الطريق
الأربعاء 23 أبريل 2025 10:43 مـ 25 شوال 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
الشيخ محمد عبد العزيز.. رمز للتسامح والعمل المجتمعى بأسوان مهرجان أسوان الدولى لأفلام المرأة يكرم الفنانة الكبيرة لبلبة منصات الصين الرقمية تعيد تشكيل خريطة التجارة الإلكترونية عالمياً شاهد| برلمانية أردنية: أي جهة غير حكومية تمارس أي نشاط في المملكة الأردنية وجب إيقافها الكرملين: روسيا ليس لديها أي مطالب إقليمية ضد دول البلطيق ولا تنوي مهاجمة أحد وكيل الأزهر يستقبل رئيس الهيئة العليا للإفتاء بجيبوتي لبحث سبل التعاون في المجالات الدعوية والتعليميَّة أول مايو.. بدء التقديم لمسابقة “توفيق الحكيم للتأليف المسرحي” بـ”القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية” ︎وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي رئيس دولة سنغافورة وتبحث جهود دفع التنمية الاقتصادية بين البلدين تَطوّر غير مسبوق في تقديم خدمات وزارة العمل للمواطنين من خلال سيارات المراكز التكنولوجية المتنقلة رئيس الوزراء يستقبل وفدًا من أعضاء مجلس التعاون المصري الكويتي لبحث فرص التعاون الممكنة بين الشركات المصرية والكويتية رئيس الوزراء يستعرض مؤشرات تنفيذ المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال رصف عدد من شوارع المحافظة ضمن الخطة الاستثمارية للعام المالى 2024-2025

قضية الشيخ جراح والتسويق للخيانة العظمى على أنها نصر مظفر!

لا شك أن قضية حي الشيخ جراح اكتسبت رمزية عظيمة للنضال الفلسطيني في القدس، بعد أن وضع الاحتلال الاسرائيلي خطة بائسة لتفريغ هذا الحي الاستراتيجي من مضمونه العربي، من خلال إخلاء وتهجير سكانه الفلسطينيين الذين يعيشون فيه قبل الاحتلال الاسرائيلي لمدينة القدس .

جمعيات استيطانية مدعومة من حكومة الاحتلال تنشط في المكان وتدَّعي ملكيتها لأراضٍ وعقارات الشيخ جراح بموجب وثائق مزورة لا تمتّ للحقيقة بصلة، والقاضي الإسرائيلي مستوطن وقد يكون عضوًا في مثل هذه الجمعيات، والمراقب لعمل القضاء الإسرائيلي الباطل في القدس سيكتشف مباشرة أن هذا القضاء مُسيَّس ومنحاز للمشاريع الاستيطانية والجمعيات التهويدية، والمواطن المقدسي مجبر على التعامل مع محاكم الاحتلال بقوة القهر، الإجبار الذي يكرّسه الاحتلال في القدس رغم أن أهل القدس يعرفون جيدًا أن الاحتلال لا يملك وفق القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن أن يسلب المقدسيين عقاراتهم، حتى من خلال المحاكم الإسرائيلية، لأنه من واجب إسرائيل كدولة قائمة بالاحتلال أن تحمي ملكيات أهل المدينة، وليس وضع خطط وتكريس قوانين تعسفية لترحيل الناس من أرضهم .

بكل الأحوال قضية الشيخ جراح هي قضية الكل الفلسطيني، كونها تحمل رمزية النضال الوطني الفلسطيني من أجل البقاء في القدس، وكونها تتعلق بأرض وقف إسلامي لكل الأمة الإسلامية، ومن هذا المنطلق فإن هذه القضية ليست قضية سكان الحي وحدهم، وانما هي قضية أمة إسلامية اصطفاها الله لتكون صاحبة الحق المقدس في كل ذرة تراب في مدينة القدس .

في مطلع هذا الشهر اقترحت المحكمة الإسرائيلية على سكان الحي أن يبقوا في مساكنهم مقابل موافقتهم على الاعتراف لجمعية نحلات شمعون الاستيطانية بملكية الأرض التي يسكنون عليها، وأن يبقوا كمستأجرين حتى الجيل الثالث، وفي المقابل لا يحق للجمعية الاستيطانية طلب إخلائهم أو بناء أي مشروع استيطاني، لحين إعلان التسوية في القدس وثبوت ملكية الجمعية بموجب قانون التسوية أو مرور خمسة عشر عامًا على موافقة السكان على اقتراح المحكمة .

في الحقيقة إن ما تطرحه المحكمة هو تفريغ لقضية الشيخ جراح من بُعدها الوطني والعربي والإسلامي، لأن القضية في أساسها ليست نزاعا حقوقيا على عقار، وإنما قضية صراع تاريخي بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي على طريق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس .

إن ما تطرحه المحكمة يعبّر عن حجم المأزق الذي تعاني منه حكومة الاحتلال والمحكمة الإسرائيلية المكبلة بضغط الميدان والهيجان الشعبي في القدس والمقدسيين، وخلفهم كل الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية، أن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام مشاريع المستوطنين وجمعياتهم في الشيخ جراح .

ولكن ما لفت نظري هو ما سمعته من بعض الناشطين والمهتمين في قضية الشيخ جراح وهو التسويق لهذا الاقتراح الخبيث على أنه انتصار مظفر، وفرصة لن تتكرر وإنجاز وطني لا مثيل له، ويجب الموافقة عليه لأن الفرصة لن تأتينا مرة أخرى.

في اعتقادي أن التسويق لقبول اقتراح المحكمة الإسرائيلية القاضي بضرورة اعتراف سكان حي الشيخ جراح بملكية الجمعية الاستيطانية للحي، مقابل البقاء كمستأجرين، خيانة عظمى للقضية الوطنية ولدماء مئات الشهداء الذين ارتقوا في معركة الشيخ جراح، ومَن يوافق على هذا الاقتراح خائن بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ويجب رفع الغطاء الوطني عنه، فهذه ليست قضية فردية وليست نزاعا حقوقيا وإنما قضية شعب بأكمله، وأن يطردنا الاحتلال من منازلنا لنفترش الأرض ونلتحف السماء لهو أهون علينا من أن نعترف للإسرائيلي بملكيته لذرة تراب واحدة في حي الشيخ جراح، بل إني أعتبر أن مجرد التسويق لقبول هذا الاقتراح هو أيضًا بيع وشروع في الخيانة للقضية الوطنية برمّتها، وعلى من يفعلها أن يواجه الشعب الفلسطيني في كل الشوارع .

بالتأكيد يبقى الرهان على الأحرار في حي الشيخ جراح المدعومين من كل القوى الوطنية الحية والقيادة الفلسطينية لإفشال هذه الصفقة بكل الوسائل المتاحة، فلا صوت إلا للأحرار ولا بقاء إلا للأوفياء .

قبل أن أنهي، ها هو الكاتب الإسرائيلي نير حسون كتب في اليوم التالي لاقتراح المحكمة مقالًا في صحيفة هآرتس بعنوان (الفلسطينيون في الشيخ جراح تنفسوا الصعداء لكنهم مضطرون لدفع الثمن)، أكد فيه أن الفلسطينيين لن يقبلوا بهذا المقترح الذي يجبرهم على الاعتراف بملكية الجمعية الاستيطانية نحلات شمعون للحي مقابل بقائهم كمستأجرين.

يبدو أن هذا الكاتب الإسرائيلي يعرف معاني قضية الشيخ جراح ورمزيتها لدى الأحرار، أكثر من البعض لدينا!