الطريق
الثلاثاء 22 أبريل 2025 07:36 مـ 24 شوال 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
وزير الزراعة يفتتح ويترأس الدورة الـ31 لمجلس إدارة مرصد الصحراء والساحل في العاصمة التونسية محافظ الشرقية يتفقد أعمال الرصف والتطوير الجارية بطريق ”أبو حاكم ـ ميت ابو علي” رئيس جامعة بنها يفتتح المؤتمر الطلابى الثالث لكلية التربية النوعية محافظ كفر الشيخ يتفقد مدرسة «القمح» الحقلية بشباس الملح وزيرة التنمية المحلية تلتقي رئيس لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمجلس النواب محافظ الفيوم يبحث آليات تنفيذ حملات توعوية للصحة النفسية للمواطنين وزير الشؤون النيابية يشارك في الجلسة الافتتاحية للمجلس الأعلى للتشاور الاجتماعي في مجال العمل إعلام روسي: الجيش يعلن عن انفجارات وحريق في مستودع ذخيرة رئيسي بعد ”انتهاكات أمنية” ”زراعة محاصيل قابلة للتصدير”.. ورشة عمل بوزارة الري شاهد| الرابر مروان موسى يعلن عن ألبومه الجديد ”الرجل الذي فقد قلبه” وزير الاتصالات يغادر إلى دبى للمشاركة في فعاليات قمة ”الآلات يمكنها أن ترى” مصدر في كاف: التحقيق مع طاقم حكام مباراة أورلاندو وبيراميدز

تامر أفندي يكتب: «جاهين يا معنى الكلام.. مدد يا مولانا!»

تامر أفندي
تامر أفندي

سلاماً على هؤلاء الذين يغمسون أقلامهم في مدواة السماء، ليكتبوا بها حروف الحب والسلام والخير على الأرض، ليعزفوا بالحرف ترنيمة عشق ويستدعوا فجراً يحسبه اليائسون حلما صعب المنال.

«فلكم السلام
يا ملفوفين حول اللهب
يا غواصين في القلب
ع الكلمه العجب

هؤلاء الذين يختمون مشوار السطور بحكمة بسيطة ربما أرادوا بها أن يعيدوا أقلامهم في النهاية إلى طفولتها قبل أن تستعيدها الملائكة، فيخرج آخر مداد من أقلامهم سهلاً بسيطاً..
يعني إيه ربنا يا بابا!..
مين اللي عمل البنى آدمين
مفكرين ومبدعين
مين اللي إدانا عقول وقلوب
وشفايف تسأل هو مين؟
مين اللى دايمًا صاحي واخد باله
وكلنا بنحبه جلّ جلاله

جاهين أيقونة الإبداع المصرية، ذلك الذي لم يدع درباً للإبداع إلا وترك فيه أثراً، وكأن الكلمة بين يديه كانت صلصالاً يشكلها كيف يشاء، فكتب سيناريوهات خالدة في تاريخ السينما المصرية واثباً من قمة الفانتازيا إلى قمة الدراماتيكية دون أن تسقط منه كلمة في السفوح، فلا أحد يطاوعه قلمه كما فعل مع «جاهين».

مصر السما الفزدقي وعصافير معدية
والقلة مملية ع الشباك .. مندية
والجد قاعد مربع يقرا في الجرنال
الكاتب المصري ذاته مندمج في مقال
ومصر قدامه أكتر كلمة مقرية

حكاية القلم مع جاهين كحكايات البلورة المسحورة، فهذا القلم يتحول في يده إلى ريشة متى أراد الرسم والتعبير «الكاريكاتير»، ويتحول إلى آلة عزف تنتشي في النصر ويصيبها الشجن في الانكسار، يتغني مع أوتارها الناس على اختلاف مستوياتهم، وتحتضن كلماته الأحبال الصوتية، قياثير الطرب يُخلدون حرفه.

لما سألتني اللي جنبي
إنت مصري؟؟...دق قلبي
إسم زي السحر رفرف ع المكان
زي نسمة مهفهفة بصوت الآذان
أيوة مصريين لآخر
كل نقطة في دمنا

لم يتحمل جبل الإبداع حدث "النكسة"، فدخل في موجة اكتئاب اضطر معها للسفر إلى روسيا للعلاج، تحولت بسمته إلى تجهم وحروفه أصبحت علامات استفهام..

ولو انضنيت وفنيت وعمري انفرط
مش عاوز ألجأ للحلول الوسط
وكمان شطط وجنون مانيش عاوز
يا مين يقول لي الصح فين والغلط

عاش جاهين 16 عاما بعد وفاة جمال عبد الناصر، يحمل في قلبه مرارة انكسار حلمه، في قلمه غصة وفي عينه دمعة لم يستطع التخلص منها:
وحشتنا نظرة عيونك للبلد يا جمال
والحزم والعزم فيها وحبها المكنون
وحشتنا عبسة جبينك وإنت بتفكر

في إحدى اللقاءات التلفزيونية وتحديداً في البرنامح التلفزيوني «أهلاً وسهلاً»، كانت هناك فقرة بعنوان المراسلات، وكان على "جاهين" أن يختار 5 شخصيات ويبعث برسالة إليهم، وكانت «السندريلا» أول من اختارها وكانت رسالته: «الفنانة سعاد حسني، شارع استوديو الأهرام، بالجيزة، تهانئ الحارة على أغنيتك الأخيرة وفيلمك الأخير، أرجو لهما نجاحاً جماهيرياً كبيراً، حاولي أن تستريحي وتستجمي، فالعمل أمامك كثير.. صلاح جاهين»..
الغريب ليس في فحوى البرقية، لكن لأنها كانت الأولى بينما كانت برقيته الثانية لابنه الشاعر «بهاء جاهين".
كثر من كتبوا عن علاقة "جاهين" بـ«السندريلا" وكأن القدر ساقه حتى يرعى "زوزو"، إحساس ما جمعا "الفلتتين" اللذين تخطيا قمة الإبداع إلى حيث لا يمكنك وصفهما.. فلقد خرجا من حيز "العقل" إلى فضاء الروح، وأظن أن ما كان بينهما هو "عشق روح"، عاشتا روحيهما انتكاسات مختلفة وانكسار أحلام متوالية وبحث عن صيغة أخرى للحب "بعيداً عن الملامح الجسدية"، فكانت السندريلا الرباعية التي أهداها القدر لـ«جاهين» ورسمة الكاريكاتير التي وهبتها إياه الطبيعة، وكان "جاهين" روح فتى أحلام السندريلا.. الفارس الذي لم تغويه "فتنة جسدها" وأسرته روحها، فأدركت أنه سيظل يحبها كـ«سعاد» وإن غابت الشمس عن جبينها.


الحكايات عن سلطان الرباعيات لا تنتهي وكأنها رافد يتجدد معينه مع الزمان ينضح بما لم يأت مثيله، ولعل مصر أحبته كما أحبها فخلدته مع اسمها..

على اسم مصر
التاريخ يقدر يقول ما شاء
أنا مصر عندي
أحب وأجمل الأشياء
بحبها وهي مالكة الأرض شرق وغرب
وبحبها وهي مرميه جريحة حرب
بحبها بعنف وبرقة
وعلى استحياء

أتعجب من الذين يقولوا أن صلاح جاهين "مات"!، إذاً من الذي يولد كل يوم على ألسنة الصغار، الذين يحفظوا الرباعيات قبل الأبجدية، من الذي يقابلنا في كل شارع وعطفة وحارة وحكاية..! من الذي يجلس في مقهى "الفيشاوي" يحتسي "الشاي بالنعناع" وينتظر مرور "زفة الليلة الكبيرة"، من الذي يوزع "النكتة" دون مقابل على قلوب "الشقيانيين".. من الذي يكتب "عناوين جرانين المستقبل" ويعزف على "البيانولا" ويحكي للتاريخ عن «القاهرة في ألف عام»، من الذي يصيح على «الحدود» يا «أهلاً بالمعارك».. "مدد يا شعر.. يا عم صلاح.. مدد يا مولانا».

معنى الكلام صلوا على القلب اللي له مسكن..