الطريق
السبت 6 يوليو 2024 02:22 صـ 29 ذو الحجة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

أيمن رفعت المحجوب يكتب: جدلية الأديان في العدالة الاجتماعية

د.ايمن رفعت المحجوب
د.ايمن رفعت المحجوب

عندما بلغ التناقض أشده، واستنفذ الجدل قصارى مراحله، بين يهوذية تلمودية وثنية، تعبد المال وتؤلهه ، ومسيحية روحانية مناقبية، تشد أبصار البشر وقلوبهم إلى عالم من المثل الروحانية الخالدة ، وحياة من الخير والسلام والمحبة باقية.

جاء موعد الاسلام ليولد في الجزيرة العربية على يد سيد الخلق محمد رسول الله وخاتم المرسلين، فكان نداء الفطرة في ساعة العسرة، وواسطة العقد، وخاتمة الرسالات السماوية .

فقد جمع في توازن علوي بين ضغط المادة وأشواق الروح، وبين نزعة الفردية، ونزعة الجماعية، وبين شؤون الدنيا الفانية، ومباهج الآخرة الباقية!

وعمل توسيط المجتمع بإزالة التناقض والتطرف: " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً"!. (البقرة 143 )

وعلى ذلك يكون وسط الشيء خياره، لأن الأطراف يتسارع إليها الخلل، والأوسط محمية محوطة، وهو ما يوضح أن الاسلام قد جاء ليخرج الناس من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والاخرة.

ومن الواضح ايضاً أن الدين الاسلامي قد جاء برسالة انسانية عالمية، للأرض ومن عليها في قوله: " قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً"،

وكذلك في قوله:"إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون"(الأنبياء 92)

ويولد عن ذلك عقيدة شمولية اندماجية:

إذ أن الاسلام هو المنهج الوحيد الذي يقوم نظام البشرية فيه على أساس من التفسير الشامل للوجود، ولمكان الانسان في هذا الوجود، ولغاية الوجود الانساني.

فالإسلام دين يعرف طريقه إلى النفس البشرية منذ اللمسة الأولى، يعرف دروبها ومنحنياتها، فيتدس إليها بلطف، ويعرف مخارجها، فيسلك إليها على استقامته، ويعرف طاقاتها الأصلية البانية فيطلقها للعمل والبناء.

ثم إنه لا معنى لأن يوجد دين دون أن يشمل الدنيا والأخرة لذى فقد وازى الاسلام بين الدنيا واشواق الأخرة، بصورة لم يسبقه غليها سابق، فقد أحل متاع الدنيا وطيباتها:

"قل من حرَّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق" (الأعراف 32)

هذا إلى جانب الاهتمام بالقيم المادية الاقتصادية ، أوجد معايير للقيم الأسمى ، والمثل العليا. فجاء جميعاً بمعياري العلم والتقوى أساساً للتفضيل:

"إن أكرمكم عند الله اتقاكم" (الحجرات 13)

"يرفع الله الذين أمنوا والذين أوتوا العلم درجات" (المجادلة 11)

وشاء الله أن يتمم تحقيق منهجه الالهي للحياة البشرية عن طريق الجهد البشري، وفي حدود الطاقة البشرية المتاحة لكل انسان، إذ؛ "إنَّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".(الرعد11)

وأخيراً، فإن ما يعنينا، هو الوصول إلى معرفة ما إذا كان الاسلام قد أرسى دعائم نظرية اقتصادية، وعقيدة اجتماعية كاملة، قائم على أساس "العدالة الاجتماعية" كما سبق أن تصورنا لمعنى "العدالة الاجتماعية"، هذا ما سوف نفرد له مقالاً أخر.