تونس.. إلى المجهول

البرهومي: الإخوان سبب الفقر والبطالة واحتمالات غدرهم بالمشيشي كبيرة
زهير: نتوقع تعديل دستوري ترقيعي والفساد يلاحق وزراء تونس
ومن المعروف أن راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التي تمثل جماعة الإخوان في تونس هو رئيس البرلمان، ورموز الجماعة هم الأغلبية، لكن أثبتت الأونة الأخيرة فشلهم الذريع وتبين أن أي خطوة أو إجراء يقوموا به هو لمصلحتهم فقط، دون الإكتراث لمصلحة الشعب أو متطلباته، مما جعل الأحزاب المعارضة تخرج على صمتها وتطالب بضرورة المواجهة.
قررت العديد من الأحزاب السياسية في تونس وعلى رأسها الحزب الدستوري الحر على الاعتصام داخل البرلمان، واتفق الجميع على ضرورة الإطاحة براشد الغنوشي خاصة بعد أن ثبت تواصله مع الرئيس رجب طيب أردوغان، وتعالت الأصوات بأن الإخوان يورطون تونس في أزمات داخلية تتعلق بالدول المجاورة لهم مثل ليبيا وأزمات منطقة البحر المتوسط دون داع، وكان على رأس رؤساء الأحزاب المعارضة التي وقفت أمام الغنوشي رئيسة حزب الدستوري الحر عبير موسى التي تعرضت للاعتداء على يد رئيس كتلة ائتلاف الكرامة، سيف الدين مخلوف، الحليف لحركة النهضة، ويأتي هذا الاعتداء، في أعقاب ما أعلنته النائبة التونسية بدخولها في اعتصام مفتوح داخل مقر البرلمان، لإسقاط حكومة هشام المشيشي وإجبار الغنوشي على الاستقالة من رئاسة البرلمان.
خلافات الرئيس التونسي وحكومة المشيشي
وكانت الأيام الماضية شاهدة على الخلافات التي اندلعت بين الرئيس التونسي قيس سعيد ورئيس حكومته هشام المشيشي، وأكد قيس سعيد فى كلمة أمام مجلس الأمن القومى بقصر قرطاج الرئاسى، بحضور هشام المشيشى أن التعديل الوزارى الأخير الذى أجرى فى الـ16 من يناير لم يحترم نصوص الدستور التونسى، وخصوصا التداول بشأن تفاصيل التعديل، مضيفا أنه لم يقع التداول فى موضوع التحوير، رغم أنه إجراء جوهرى، لافتا إلى أن كل الذى وصله لم يكن سوى مراسلة من رئيس الوزراء هشام المشيشى، وكذلك الأمر بالنسبة إلى رئيس البرلمان، راشد الغنوشي.
وعلى الرغم من الخلافات السياسية الشديدة بين مختلف الأحزاب والرئيس التونسي مع هشام المشميشي إلا أن حكومته تمكنت من انتزاع ثقة البرلمان وحصلت على تأييد من قبل 140 صوتا.
احتجاجات تونسية
وتأتي هذه المستجدات السياسية بالتزامن مع احتجاج المئات في العديد من الأحياء، وخاصة حي التضامن، واضطرت قوات الأمن وضع الحواجز الأمنية لمنع المحتجين من الوصول لمحيط البرلمان، الذي وجهت دعوات شعبية لمحاصرته.
وتقرر الاحتجاج الشعبي في مختلف أرجاء البلاد بعد الإعلان عن وفاة محتج يدعى هيكل الراشدي، لقي مصرعه بسبب إصابته خلال اشتباكات مع الشرطة في مدينة سبيطلة التونسية.
اقرأ أيضا : مطالبات بسحب الثقة من الغنوشي لخطره على الأمن القومي التونسي
وأكدت أسرة الراحل، وفاته بعد إصابته بعبوة غاز مسيل للدموع، خلال مشاركته في المظاهرات التي اندلعت هذا الشهر، في ذكرى الثورة التونسية.
السؤال الملح الآن هو هل باستطاعة الحكومة الحالية مواجهة الأزمات الحالية التي أندلعت جميعها مرة واحدة، وما هي السيناريوهات التي من المتوقع أن تحدث خلال المرحلة المقبلة.
يقول المحلل السياسي التونسي ورئيس المركز المغاربي للبحوث و الدراسات والتوثيق ماجد البرهومي أنه من المعروف عن الحكومات التونسية أنه لا تعمر طويلا في النظام البرلماني التونسي الجديد الذي كرسه دستور سنة 2014، حيث يفرض هذا الدستور على الحكومة لتنال التزكية من البرلمان أن تنال دعم 109 من النواب وهو ما يضطر المكلف بتشكيل الحكومة إلى تكوين ائتلاف يضم أكبر قدر ممكن من الأحزاب البرلمانية حتى يضمن تزكية حكومته.
وأشار البرهومي في تصريحات خاصة لـ "الطريق" إلى أن الإئتلاف الحكومي التونسي ينهار بمجرد أن ينسحب منه حزب أو أكثر وهو ما يفسر هذا العدد الكبير من الحكومات التي تداولت على حكم البلد منذ 14 يناير 2011، وبالتالي فإن حكومة المشيشي لن تشذ عن هذه القاعدة وقد ينفرط عقدها إذا حصلت خلافات بين الأحزاب داخلها.
وبحسب البرهومي فإن جماعة الإخوان من الممكن أن يخونوا هشام المشيشي في أي وقت، في حال قرروا عقد صفقة للصلح مع رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي لم يغفر للمشيشي انقلابه عليه بعد أن اختاره وكلفه بتشكيل الحكومة على إثر عودة المبادرة دستوريا إلى قصر قرطاج بعد عجز مرشح حركة النهضة الحبيب الجملي على نيل الثقة لحكومته من البرلمان. كما يمكن للشارع المحتقن أن يسقط هذه الحكومة التي أمامها ملفات وتحديات صعبة.
وأكد المحلل السياسي ماجد البرهومي أنه إذا سقطت حكومة المشيشي سيتم التفكير في تكليف شخصية جديدة بتشكيل حكومة جديدة على أساس تحالفات جديدة أو إلى انتخابات مبكرة سابقة لأوانها وتتحول حكومة المشيشي إلى حكومة تصريف أعمال في الحالتين وتشرف على إجراء الإنتخابات الجديدة.
مسؤولية حركة النهضة الإخوانية
ورأى البرهومي أن حركة النهضة الإخوانية هي المسؤول رقم واحد عن الأزمة الإقتصادية والإجتماعية التي تعيشها تونس لأنها متواجدة في الحكم منذ 10 سنوات سواء كحزب أول أو كشريك مع الحزب الأول خلال فترة حكم الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، موضحا أن رموزها لم يلتفتوا لأيا من المشكلات الرئيسية مثل الفقر والبطالة والتوازن في التنمية بين الجهات وانخرطت في صراعات داخلية ودسائس ومؤامرات رهيبة، وانخرطت خارجيا في لعبة المحاور متنكرة لمبادئ اليبلوماسية التونسية القائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وعدم السماح لأي كان بالتدخل في الشأن التونسي وعدم الإنخراط في لعبة المحاور.
واختتم البرهومي بالتأكيد على أن حركة النهضة سبب في فقر الشعب وتدهور تونس اقتصاديا وفي كل المجالات حيث باتت الأرقام الإقتصادية التي كانت تسجل في عهد الرئيس بن علي مطمح الشعب التونسي ومقياس التقدم.
ثلاث سيناريوهات
من جانبه، قال الكاتب الصحفي ومستشار العلاقات الدولية في مركز جنيف للدراسات الدكتور ناصر زهير، إن هناك ثلاث سيناريوهات هم المحتملين أن يحدث أيا منهم خلال المرحلة المقبلة في تونس في ظل الأزمات والاحتجاجات الحالية، أولها عمل تعديل وزاي يمكن وصفه بـ "الترقيعي"، مشيرا إلى هناك شبهات بوجود اتهامات فساد ضد العديد من الوزراء، ومن المتوقع جدا حدوث تعديل وزاري موسع، وهذا أيضا لن يرضي المتظاهرين.
وأشار زهير في تصريحات خاصة لـ"الطريق" إلى أن السيناريو الثاني هو التفكير في تشكيل حكومة أخرى لكنها ستكون من شخصيات تتمتع بالشعبية نوعا ما، منوها أن الأهم أن تكون هذه الشخصيبات مرضي عنها من قبل المتظاهرين.
وبحسب الباحث السياسي فإن السيناريو الثالث يعد هو الأصعب، حيث حل البرلمان والتوجه لعقد انتخابات جديدة تحدد طبيعة المسارات في البلاد، مؤكدا أن كافة هذه الاحتمالات تؤكد وجود مشكلة اقتصادية كبيرة ومتفاقمة تعاني منها تونس، وبالتالي لابد وأن يكون هناك تحرك اقتصادي من حكومة اختصاصين نزيهة، يتوجب عليها العمل على تحسين أوضاع البلاد اقتصاديا وتوفير كافة متطلبات الشعب.
موقف إخوان تونس
وأكد زهير أن الإخوان يقفون ضد الرئيس التونسي قيس سعيد، كونه يقف عقبة أمام مخططاتهم، لكن حقيقة الأمر أن المظاهرات الحالية سببها الرئيسي الأوضاع الاجتماعية داخل تونس، ورفض على عمليات فساد تفشت في البلاد بحسب ما يؤكد المتظاهرين، وبسبب تراجع الاقتصاد وفشل قامت به الحكومات المتعاقبة وخاصة التي تسيطر عليها حركة النهضة.