الطريق
الأحد 6 أكتوبر 2024 09:26 صـ 3 ربيع آخر 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

العقوبات الاقتصادية كسلاح أمريكي.. هل نجحت في تحقيق أهدافها؟

الرئيس الأمريكي
الرئيس الأمريكي

على ضوء اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية على مدار القرن الماضي لاستخدام سلاح "العقوبات الاقتصادية" أو "الإكراه الاقتصادي"، كأداة رئيسة في سياستها الخارجية ضد العديد من الحكومات في جميع أنحاء العالم، ومن أبرزها: كوريا الشمالية، وفنزويلا، وإيران، وبيلاروسيا، فضلًا عن حكومة "طالبان" في أفغانستان، والزعيم السياسي لصرب البوسنة "ميلوراد دوديك"؛ بتهمة زعزعة استقرار البلقان، ومؤخرًا ضد "موسكو" لردع روسيا والحيلولة دون قيامها بغزو أوكرانيا.

تزايدت مخاطر استخدام العقوبات الاقتصادية

ويجدر الانتباه إلى تحوُّل موقف "واشنطن" بشأن استخدام سلاح العقوبات الاقتصادية؛ فبعد أن كانت تتجنب اللجوء إلى فرض العقوبات في أوائل القرن العشرين، انقلبت الأوضاع في الآونة الأخيرة، وذلك مع تحوُّل أوروبا نحو الإحجام عن الانضمام إلى تلك الإجراءات والعقوبات الاقتصادية، والذي برز مع مساعي دول الاتحاد الأوروبي للالتفاف على العقوبات الأمريكية عبر حماية تجارتها مع إيران، وشروع ألمانيا في إتمام مشروع خط أنابيب "نورد ستريم 2" مع روسيا، مما يُشير إلى أن هناك خلافًا أمريكيًّا – أوروبيًّا بشأن استخدام سلاح العقوبات.

جدوى سلاح العقوبات

وحول جدوى سلاح العقوبات، أنه على الرغم من الآثار الكبيرة للعقوبات الاقتصادية الأمريكية، وتأثيراتها العميقة في تاريخ النظام الدولي على مدار القرن العشرين، فإن التجارب أثبتت محدودية فعاليتها في إحداث التغييرات السياسية المنشودة، فضلًا عن التكاليف الباهظة الناجمة عنها، والتي أدت إلى تفاقم الأزمات.

اقرأ أيضا: «المصلحة الخاصة» تعزز تناقض الرؤى الغربية بشأن التعامل مع روسيا

وعلى صعيد الجذور التاريخية لاستخدام سلاح العقوبات، إلى الحرب العالمية الأولى، حيث سعت الدول الأوروبية لوضع حد للصراع، وذلك عبر استخدام سلاح "الحصار الاقتصادي"؛ حيث عمدت كل من فرنسا وألمانيا آنذاك إلى فرض عقوبات ضد أعدائهما.

معاهدة "فرساي"

وفي سياق متصل، جاء التقاء القادة الأوروبيين بالرئيس الأمريكي وقتها "وودرو ويلسون" خلال مؤتمر باريس للسلام عام 1919، والذي تمخض عنه تأسيس "عصبة الأمم" بموجب معاهدة "فرساي"، وذلك باعتبارها منظمة عالمية مقرها "جنيف" والتوافق على استخدام سلاح "الحصار الاقتصادي" لردع الدول المُعتدية التي تهدد السلام العالمي.

فشل العقوبات الاقتصادية في تحقيق أهدافها

وتضاعف استخدام "واشنطن" لتلك العقوبات خلال فترة التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مقارنة بالفترة من 1950 إلى 1985، كما تضاعف مرة أخرى بحلول عام 2010. فيما تراجعت فرص نجاح العقوبات الاقتصادية في تحقيق أهدافها خلال الفترة 1985-1995؛ حيث لم تتعدى 35% إلى 40%، وانخفضت النسبة إلى أقل من 20% بحلول عام 2016، الأمر الذي يُشير إلى أنه مع تصاعد استخدام العقوبات، تتراجع احتمالات نجاحها.

أسباب استمرار أمريكا في استخدام سلاح العقوبات

وتأتي أسباب استمرار أمريكا في استخدام سلاح العقوبات الاقتصادية خلال العقود الماضية خاصة ضد الدول الكبرى، إلى تراجع مخاطر وتكاليف استخدامها مقارنة بالتدخل العسكري، كما في العراق وأفغانستان، وهو ما شكّل نقلة نوعية في استخدام تلك العقوبات، والتي اقتصرت حتى الحرب الباردة على الدول النامية دون الدول الكبرى.

وختامًا، تزايد مخاطر استخدام العقوبات الاقتصادية مجددًا خلال الآونة الأخيرة؛ وخاصة مع التحولات والأزمات التي شهدها العالم، وفي مقدمتها الأزمة المالية العالمية 2008، الأمر الذي يُشير إلى أن استمرار "واشنطن" في استخدام سلاح العقوبات الاقتصادية من المُرجَّح أن يؤدي إلى تفاقم الصراعات، وغياب أي محاولة حقيقية للسلام.