الطريق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 03:05 صـ 17 ربيع أول 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
عبد الباسط حمودة عن بداياته: عبد المطلب اشترالي هدوم.. وعدوية جرّأني على الغناء بيان عاجل من وزارة الصحة والسكان حول إصابة 63 مواطن بنزلة معوية بأسوان نائب محافظ الدقهلية يستقبل رئيس قطاع الإرشاد بوزارة الزراعة ومساعد وزيرة البيئة للمرور علي نقاط تجميع قش الأرز استمرار تنفيذ الحملات التموينية بنطاق محافظة الدقهلية لرفع المعاناة عن المواطنين محافظ البحيرة تشهد احتفالية بدار أوبرا دمنهور وتكرم عدد من المحافظين السابقين ورموز المحافظة والمتفوقين رانيا فريد شوقي تتذكر والدها الراحل برسالة مؤثرة.. ماذا قالت؟ المنيا تودع شخص وإصابة اخر في حادث تصادم بدرنة في ليبيا محافظ الدقهلية يعلن بدء التشغيل التجريبي للمرحلة الأولى لـ”الطفطف” بمدينة بلقاس بمشاركة المخرجة نيفين شلبي.. التفاصيل الكاملة لمهرجان ظفار السينمائي الدولي في دورته الأولي بسلطنة عمان أسعار النفط تصعد 2% بعد خفض أسعار الفائدة الأميركية ارتفاع أسعار الذهب مساء تعاملات الخميس البترول تناقش خطط ”آى بي آر” للطاقة لتطوير حقول البترول والغاز المتقادمة

تكريم أم إهانة.. ماذا حدث لنجاة الصغيرة؟

من الآخر ودون لف ودوران.. ما حدث مع المطربة الكبيرة نجاة الصغيرة لم يسعدني ولم يبهرني ولا دخل ذمتي بتلاتة هللة، بل وجدته أقرب للاستعراض والمنظرة بمفاجأة إحضار سيدة بلغ بها العمر أرذلة وتنصيبها على المسرح -بالتيلة- بعد أن بذل الماكيير جهودا جبارة لإصلاح آثار الزمن على وجهها.

لكنهم لم يفلحوا.. إنما الذي أفلح هو الزمن الذي لا يباريه أحد في مضماره.. ومهما تظن أنك خدعته فأنت المخدوع دائما!.

وبصراحة.. فإن ما حدث ليس تكريماً وإن أرادوا ان ينسبوا ما حدث إلى شكل من أشكال التكريم، فالتكريم كان لابد -احتراماً لسن ومكانة نجاة- أن يتم إما بإعلان تكريمها وهى معززة مكرمة وهي في عقر دارها لا تبرح مكانها، مع الاكتفاء بإرسال مندوب خاص إليها ليسلمها رمز التكريم والمبلغ المالي المخصص لها، ساعتها كنا سنشعر أن من كرموها يخافون عليها ويحترمون مكانتها ويقدرون ظروفها الصحية والعمرية، دون تجشيمها وهى في هذا العمر، مشقة الانتقال كل هذه المسافة.

كان يمكن أن ترسل إلى الجمهور المنتظر في موسم الرياض، رسالة صوتية بصوتها الطبيعي المباشر، تذاع عبر سماعات المسرح، مع إمكانية إظهار مجسم لها في صورة (ثري دي) مع إذاعة أشهر أغانيها.

أليس هذا أكرم لها و(لمصر).. بدلاً من الإتيان بها لإثبات أنها مازالت تقاوم وأنها ستظل تغنى حتى الرمق الأخير؟!.

وهو ما لم يحدث، لأنه كان واضحاً جدا أن الأغنية تدار (بلاي باك) بينما وقفت هي تفتعل أنها تغنى بملامح جامدة لا أثر للأداء عليها.. وهو ما كان قديما أهم ما يميز أداء نجاة ذات الصوت الدافئ المتجاوب مع ملامح الوجه المعبر بعمق عن كل كلمة تغنيها!.

العملية كانت مكشوفة ولكن الرسالة واضحة جداً وسبق أن تم تجريبها فينا مراراً وتكراراً، وقبلها كثيرون ضحوا بأشياء كثيرة "احنا نقدر نعمل كل حاجة بفلوسنا.. حتى لو تحدينا الزمن والعجز!".

لكن نظرة واحدة إلى عيني نجاة الصغيرة في تلك اللحظات التي ظهرت فيها، وأنت تعرف أنها نظرات من عينين شبه مطفأتين في حالة انفصال عن الزمان والمكان، ليس فيهما أدنى أثر للحيوية ولا المقاومة، بل استسلام للأيدي التي حملت نجاة من بيتها إلى السيارة ومن السيارة إلى المطار. ثم نصبتها فوق المسرح كثمثال من الشمع فشل إزميل النحات ان يبث فيه تيار متدفق من الحياة!.

انظر إلى صفحة وجهها وكيف بدا منسحبا تائها متسائلا في حيرة صامتة!.

فعلوا ذلك وكأن السماح بظهور علامات الشيخوخة عليها كان سينقص من قدرها وقيمتها!.

"هل تذكرون محاولة تسجيل أغنية جديدة لها وكيف أنها لم تقابل إلا بالفتور والسخرية؟!.".

يا عالم ياهوووووه.. إنه الزمن ولا يمكن لأحد ان يقاوم آثار الزمن، بل تبدو قيمة الإنسان أفضل وأكثر احتراما في التجاوب مع الزمن، فشيخوخة نجاة التي بذلوا فيها ما بذلوه لطمسها، ليست عيبا ولا يمكن أن تكون، بل قيمة كبرى لابد من احترامها.

ثم إنه بلاش حكاية إن مصر لم تكرمها وتجاهلها المسئولون وإنها لم تأخذ حقها وشغل الصعبنة ده.

نجاة أكبر من كل هذا.. بل أكبر من التكريم نفسه، بل أزيدك بأن التكريم في الحقيقة يكون للجهة المانحة له وليس لنجاة!.

ولا أدرى ما حقيقة ما تردد عن أن فيروز رفضت السفر الى هناك ليحدث معها ما حدث مع نجاة، فلو كان ذلك كذلك، لوجب أن ننحني احتراماً لفيروزنا العظيمة.

إن أردتم تكريمها فاذهبوا إليها لا أن ترسلوا باستدعائها وإرسال فريق متخصص لإحضارها، لتفرح بعدها بكومة من الدولارات تلقى إليها.

وإن كان لا بد من ضرورة ضبطها وإحضارها لزوم الاستعراض، فأضعف الإيمان أن تجلسوها في مكان مميز في المسرح، مع تسليط الضوء عليها، مع تشغيل أغنيات لها.

"الله يخرب بيت الدولارات التي يبيع الناس بها قيمتهم وقيمهم وتاريخهم".

وأرجوكم أن تكفوا عن الأسطوانة المشروخة بتجاهل نجاة.

يا ايها السادة إن الفنان الحقيقي تكريمه يحدث يومياً في كل مرة يستمتع فيها الناس بفنه، ولا أحد يستطيع أن يتجاهل نجاة وإن تجاهلها فالسبة تلحق به لا بها.

ولا يكاد يمر يوم لا أسمع فيه صوت مطربتي الرائعة ومنذ أسابيع كتبت في هذا المكان مقررا أنها تفوقت على أستاذها الكبير موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، في أغنية لا تكذبي التي لحنها لها، كما أنها فاقت عبد الحليم حافظ الذي حاول أن يخطف منها الأغنية عندما غناها بعدها، لكن بقيت "لا تكذبي" مرتبطة - وكأنه ارتباط شرطي- بصوت وأداء نجاة الصغيرة.

ثم هات لي أغنية واحدة لنجاة لم تتفوق فيها أو أن الناس نسوها!.

ولا أكف عن ترديد هذا الكلام كلما سنحت الفرصة أو هبت علينا سيرتها ودائما ما أقول لمن حولي إن "فيه ناس كانوا بيحبوا مخصوص علشان يسمعوا أغاني نجاة"

لكن شهوة الاستعراض والدعاية وفرض السيطرة المالية على عالم الفن والإبداع لاستثماره في أغراض دعائية، تحاول أن تتحكم في كل شيء!.

(كل شيء.. كل شيء!).

وكما قال أمير شعراء الرفض أمل دنقل

(مَنْ يَمْلكُ العُملَةَ يُمْسِكُ بِالوَجْهَيْنِ

والفُقَرَاءُ بَيْنَ بَيْن!).

أصار حكم بأنني شعرت بغصة، لا.. بل بإهانة.. حتى الذين قبلوا ما حدث على مضض برروا قبولهم بأن المبلغ الذي لابد أن نجاة تقاضته سوف ينفعها في شيخوختها أو تعين به الأبناء والأحفاد في مواجهة صعوبات الحياة التي صار يصرخ منها الغنى والفقير معا.

أما ما حدث وقد حدث، فرجائي ألا يتكرر مع فيروز ما حدث مهما كان من الضغوط والإغراءات.

كذلك أنصح المطرية الكبيرة عفاف راضي- لأنى أشعر أن الدور عليها- ألا تكرر ما حدث لو تم عرض الأمر عليها إلا بنا يحفظ كرامتها، كذاك كل فنان وفنانة مصرية أو عربية!.

يا عالم حسسونا أن هناك قيمة فوق سلطان المال، فما نحن فيه ليس سوى نتيجة لطغيان هذا السلطان الذي يحاول فرض سطوته على كل شيء (كل شيء.. كل شيء!).