الطريق
السبت 5 أكتوبر 2024 02:15 مـ 2 ربيع آخر 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

”جسمها متشرح من رأسها لرجلها”.. جريمة الشك والدم على مائدة الإفطار بالجيزة

جريمة قتل - تعبيرية
جريمة قتل - تعبيرية

حياة كريمة لها وأطفالها كانت أقصى أحلام "مروة". تحملت جحيم زوجها ومسلسل إهانته له واعتداءه عليها بالضرب بأشكال شتى أملا في تربية فلذات كبدها داخل أسرية سوية بعيدًا عن كابوس ضحايا التفكك الأسري. بحثت العشرينية عن مستقبل أفضل لأطفالها الأربعة لتدفع حياتها الثمن في جرييمة قتل أضحت حديث الساعة بين أهالي الحي الشعبي.

في صيف عام 2012، دار حديث بين الحاج مصطفى وأحد الجيران أخبره "في عريس ابن ناس عايز يخطب بنتك مروة". تردد الأب في الرد لاسيما أن ابنته أتمت للتو عامها الـ18 لكن إصرار الجرار "دي فرصة وأنا أضمنه".

مع إشادة الجار بالعريس المنتظر وافق والد مروة وعقد قرانهما تلاه حفل زفاف حضره الأهل والأحباب وسط أمنيات بحياة زوجية سعيدة وأن ينعم عليهما الخالق بالذرية الصالحة، لكنها أضغاث أحلام.

بلهفة وشوق شديدين تنتظر كل فتاة ليلة الزفاف "الدخلة"، تعمد كل منهن إلى رسم سيناريو رومانسي لكواليس تلك الأمسية منذ اللحظة التي تطأ أقدام الزوجين باب عش الزوجية ويغادر أهل العروسين إلا أن "مروة" كانت على موعد مع ليلة من نوع آخر.

وصلة ضرب كانت من نصيب "مروة" ليلة الدخلة بعد شجار اختلقه الزوج "أحمد ضاحي" كما لو أنه يسير على درب "ادبح لها القطة" تاركا علامات بجسدها كانت محل ملاحظة أهلها "يوم الصباحية".

بمرور الأيام، اكتشفت الزوجة سوء طباع بعلها بخلاف وصلة الشكر والثناء التي كان يرددها جارهم قبيل إتمام الزيجة. خلاف مستمر وشجار متكرر واعتداء يصل لدرجة الوحشية عانت منه "مروة" رغم حملها آنذاك.

3 أبناء وطفلة رزق بهم الزوجان خلال 7 سنوات، لم تتبدل الأحوال مع ميلاد أي منهم. لم تنس شقيقتها "راندا" تفاصيل ما تعرضت له ووالدتها لدى زيارتهما لـ"مروة" مع استقبالها مولودها الأول "زياد" حتى أنه شرع في قتل رضيعت وهي لم تتجاوز الشهر، إذ دخلت عليه زوجته فوجدته ممسكا بوسادة لخنقها "مش بحب البنات"، حسب رواية الأم لشقيقتها وقتها.

بصوت مبحوح ونبرة حزينة استرجعت الأخت وصلة الضرب التي تعرضت لها والدتها على يد زوج شقيقتها "رفع الشبشب على أمي وضربني هو وأخواته الـ3 وأغمى عليا وحجزوني في غرفة بالمنزل" لينهال بعدها الزوج بالضرب على "مروة" رغم سوء حالتها الصحية آنذاك.

مسلسل اعتداء مستمر باستخدام "سكين - موس - سلك شاحن" كان من نصيب "مروة" حتى أصيبت في إحدى المرات إصابة بالغة بالرأس استلزمت 17 غرزة، دخلت والدتها في غيبوبة فارقت على إثرها الحياة؛ حزنا على ما تتعرض له فلذة كبدها.

مع تكرار وصلات الضرب، تعددت مرات ترك الزوجة المغلوبة على أمرها للمنزل والعودة إلى بيت أسرتها هربا من جحيم "أبو العيال".

تصف جارتها مأساتها قائلة: "لما كانت تكون مه غضبانة أو مطلقة مكنش بيصرف على عياله جنيه" مضيفة: "أبوها راجل كبير في السن وأمها متوفية وملهاش حد".

7 سنوات من الإهانة والضرب دفعت بقطار الزوجين إلى محطته الأخيرة "الطلاق". تركت "مروة" عش الزوجية الكائن بشارع (10) بحي الوراق، شمال محافظة الجيزة لتعود إلى منزل الأسرة التي نشأت بين جدرانه.

سرعان ما تزوج "ضاحي" بأخرى ليرتفع إجمالي زيجاته إلى 3، لكن الأمر لم يدم سوى عامين. لم تتحمل زوجته الجديدة معاملته وطباعه السيئة لينتهي الحال بانفصالهما.

القاسم المشترك بين زيجات ابن مالك مقهى شهير عدم إنفاقه على أي من السيدات الثلاث لتصف الجارة الأوضاع وقتها "مكنش بيصرف جنيه عليهم أو عياله.. وبهدلهم آخر بهدلة ومرضيش يديهم حقوقهم ومضيع فلوسه على الهباب اللي بيشربه".

قبل شهرين، حاول صاحب الـ37 سنة مد جسور التواصل بينه وبين "مروة" مستغلا بعض الأهل والأقارب في تحسين صورته وإقناع "أم العيال" بالعودة إلى عصمته ولم الشمل مجددًا.

فطن "ضاحي" إلى أن نقطة ضعف "مروة" هي الأطفال، وأن جُل ما تبحث عنه تنشأتهم بشكل صحيح، وتقديمهم للمجتمع أبا عظيما وأما فاضلة.

اقرأ أيضا: بالأسماء.. إدراج المرشد السري للجماعة و4 آخرين على قوائم الإرهاب

حوار مطول جمعهما شدد خلاله "أحمد ضاحي" على "أنا اتغيرت خلاص هبقى كويس معاكي وتعالي نبدأ من جديد ونربي الولاد علشان ملهمش ذنب".

أمام كلمات الزوج المعسولة وتعهده بألا يتعدى عليها بالضرب مرة أخرى، وافقت ذات الـ24 ربيعا على العودة واستكمال حياتها معه رغم أن "قسيمة الجواز كانت عند المأذون".

قبل أسبوعين، طالبت "مروة" زوجها "عايزة فلوس علشان أجيب أكل للعيال" فوقعت مشادة كلامية حادة بينهما بالتزامن مع وجود خلاف بينه وبين أشقائه الثلاثة على بيع المقهى ملكهم وحص كل منم فانهال عليها بالضرب ضاربا بالوعد الذي قطعه على نفسه -بألا يضربها- عرض الحائط.

حلقة جديدة من مسلسل متعدد الحلقات لهجر "مروة" لعش الزوجية هربًا من جحيم زوجها "أحمد". هذه المرة حطت رحالها بمنزل خالها لما له من مكانة خاصة عندها.

أخبرت "مروة" خالها بمعاودة زوجها ضربها بشكل وحشي دون مبرر "كل اللي طلبته فلوس لعياله.. مطلبتش حاجة لنفسي" ليقرر الخال حل ذلك الخلاف.

اتصل خال بزوج ابنة شقيقته للوقوف على أسباب اعتداءه الأخير عليها مطالبًا إياه بالحضور إلى مسكنه لإنهاء الخلاف ووضع حدًا لممارساته غير المقبولة.

منتصف الأسبوع الماضي، جمعت جلسة صلح بين الزوجين بمنزل خال الزوجة. استمرت الجلسة إلى وقت متأخر من الليل وافقت خلالها العشرينية على العودة رفقة بعلها وتربية أطفالهما.

الثانية بعد منتصف الليل، أجرت "مروة" اتصالا هاتفيا بشقيقتها أخبرتها "قلبي مقبوض وخايفة أنام يخنقني ولا يعمل فيا حاجة". لم تدر الزوجة أن اليوم التالي سيشهد تحقق نبوءتها وستفارق الحياة في مشهد دموي بطولة رجل فقد عقله.

قبل غروب شمس اليوم التالي، تلقى العميد عمرو طلعت رئيس قطاع الشمال إشارة من شرطة النجدة بوقوع جريمة قتل بشارع ١٠.

تحريات العقيد أحمد الوليلي مفتش القطاع والمقدم هاني مندور كشفت عن مقتل ربة منزل تدعى "م.م." أمام أطفالها على يد زوجها "أحمد" عاطل.

جهود البحث والتحري تحت إشراف اللواء عاصم أبوالخير مدير المباحث الجنائية، توصلت إلى أن المتهم دائم الشجار مع الضحية، وأنه مزق جسد زوجته بـ١٧ طعنة لشكه في سلوكها.

وتبين أن المتهم أنهى حياة زوجته التي تصغره بنحو ١٢ سنة، وجلس بجوار جثتها وانتظر حضور الشرطة للقبض عليه رافضًا الهرب مبررًا السبب "شاكك إنها بتكلم رجالة على واتس آب".

لن ينس الطفل "زياد" تفاصيل ذاك اليوم المشؤوم بدءا بشجار أبويه مرورا بمقتل والدته بـ17 طعنة انتهاء بوقوفه أمام رجال المباحث والتحقيق كاشفًا عما دار خلف الباب المغلق واحتضنته الجدران.

طفل في مقتبل العمر ساقه القدر ليكون شاهدا على مقتل والدته. سيظل مشهد جثة أمه الممزقة على الأرض تسيل منها الدماء محفورًا في ذاكرته لكن الأصعب أن الجاني هو والده الجالس جوار الجثمان بملابس ملطخة وسكين مدمم انتظارا لوصول الشرطة.

"بابا جاب السكينة وقعد يضرب ماما من رأسها لحد رجلها"، بهذه الكلمات وصف الطفل المشهد الدموي الذي نفذه والده في حق "أم العيال" قبل الإفطار.

بالعودة إلى منزل الضحية، تطبق رائحة الموت على المنطقة بأكملها، اكتسى الشارع بالأسود حنا على المجني عليها بينما تتوافد النساء لمواساة شقيقتها "راندا" التي تحاول استيعاب الفاجعة مرددة عبارة "قتلها وهي صايمة.. اتقتلت في عز شبابها وفي شهر ميلادها".

وتضيف الأخت المكلومة: "قتلها قدام عيالها.. معملتش أي ذنب في حياتها.. كانت بتستحمل علشان تربي ولادها.. ربنا المنتقم" واصفة مشهد الغسل "جسمها متشرح عبارة عن أخرام من رأسها لرجلها" مختتمة حديثها "عايزة حق أختي وأطفالها الغلابة.. دا يستحق الإعدام في ميدان عام".