من العدد الورقي.. هشام سليم يكتب عن والده«مايسترو الأهلي»: «كرة القدم وعقاب زجاج المنزل في يناير»

«يا ابنى اذا عشت لك اليوم لن أعيش لك غدًا.. واذا قلت لك ماذا تفعل اليوم لن تجدنى لأقول لك غدًا.. فاتخذ قراراتك من الآن وتحمل التوابع».. هذا ما كان كثيرًا ما يقوله لى أبى، فأفضل ما يمكن أن يصنعه الأب لابنائه أن يجعلهم يعتمدون على أنفسهم، رجالًا بأفعالهم منذ الصغر.
لن ننكر أن صالح سليم الأب كان قاسيًا معنا كأبنائه حتى سن الرابعة عشرة، كان وجوده مقتصرا على عقابنا كأطفال، كان لاعب كرة قدم شهيرا ومشغولا بالتدريبات والاستعدادات والمباريات، فوالدتي هى من اعتنت بنا كحال كل سيدات هذا الزمن الجميل.. كانت شكواها له عنا عندما ترتفع امواج الشغب البرىء بمثابة جرس انذار.
بالتأكيد كان دائمًا يحاول التحذير والفهم فى البداية ولكن كنا نتجاهل تلك التحذيرات، ففى إحدى المرات حذرنا من لعب الكرة فى المنزل ثم جاء فى اليوم التالى ليجد الكرة تسببت فى كسر زجاج أحد أبواب المنزل، فحذرنا مرة أخرى، ثم كررنا فعلتنا بكسر أحد اغراض المنزل، فحذرنا لثالث مرة وعاقبنا بالحرمان من الخروج يوم الجمعة وأخذ منا الكرة، ليفاجأ بنا من جديد نحطم زجاج النافذة بسبب كرة جديدة قمنا بشرائها دون علمه، فعاقبنا وقتها بترك زجاج النافذة دون تصليحه شهرا كاملا فى عز برد شهر يناير.
كان صاحب مبادئ منفردة وتميز بها وحده، مبادئ صالح سليم هى مبادئ صالح وحده، أى بني آدم آخر يسعى لتطبيقها لن يكون صالح سليم سيكون البنى آدم الآخر بمبادئه هو وحده، لذا لا يوجد شىء يسمى مبادئ النادى الأهلى.
تعلمنا من صالح سليم عدم التعصب فى كرة القدم، أبدًا لم يكن متعصبًا لفوز الأهلى اذا استحق الفريق الخسارة، وبالأحرى لم يتحدث عن كرة القدم مطلقًا داخل المنزل.
كان رجلا فى غاية الكسوف ويحرج كثيرًا من مجاملات الجماهير وجمل المدح له فى الشارع، عكس ما يراه الجميع من شدة وحزم وقوة، فقد كان ضعيفًا رخوًا أمام المدح والمجاملات.
رحمة الله عليك يا «أبوالصلح».. ذكراك باقية فى قلوبنا للأبد.