توقعات بتأثير تباطؤ الاقتصاد الصيني على الاقتصاد العالمي

قد يلحق تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني -الذي يشكل نحو 15% من التجارة العالمية، وربع النمو الاقتصادي العالمي المتوقع في السنوات الخمس المقبلة حتى عام 2026- الضرر ببعض الشركات متعددة الجنسيات، ومنتجي السلع الأساسية لسنوات قادمة، مما يلقي بظلاله على التعافي العالمي من جائحة "كورونا".
ضعُف الاقتصاد الصيني
فبعد أن قاد العالم في البداية للخروج من الركود في أواخر عام 2020 وأوائل عام 2021، ضعُف الاقتصاد الصيني إلى حد كبير مؤخرًا؛ حيث أدت الإجراءات الحكومية الهادفة إلى علاج أزمة سوق العقارات إلى تراجع النشاط العقاري، كما عانى المصنعون من نقص مؤقت في الطاقة ناجم جزئيًّا عن تحركات الحكومة لخفض الانبعاثات الكربونية. بالإضافة إلى ذلك، كان نمو الإنفاق الاستهلاكي ضعيفًا، متأثرًا بالقيود الاجتماعية الصارمة التي تفرضها الصين لتطبيق خطتها "صفر-كوفيد".
ومن جانبهم، يشير بعض الاقتصاديين إلى أنَّ أحد الجوانب الإيجابية المحتملة لتباطؤ نمو الاقتصاد الصيني يتمثل في انخفاض الضغوط التضخمية العالمية.
ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني -ثاني أكبر اقتصاد في العالم- بنسبة 4.8% في عام 2022، و5.2% في عام 2023، وفقًا لـ "صندوق النقد الدولي"، وهو ما يمثل انخفاضًا حادًا عن النمو السنوي الذي بلغ نحو 8% بين عامي 2014 و2019، وأقل مما توقعه "البنك المركزي الصيني" بأن يتراوح معدل النمو السنوي المحتمل للبلاد بين 5.1% و5.7% خلال السنوات الخمس التي سبقت عام 2025.
ومع ذلك، فقد تم تعويض التباطؤ في الصين من خلال نمو الاقتصاد الأمريكي -أكبر اقتصاد في العالم- حيث ساعدت مدفوعات التحفيز والإنفاق الاستهلاكي القوي في دفع الانتعاش القوي، ورغم ذلك، ووفقًا لـ "صندوق النقد الدولي"، من المتوقع أن يتراجع النمو الاقتصادي العالمي من 5.9% العام الماضي إلى 4.4% في عام 2022، لكن ما يزال من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بشكل أكبر مما كان عليه في السنوات التي سبقت جائحة "كوفيد-19".
قوة الاقتصاد الأمريكي
ومن جانبه، أشار "مارك ويليامز"، الاقتصادي بمؤسسة "كابيتال إيكونوميكس للأبحاث الاقتصادية" إلى أنَّه من المرجح أن يكون تأثير تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني على النمو الاقتصادي الإجمالي غير محسوس، نظرًا لقوة الاقتصاد الأمريكي حاليًّا، ولكن من المحتمل أن يؤدي إلى انخفاض إيرادات الشركات الأمريكية التي تعتمد على السوق الصينية.
ويجدر الانتباه إلى أن الشركات الأوروبية تعتقد أيضًا أن هناك تباطؤًا شديدًا في الاقتصاد الصيني، حيث أفادت شركة " فولكس فاجن" الألمانية، أنَّ مبيعاتها في الصين انخفضت بنحو 37% في الربع الأخير من عام 2021 مقارنة بالعام الماضي، في حين ظلت المبيعات في أمريكا الشمالية أفضل، كما تباطأ الاقتصاد الألماني بشكل عام بشكل حاد في الربع الأخير من عام 2021، والذي ألقى الاقتصاديون باللوم فيه -جزئيًّا - على ضعف الاقتصاد الصيني، أكبر شريك تجاري لها.
قلة عدد السياح الوافدين للبلاد
ختامًا، يؤثر تباطؤ الاقتصاد الصيني أيضًا على إلحاق الضرر بالاقتصادات الأخرى من خلال السياحة، ففي العام الماضي، بلغ عدد المسافرين الصينيين إلى الخارج نحو25 مليون مسافر صيني فقط، أقل بنسبة 83% من عام 2019، وفقًا لـ "أكاديمية السياحة الصينية"، ويتوقع "البنك الدولي" أن ينمو اقتصاد تايلاند بنسبة 1% فقط في عام 2021، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى قلة عدد السياح الوافدين للبلاد، ففي عام 2019، أسهم المسافرون الصينيون بأكثر من 27% من دخل السياحة في تايلاند.