إسرائيل تتغنى بحسن شاكوش.. هل ينجح أفيخاي أدرعي في التطبيع مع العرب؟
لا تزال إسرائيل تبذل جهودا حثيثة من أجل التودد للعرب وفرض سياسة التطبيع، وذلك من خلال ذراعها أفيخاي أدرعي المتحدث باسم جيش الاحتلال، وذلك من خلال توجيه تغريدات في مختلف المناسبات للشعوب العربية، آخرها استغلال الأغاني الشعبية و"بنت الجيران" كسلاح في محاولة للفت أنظار المجتمع المصري، وتحقيق أهداف تل أبيبي الشيطانية.
التطبيع الإسرائيلي
"التطبيع" الذي تطمح إسرائيل لتنفيذه مع العرب له أهداف خفية، كونها تبحث عن النفط والصناديق السيادية الخليجية، إضافة إلى مساعي اليمين الأمريكي للهيمنة، خوفا من القدرة التي تمتلكها هذه الصناديق للتأثير في سياسات الغرب تجاه تل أبيب في مراحل لاحقة، وفقا لدراسة قدمها معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية.
اقرأ أيضا: ماذا بعد عملية السلام في ”الشرق الأوسط”؟
مساعي أفيخاي للتطبيع مع العرب
اللافت، أن المتحدث باسم قوات الاحتلال الإسرائيلي لم يحرص على توجيه أي تهديد للمقاومة الفلسطينية عبر صفحته الرسمية على "تويتر"، بقدر حرصه على توجيه التهاني للمسلمين بمختلف المناسبات الدينية مثل "شهر رمضان المبارك وعيدي الفطر والأضحى"، مستغلًا قدرته على التحدث باللغة العربية.
اقرأ أيضا: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مواقع لحركة حماس جنوب قطاع غزة
تنفيذ مخططات إسرائيل
محاولات أفيخاي أدرعي للتأثير على الدول المحيطة بالكيان الصهيوني، طالت أيضا مصر، حيث استعان الأخير بالأغنية المصرية التي اكتسحت مواقع التواصل الاجتماعي "بنت الجيران" للمطرب الشعبي حسن شاكوش، متسائلًا عن رأي متابعيه بها، وما إذا كانوا قد شاهدوها في حفل استاد القاهرة؟، واصفا إياه بالإبداع.
لكن سرعان ما جاء الرد المصري على تدوينة أفيخاي، حيث علق الفنان عمر كمال، مغني المهرجان الشعبي "بنت الجيران" قائلًا: "مش عاوزينك تسمعنا".
كان متحدث جيش الاحتلال استغل الأوضاع في لبنان، وعكف على الاستعانة بكلمات أغنية "طار البلد" للفنان اللبناني راغب علامة للهجوم على حزب الله، كما أنه استغل أغنية "صباح الخير سوريا" للمطرب السوري علي الديك، متسائلا: "عما سيحصل لسوريا بعد التمدد الإيراني" على حد تعبيره.
استعانة متحدث جيش الاحتلال بالأغاني العربية، كانت كفيلة بالدخول في سجالات مع فنانين آخرين أبرزهم الفنانة اللبنانية إليسا التي قامت بحظر أفيخاي بعدما رد على تغريدة لها قالت فيها إن: "أرض فلسطين تضيع ببطء ونحن متفرجون".
استغلال الموت
لم يكتف أدرعي بما سبق، بل عكف أيضا على استغلال الموت لتنفيذ مخططات إسرائيل الشيطانية، حيث حرص على نعي كل من الفنانة "نادية لطفي وماجدة"، معربا عن حزنه الشديد لوفاتهما، وأن الفن خسر قامات فنية عريقة.
اختراق الوعي الفلسطيني والعربي
الدكتور رامي أبو زبيدة المحلل الفلسطيني والخبير في الشأن الإسرائيلي، أكد أن استخدام الكيان الصهيوني لأفيخاي أدرعي في محاولة التطبيع مع العرب، هو مخطط لاختراق الوعي الفلسطيني والعربي والتأثير عليهما.
وأوضح المحلل الفلسطيني في تصريحات خاصة لـ"الطريق"، أن المشروع الصهيوني بالاستعانة بأفيخاي أدرعي كونه يتحدث اللغة العربية بطلاقة، يهدف إلى رسم صورة ذهنية إيجابية عن دولة الاحتلال، وكسْر الحاجز النفسي بينها وبين المحيط العربي، لتتحوّل بذلك دولة الاحتلال في وعي المواطن العربي من غدّة سرطانية ودولة احتلال داخل جسد المنطقة العربية، إلى دولة أساسية في نسيج منطقة الشرق الأوسط، والتحالف معها ضرورة سياسية واقتصادية لخدمة مصلحة ذلك المواطن.
كما يحرص أفيخاي أدرعي، على الاستشهاد ببعض المصطلحات الإسلامية والعادات العربية والاستشهاد بنماذج عربية، باعتباره جزءًا من حرب الدعاية الإسرائيلية بالصوت والصورة، وفقا للباحث السياسي.
ويسعى أدرعي إلى تخدير الوعي العربي والدخول لكل بيت عربي، فالمجال البصَري هو ميدان حرب فيه الصورة إحدى الأهداف، وهي في ذات الوقت تُحقّق الكثير من الأهداف أيضًا.
اقرأ أيضا: الطيران الإسرائيلي يقصف عدة مواقع شمال غرب غزة
هدف أفيخاي أدرعي
وأضاف الباحث الفلسطيني، أن أفيخاي أدرعي يصر على أن يخلق عبر ظهوره المتكرر علاقات شبه اجتماعية بينه وبين المُشاهِد العربي، بحيث يعتاد على وجوده، وهذا سينعكس في اللاوعي لدى المُشاهِد العربي على دولة الاحتلال .
نجاح متحدث جيش الاحتلال
ويرى الدكتور رامي أبو زبيدة، أن أفيخاي يبدو وكأنه نجح بالفعل في أن يكون نمطا جديدا من الدعاية الإسرائيلية، وهو أكثر احترافا وتطورا وأقدر على التخاطب مع الجمهور العربي ويظهر ذلك من خلال متابعة تطور أدائه على صفحاته الاجتماعية منذ انطلاقها في عام 2011.
وتابع: "طيلة رحلاته الافتراضية، ما انفك أدرعي يعمل على اختراق وعي متتبعين عرب صدقوه وتماهوا معه وهو ما تترجمه الأعداد الهائلة من المشاركات والتعليقات، على منشوراته".
ماكينة إسرائيل الإعلامية
من جانيه يرى الباحث والكاتب الفلسطيني الدكتور خالد النجار، أن الماكينة الإعلامية الاسرائيلية هي جزء من السياسة الإسرائيلية المُوجهة التي تحدث اختراقا للمجتمعات العربية، مشيرًا إلى أن الإعلام الإسرائيلي نجح بالفعل عبر سنوات طويلة في تضليل هذه الشعوب من خلال برامج وأدوات إعلامية يستخدمها الاحتلال لضرب بنية وتماسك تلك المجتمعات على كافة الأصعدة.
مخاطبة الشعوب
واستطرد النجار في تصريحات خاصة لـ"الطريق"، أن إسرائيل تخاطب كافة الشعوب العربية بما تمتلك من أدوات إعلامية فاعلة ولها تأثير على تغيير توجهات وسلوكيات الشعوب بما يحقق ويعزز رؤية الاحتلال التي يسوقها في الشرق الأوسط، والتي تخدم أجنداته السياسية ومواقفه في مسألة الصراع "العربي - الإسرائيلي".
التطبيع خيار أساسي
ووفقا للدكتور خالد النجار، فإن الاحتلال الإسرائيلي ينظر إلى التطبيع مع الدول العربية "أنظمة وشعوب"، بأنه الخيار الأساسي والأوحد للحفاظ على بقاء وتمدد هذا الاحتلال، منوها أن الوصول إلى تحقيق هذه الغاية يتوجب اختيار شخصية مرنة لها القدرة على إحداث خرق نوعي بين الشعوب العربية كأفيخاي أدرعي وغيره من رموز الإعلام عبر صفحات التواصل على الشبكة العنكبوتية، والذين نجحوا على المستوى التكتيكي نوعاً ما في ضرب الصورة الذهنية لحركات التحرر الوطني.
فشل أفيخاي أدرعي
واختتم الباحث الفلسطيني بالإشارة إلى إمكانية فشل "أدرعي" وغيره في استمرار المواجهة الاعلامية، نظرا لأن نقطة التحول التي تمر بها الشعوب العربية بحاجة لمدة زمنية للتصدي للإعلام الإسرائيلي، مؤكدا أن التاريخ أثبت عبر عقود أن الاحتلال قائم في المنطقة على أسس تتنافى مع الحقائق، وهو يمارس كافة أدوات الكذب والخداع والتضليل، التي ساهمت في تأصيل وتجسير علاقاته الممتدة في العالم العربي والدولي، وما يتعرض له الفلسطينيون هو أحد الشواهد التاريخية التي أثبتت زيف الاحتلال وعداءه للشعوب العربية وللشعب الفلسطيني.
