”فاينانشيال تايمز” ترصد جهود عدد من الدول لمكافحة ”كورونا”

رصدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، اليوم الثلاثاء، جهود العديد من دول العالم لمكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، لاسيما بعد أن حصد أرواح الكثير وترك تداعيات سلبية على اقتصاديات الدول.
وأشارت الصحيفة، في تقرير لها إلى أن كورونا تفشى في أكثر من 80 دولة، وهو ما اضطر كل منها إلى تطبيق تدابيرها الخاصة لاحتواء المرض بهدف منعه من أن يصبح متوطنا بين سكانه، منوهة: "على الرغم من وجود سباق مع الزمن لا يوجد حتى الآن حل موحد يناسب الجميع".
تيدروس أدهانوم جبريسيس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية قال: "إن القرارات التي نتخذها جميعا، كحكومات وشركات ومجتمعات وعائلات وأفراد، يمكن أن تؤثر على مسار هذا الوباء، وعلينا أن نتذكر ذلك من خلال اتخاذ إجراءات حاسمة مبكرة يمكننا إبطاء انتشار الفيروس والحيلولة دون وقوع إصابات".
وأبرزت الصحيفة، جهود الصين، مؤكدة أن السلطات هناك سارعت إلى التحرك بمجرد الإعلان أن التهديد خطير للغاية"، رغم أن الحكومة تعرضت لانتقادات شديدة بسبب تسترها على ظهور المرض فى مراحله الأولى.
كانت ووهان المدينة التي نشأ فيها الفيروس أول المدن التي وُضعت تحت الحجر الصحي الصارم، واتبعت العديد من البلدات والقرى المجاورة نفس النهج، ووضعت العديد من البلدات والقرى حواجز الطرق الخاصة بها.
وأضافت "فاينانشيال تايمز"، أن الشوارع والطرق السريعة المزدحمة أصبحت هادئة بعد تنفيذ تدابير "التباعد الاجتماعي" عبر المدن الرئيسية، حيث تحد السلطات المحلية من عدد الأشخاص الذين يتحركون داخل وخارج المجمعات السكنية ويراقبون مداخل المتاجر لفرض حد أقصى على عدد الأشخاص المتواجدين بالداخل فى وقت واحد.
أما في إيطاليا، فقد اتخذت الحكومة في نهاية الأسبوع الخطوات الأكثر قسوة التي تتخذها أي دولة حتى الآن، بخلاف الصين لاحتواء الأعداد المتزايدة من مصابى الكورونا، ووضعت البلاد بأكملها في الحجر الصحي.
وأردفت: إن "منطقة الحجر الصحى الجديدة تتمحور حول منطقة لومباردي، وهي العاصمة المالية لإيطاليا وتتمتع بمفردها باقتصاد أكبر من أيرلندا أو البرتغال، حتى أنه كان هناك ارتباك حول كيفية إغلاق المنطقة بإحكام، خاصة مع استمرار العديد من رحلات القطارات والطائرات حتى يوم أمس الأول، ومازالت الطرق مفتوحة".
وقالت الصحيفة "إنه تم فرض الحجر الصحي على أكثر من 12 مقاطعة أخرى في المناطق المجاورة، بما في ذلك مدن بارما ومودينا وبادوفا والبندقية، كما تضمنت القواعد الجديدة إغلاقا مؤقتا للمتاحف وصالات الرياضة والمدارس والجامعات ومنتجعات التزلج".
كما رصدت الصحيفة الإيطالية الأوضاع في إيران، قائلة: إن "إيران أعلنت أول حالتين في 19 فبراير الماضي، ثم وفاتهما بعد ذلك بوقت قصير، حتى آثار الأمر حالة من الذعر العام وشكوك واسعة النطاق فى أن المسئولين كانوا يستخفون بحجم تفشى المرض فى البلاد، والتى أصبحت الآن أحد أسوأ البلدان فى حجم الإصابات على مستوى العالم".
وأضافت أن تدابير الاستجابة وضعت إيران منذ ذلك فى حالة من التوقف التام، حيث تم إغلاق المدارس والجامعات والحلقات الدراسية الدينية والصالات الرياضية وأماكن الترفيه وصلاة الجمعة ومعظم المناسبات العامة، فضلا عن البرلمان".
وتابعت "رغم أن موظفى القطاع العام يواصلون عملهم بنفس عدد الساعات، إلا أنهم اتبعوا نظام الدورات المتغيرة لتجنب الاتصال مع بعضهم البعض. وتعمل بعض الشركات الخاصة عن بُعد.. وقد أجلت المحاكم جلسات الاستماع غير العاجلة حتى إشعار آخر".
لافتة إلى أنه مع ذلك، لم يتم الحجر الصحى فى أى مدينة، وحتى الآن لم تتغلب طهران على مقاومة رجال الدين لإغلاق الأضرحة، التى تستقبل عشرات الملايين من الحجاج سنويا.
اقرأ أيضاً: عاجل| المطارات المصرية ترفع درجة الاستعداد لمكافحة كورونا
وبالنسبة للوضع فى بريطانيا، أوضحت (فاينانشيال تايمز) أن خطة عمل حكومة المملكة المتحدة الخاصة بمكافحة فيروس كورونا، الذى انتشر الأسبوع الماضي، جاءت على ثلاث مراحل متداخلة أسمتها "الاحتواء والتأخير والتخفيف"، حيث تشمل "مرحلة الاحتواء" تحديد الحالات المبكرة لمصابى الكورونا، خاصة بين المرضى العائدين من الخارج وعزلهم وعلاجهم، وتتبع وعزل الأشخاص المخالطين لهم.
وتعليقا على ذلك، قال المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطانى "إننا لا نزال فى مرحلة الاحتواء، ولكن من المسلم به الآن أن هذا الفيروس سوف ينتشر بشكل كبير".
وأكدت الصحيفة أن المسئولين يأملون فى أن يؤدى تأخير انتشار المرض إلى السماح لهم بدفع ذروة الوباء إلى فصل الصيف، عندما تكون الخدمات الصحية تحت ضغط أقل، وقد تتضمن هذه الخطة أيضا تدابير "التباعد الاجتماعي"، مثل إغلاق المدارس والكليات مؤقتًا، وتشجيع العمل من المنزل وحظر بعض التجمعات الكبيرة.
أما عن الأوضاع فى الولايات المتحدة، فقالت (فاينانشيال تايمز) "إن السلطات الأمريكية بدت فى البداية واثقة من قدرتها على احتواء الفيروس، بل وأعلنت للجمهور أنه لا يوجد خطر كبير، لكن مع تزايد أعداد الحالات اتهم النقاد إدارة الرئيس دونالد ترامب بالبطء فى التصرف وطرق المكافحة".
وفى هذا الشأن، قال معارضون "إن ترامب قلل من خطورة تفشى المرض بعد أن اتهم الديمقراطيين وما أسماها بـ"وسائل الإعلام المزيفة" بالمبالغة فى التهديد الذى يشكله المرض".. فيما أعرب مسؤولو الصحة والمسؤولون التنفيذيون فى شركات الأدوية عن مخاوفهم من احتمالية أن يكون الرئيس الأمريكى مبالغا فى تقدير مدى سرعة استكشاف لقاح.
وحذر خبراء من أن مجموعة من العوامل، بما فى ذلك حقيقة وجود أعداد كبيرة من الناس بدون تأمين صحى وعدم وجود قانون يجبر الشركات على تقديم إجازة مرضية، ربما تجعل الولايات المتحدة عرضة بشكل غير عادى لتفشى المرض.
وأشارت الصحيفة إلى أن الكونجرس الأمريكى أقر الأسبوع الماضى حزمة من الإجراءات بقيمة 8 مليارات دولار للمساعدة فى مكافحة المرض، بما فى ذلك ضخ الأموال لتمويل البحوث الطبية وتتبع العدوى، فيما يضغط بعض أعضاء مجلس الشيوخ أيضا من أجل سن قانون الطوارئ لإجبار الشركات على منح إجازات مرضية مدفوعة الأجر للعاملين لديها، لكن هذا لم يتم إقراره بعد، مما أسفر عن تعبير المسؤولين عن المخاوف من أن العمال قد يشعرون بأنهم مجبرون على مواصلة الحضور إلى العمل حتى لو كانوا مُصابين.