الطريق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 02:35 مـ 17 ربيع أول 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

كاتب الرسول وأشهر حفظة القرآن.. تعرف على قصة الصحابي زيد بن ثابت

جمع القرآن
جمع القرآن

صاحبي جليل، اشتهر بين المسلمين بلقب شيخ المقرئين، ومفتي المدينة، وأشهر رواة الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، قرأ على الرسول بعض القرآن، وكان من أوائل الحافظين له، إنه سيدنا زيد بن ثابت رضي الله عنه وأرضاه.

ويعود نسب سيدنا زيد بن ثابت رضى الله عنه وأرضاه إلى والده الضّحاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار بن ثعلبة، زوجته أم العلاء الأنصارية، من بني النجار، أحد أقوام المدينة المنورة، ووالدته النّوار بنت مالك.

إسلام زيد بن ثابت

كان سيدنا زيد بن ثابت رضى الله عنه وأرضاه من أهل المدينة المنورة وعندما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة سمع بقدومه وبدعوته لدين جديد، دين الحق، وكان وقتها يتيما قد توفي والده يوم بعاث ولم يكن قد تجاوز عمره وقتها إحدى عشرة سنة، وعندما سمع حديث رسول الله، أسلم مع أهله ودعى له النبي وباركه.

علم زيد بن ثابت

لطالما عرف سيدنا زيد بن زايد وسط الصحابة بثقافته، وحكمته، وتفوقه في العلم والحكمة، وبمجرد أن بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم في توصيل دعوته للخارج وإرسال دعواته للملوك، أمر الرسول زيد بتعلم بعض تلك اللغات، وتعلمها في وقت وجيز.

 وقد قال زيد عن ذلك "أتي بي النبي مقدمة المدينة، فقيل: هذا من بني النجار، وقد قرأ سبع عشرة سورة، فقرأت عليه فأعجبه ذلك، فقال: " تعلّمْ كتاب يهود، فإنّي ما آمنهم على كتابي"، ففعلتُ، فما مضى لي نصف شهر حتى حذفته، فكنت أكتب له إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأتُ له"، كما كان ممن يحفظون الوحي كلما نزل على رسول الله، فكلما حدث ذلك دعاه الرسول ليكتبه، وقال النبي عنه: " أفرض أمتي زيد بن ثابت".

فضل زيد بن ثابت

كان لسيدنا زيد بن ثابت رضى الله عنه مكانة كبيرة في المجتمع الإسلامي ويعود ذلك إلى ما تلقاه من علم، حتى إنه في غزوة تبوك حمل عمارة بن حزم راية بني النجار، فأخذها الرسول منه وأعطاها لزيد بن ثابت فسأل عمارة: "يا رسول الله! بلغكَ عنّي شيءٌ؟ " فقال له الرسول: "لا، ولكن القرآن مقدم"، دليلا على مكانة حافظ القرآن.

كما روي أن زيد بن حارثة كان ذاهبا ليركب، ففوجئ بابن عباس يمسك له ركابه، فقال له " تنح يا ابن عم رسول الله" فرد ابن عباس عليه قائلا "لا، فهكذا نصنع بعلمائنا"، وقيل عنه من الصحابة "ما رأينا رجلا أفكه في بيته، ولا أوقر في مجلسه من زيد".

لطالما استخلفه عمر بن الخطاب إذا ذهب للحج على المدينة، كما أنه أوكل إليه قسمة الغنائم يوم اليرموك، وعرف على أنه أحد أصحاب الفتوى الستة: عمر وعلي وابن مسعود وأبيّ وأبو موسى وزيد بن ثابت، ولم يكن يقدم عليه أحد من قبل سيدنا عمر بن الخطاب وسيدنا عثمان بن عفان في القضاء والقراءة، والفرائض، والفتوى، وقد استعمله عمر على القضاء وفرض له رزقا.

قال عنه الزهري: "لو هلك عثمان وزيد في بعض الزمان، لهلك علم الفرائض، لقد أتى على الناس زمان وما يعلمها غيرهما، وقال جعفر بن برقان : سمعت الزهري يقول: "لولا أن زيد بن ثابت كتب الفرائض، لرأيت أنها ستذهب من الناس".


حفظ زيد بن ثابت للقرآن

عندما كان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يتلو ما تنزل على أصحابه، واشتهر بعض الصحابة بكتابة الوحي خلف الرسول، ومنهم علي بن أبي طالب، أبي بن كعب، عبد الله بن مسعود، عبد الله بن عباس، وزيد بن ثابت.

وقبل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، قرأ زيد عليه مرتين، وعرفت تلك القراءة بقراءة زيد بن ثابت وذلك لأنه من كتبها وقرأها على النبي، كما شهد العرضة الأخيرة، وكان يقرئ الناس بها حتى مات.

جمع القرآن الكريم

انشغل المسلمون بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحروب الردة، وأثناء القتال في معركة اليمامة استشهد عدد كبير من حفظة القرآن الكريم، وبعدما استطاع المسلمون التخفيف من نار الفتنة، بدأ الخليفة أبي بكر الصديق في إعلان رغبته بجمع القرآن، خوفا من استشهاد وموت الباقي من حفظته.

وبعد فترة من التفكير دعا زيد بن ثابت وقال له: " نك شاب عاقل لا نتهمك قد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآنَ فأجمعه"، فقال زيد: "كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فقال: هو والله خير، وقال زيد بن ثابت، فلم يزل أبو بكر يراجعني، حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر".

كما شارك أثناء خلافة عثمان بن عفان الوافدين الجدد على الإسلام، وأصبحت الألسنة تختلف على القرآن حتى بين الصحابة الأقدمين الأولين، فاتخذ سيدنا عثمان قرارا بضرورة توحيد المصحف، فقال عثمان: "مَنْ أكتب الناس؟ ". قالوا: " كاتب رسول الله زيد بن ثابت"، قال: " فأي الناس أعربُ؟"،  قالوا: "سعيد بن العاص". وكان سعيد بن العاص أشبه لهجة برسول الله، فقال عثمان: " فليُملِ سعيد وليكتب زيدٌ".

اقرأ أيضاً: رفضت الزواج من النبي لأجل أولادها.. من هي فاختة بنت أبي طالب؟

وفاة زيد بن ثابت

في عام 45 هـ توفى سيدنا زيد بن ثابت رضي الله عنه، في عهد خلافة معاوية بن أبي سفيان، وعند وفاته قال بن عباس "لقد دفن اليوم علم كثير"، كما قال أبو هريرة: "مات حبر الأمة، ولعل الله أن يجعل في ابن عباس منه خلف".