفقا لتقديرات راجورام راجان، محافظ بنك الاحتياطي الهندي السابق.
تطلعات أمريكية
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعرب في الكلمة التي وجهها في مستهل زيارته للهند عن التطلعات التي تطمح لها بلاده، من خلال توفير أفضل المعدات العسكرية وأكثرها إخافة للهند، مؤكدا حرصه على تعزيز كافة أشكال العاوون الاقتصادي معها.
صفقة عسكرية
ولم يكتف ترامب بمجرد توجيه الكلمات الرنانة، فقد أكد على حرص بلاده لترسيخ التعاون العسكري مع الهند من خلال التوقيع على صفقة لتزويدها بمروحيات حربية وغيرها من المعدات العسكرية، تلك بقيمة 3 مليارات دولار، وأكدا البلدين في هذه الاتفاقية العسكرية على التزامهما بالعمل على التصدي للإرهابيين ومحاربة فكرهم.
توجهات أمريكية
"العمل مع باكستان من أجل القضاء على الإرهاب"، هكذا أكد ترامب خلال زيارته للهند، معربا عن أمله لتخفيف حدة التوتر في المستقبل بين كافة دول جنوب آسيا، وأنه عازم على إجراء سلسلة مباحثات مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، تمهيدا لإبرام صفقة تجارية.
مناخ استثماري وتعاون فضائي
يبدو أن الهند تتمتع بالعديد من المميزات، التي تجعل دونالد ترامب لن يكتف بمجرد تعزيز التعاون العسكري والاقتصادي معها، حيث أعرب عن أمله في تحسين المناخ الاستثماري بنيودلهي، مؤكدا أن الولايات المتحدة تتطلع لتطوير التعاون مع الهند في مجال الفضاء.
اقرأ أيضا: في أول زيارة.. ترامب يغرد باللغة الهندية ويوقع صفقات مع رئيس الوزراء
نمو اقتصادي
شهد الاقتصاد الهندي تحديدًا في الربع الأخير من عام 2019 نموا ملحوظا وصل إلى 5%، وهو ما أدى إلى القيام بسلسلة من عمليات إعادة التدوير النزولي للنمو للعام المالي كاملاً، أما وحدة الاستخبارات الاقتصادية، نوهت أنه من المتوقع أن يشهد النمو السنة المالية لعام 2020 زيادة تقدر بـ5.2%.
أسباب التباطؤ الاقتصادي
وعلى الرغم من النمو الملحوظ الذي شهده الاقتصاد الهندي، لكن هناك حقائق مريرة من الصعب نسيانها، فقد عبَر راجورام راجان، محافظ بنك الاحتياطي الهندي السابق، عن قلقه بشأن ما وصفه بـ"أرقام العجز المالي في الهند"، وأشار إلى أن هذا هو السبب المحتمل وراء تباطؤ الاقتصاد الهندي، منتقدا ممثلي الحكومة بسبب قرارها الشعبوي الذي فشل في التركيز على النمو الاقتصادي، معتبرا أن المشكلة الرئيسية تكمن في أن الهند لم تتمكن من اكتشاف مصادر جديدة للنمو.
ولم يخف راجان الأسباب التي أدت إلى التباطؤ الاقتصادي التي تعاني منه الهند، مشيرا إلى أن سحب العملة الخاطئ، وتطبيق ضريبة السلع والخدمات الذي يتم تنفيذه بشكل سيئ، مما تسبب في معاناة الاقتصاد الهندي على حد تقديره، لأنهما تسببا في انهيار الائتمان المصرفي خلال عام 2018 لأنهما جاءا في وقت كان فيه الاقتصاد الهندي ضعيفًا نسبيًا.
اقرأ أيضا: ترامب: واشنطن ستوقع صفقة لبيع مروحيات ومعدات عسكرية للهند بقيمة 3 مليار دولار
الرفاهية بدلا من النهوض الاقتصادي
اتهامات محافظ بنك الاحتياطي الهندي السابق لحكومة مودي، ركزت بشكل كبير على الرفاهية العامة والتوزيع، بدلاً من التركيز على سبل النهوض بالنمو، متجاهلا في الوقت ذاته الرد على التساؤلات التي وُجهت له حول مخططات الرعاية الاجتماعية التي قدمتها الحكومة، والتي نُفذت في وقت كانت فيه الإيرادات تحقق نجاحًا كبيرًا.
خامس اقتصاد في العالم
الدكتور طارق فهمي استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة واستاذ معهد الدراسات الأسيوية، قال: إن "الهند هي خامس اقتصاد على مستوى العالم، أي أنها تستبق دولًا كبيرة، مشيرًا إلى أنه ووفقا لإحصائيات 2019، نجد الهند واحدة من أقوى الدول على مستوى العالم اقتصاديا.
التفوق على بريطانيا وفرنسا
ولفت فهمي في تصريحات خاصة لـ "الطريق" إلى أن حجم الاقتصاد الهندي يصل إلى 3 تريليون دولار، وهو ما يؤكد أنها قوة اقتصادية تفوقت على بريطانيا وفرنسا، وهو ما ظهر من خلال تقييم البنك الدولي للهند، باعتبارها أكبر اقتصاد في العالم، كما أن حجم الناتج المحلي لها ووفق تقرير التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة يصل لـ 10 تريليون دولار.
خطوات اقتصادية
استاذ العلوم السياسية، أشار إلى أن الهند تمكنت من تقليص الاعتماد على التجارة الأجنبية، كما أنها خصصت الشركات المملوكة للدولة، وقامت بإجراءات عديدة لكي تنمي اقتصادها، موضحًا أنها تتمتع بتقدم ملحوظ في قطاعي الزراعة والصناعة، علاوة على النمو في العديد من القطاعات الأخرى، وكل ذلك يؤكد أنها لا تواجه أي أزمات اقتصادية.
صفقات استراتيجية
وأكد الدكتور طارق فهمي، ان الصفقات العسكرية مع الهند، تأتي بناءا على رغبة الولايات المتحدة، لمكانة نيودلهي، وأنها لا تقل عن قوة واشنطن.
الهند أقوى من الصين
وتابع: "الهند لم تبرم صفقات عسكرية مع واشنطن فقط، فقد قامت بنفس الشيء مع إسرائيل"، موضحا أن كلا من الجانبين الأمريكي والإسرائيلي يعتبران الهند أكبر دولة صاعدة في المحيط الأسيوي وليس الصين، كما أنهما يستثمران تقارير صندوق النقد الدولي، التي تؤكد أن الهند خلال المرحلة المقبلة ستتمكن من قيادة قارة آسيا وربما الاقتصاد العالمي.
اقرأ أيضا: الهند تعتزم شراء أسلحة أمريكية بقيمة 3 مليارات دولار
ذكاء ناريندرا مودي
واختتم الدكتور طارق فهمي بالإشارة إلى حرص رئيس الوزراء الهندي ناريندرا ومودي على إبرام العديد من الصفقات مع واشنطن وإسرائيل، وذلك لما يتمتع به من ذكاء شديد، فهو يريد أن يؤكد لشعبه مكانة الهند، وأنها قادرة على تعزيز وضعها في العالم ليس من الناحية الاقتصادية فقط، وإنما من الناحية العسكرية أيضًا.