«عمارة يعقوبيان».. تاريخ شوهته السينما

البواب: كل ما جاء فى الفيلم كذب وافتراء و«إحنا عمارة محترمة وليها تاريخ»
1500 جنيه شهريًا لغرفة فوق السطوح و20 ألفًا لإيجار الشقة
عمارة يعقوبيان الحقيقية هى غير التى تم تصويرها فى الفيلم الشهير للكاتب علاء الأسوانى ولا يسكنها حاتم الرشيدى الصحفى الشاذ جنسيا ولا الحاج عزام ماسح الأحذية، وحتى سكان سطحها لم يكونوا من الطبقات المهمشة، فلقد بالغ المؤلف فى الاحداث التى تدور داخل العمارة من قبل سكانها، لكن الشىء الوحيد الذى تناوله المؤلف من ارض الواقع هو أن عمارة يعقوبيان سكنها باشوات ووزراء وفئات عالية من المجتمع.
شهدت عمارة يعقوبيان الحقيقية المتواجدة بشارع طلعت حرب العديد من القصص، منها قصص باشوات ونقل ملكيتها لضباط بعد ثورة يوليو وسيدات مجتمع، بعد موتهم تم توريث الشقق لأولادهم وأحفادهم، فمنهم من سافر إلى الخارج ومنهم من هاجر دون رجعة ومنهم من أجّرها لشركات سياحة ومراكز طبية وبعضهم من اغلقها لتعلقه بذكريات محفورة داخل جدرانها.
«عقوبيان» تلك هى التحفة الفنية التى يطمع كل من يراها فى السكن بداخلها، موقعها الحقيقى بشارع طلعت حرب وتعد من أعرق عمائر وسط البلد، أسسها المليونير «جاكوب يعقوبيان» عميد الجالية الأرمنية عام 1937 وكانت تضم سكانا من ديانات وأعراق مختلفة.
«الطريق» داخل عمارة يعقوبيان للصعود إلى آخر نقطة فى العمارة وهى السطح.
فى البداية، قابلنا عم صدام حارس العمارة قائلا: طالعين لمين يا افندم؟؟ فتحدثنا معه كمستأجرين يبحثون عن شقة ونريد أن نعرف أسعار الايجار الشهرى، فأجاب: أغلب الشقق هنا متأجرة، لشركات وفنادق وعرب ويبلغ الايجار الشهرى للشقة 20 ألف جنيه، أما عن مساحة الشقة فتعد المساحة الكلية 210 أمتار للشقة وتحتوى على خمس غرف نوم و2 دورة مياه و5 بلكونات.
وعندما تحدثنا معه عن ارتفاع الايجار وطلبنا منه تخفيف قيمته الشهرية فأجاب بكل سخرية: «انتو داخلين محل خضار» أصحاب الشقق لا يمكن يقبلوا بإيجار أقل من 20 ألف جنيه فى الشهر.
وعندما سألناه عن أسعار الايجار الشهرى بالسطح، أجاب وهو متجاهل النظر إلينا: ايجار الغرفة اليومى 300 جنيه وبتكون مفروشة فرشا كاملا وبها حمام وسرير ودولاب ويصلها ماء ولا يصعد اليها الأسانسير لأن العمارة مكونة من 6 أدوار والأسانسير يصعد إلى الستة أدوار الأولى فقط، وإضافة إلى ذلك ممنوع الصعود من سلم الطوارئ «سلم الخادمين» قديما بسبب انه خاص بمطابخ الشقق، أما عن الإيجار الشهرى لغرف السطح فيبلغ 1500 جنيه وتكون مساحة الغرفة 3 أمتار فى 4.
وبعد حديث طويل طلبنا منه الصعود إلى السطح لنرى الغرفة على الطبيعة، وبالفعل نادى الرجل صاحب الـ60 عاما على شابا يقرب عمره من العشرينيات يسكن معه بنفس الغرفة ويساعده فى جلب الأشياء من الخارج لسكان العمارة، وبالفعل جاء الشاب ليصحبنا داخل العمارة لنرى السطح وعند دخولنا اعترضنا على الصعود بالأسانسير وكأننا من مرضى فوبيا المصاعد لنرى أدوار العمارة من الداخل، فعند الدخول وجدنا كلمه يعقوبيان مكتوبة بخط كبير اعلى البوابة ومنقوشة باللغة اللاتينية ومزينة بمادة «النيلون» التى تضىء فى الظلام وكأن صاحبها يريد ان يخلد اسمه وملكيته على المبنى للأبد، وعند النظر إلى اليمين وجدنا زرعا صناعيا مرصوصا على الحوائط يعطى للمدخل شكلا جميلا، وفي اليسار تجد لافتة مكتوبا عليها «ممنوع كتابة أى إعلان على الحوائط»، 6 أدوار شاهدة على تاريخ وسط البلد بأكمله، فعند الصعود للدور الأول تجد به ثلاث شقق، مساحة الشقة الواحدة 210 أمتار، وعند الصعود الى السطح تجد نفسك على مساحة تتعدى الألف متر، يسكنها العشرات من الاسر وتملؤها الغرف التى تتعدى السبع غرف، أما بالنسبة للحمام فيشترك به الجميع من سكان السطح، واثناء جولتنا بالسطح انتهزنا فرصة انشغال الشاب حارس العقار بهاتفه المحمول وسألنا أحد سكان السطح عن أبرز المشاكل التى تواجههم، فقال: يعانى سكان سطوح عمارة يعقوبيان الشهيرة من عدة مشكلات، أبرزها صعوبة وصول المياه نظرا لارتفاع طوابق العمارة التى تبلغ ستة أدوار بالإضافة إلى أشعة الشمس الحارقة فى فترات الصيف والبرد الشديد بفصل الشتاء، بالإضافة إلى عدم صعود المصعد إلى الأعلى وعدم توفير بعض الخدمات من كهرباء ومياه وغيرهما الكثير، وعندما سألناه عن رأيه فى الفيلم الشهير عمارة يعقوبيان، قال لنا انه مجرد فيلم ولا يوجد بالسطح مثل تلك المشاهد الخليعة حسب قوله، معربا عن حزنه الشديد لما وصل إلى ذهن المشاهدين تجاه العقار، حيث إن أحداث الفيلم لا تمت بصلة للواقع الذى شاهده الجمهور داخل السينمات.
وأضاف على حديثه الحاج محمد صاحب الخمسين عاما، واحد من سكان السطح، أن العمارة بها العديد من المشاكل الخدمية مثل المياه والكهرباء وتنظيف العقار من الداخل وعدم مشاركة أى من سكان العمارة فى المصاريف الاضافية مثل كهرباء السلم وصيانة المصعد وتنظيف السلم وغيرها من مشاكل كثيرة، مضيفا: تواجهنا كسكان فى أن تلك المصاريف بسيطة تكاد تكون تافهة بالنسبة للايجار الشهرى لهم، فهناك من يسكن بعشرين ألف جنيه شهريا وآخر من يسكن بثلاثين ألفا شهريا، أما إذا كان المستأجر يستخدم شقته فى نشاط تجارى فيتعدى ايجاره الشهرى الخمسة وثلاثين ألف جنيه شهريا، ومع ذلك يتهربون من دفع مبالغ اضافية بسيطة لا تتعدى المئة جنيه، بالاضافة إلى هروبنا من تعامد أشعة الشمس فوق رؤوسنا وتأثرنا بارتفاع درجات الحرارة الشديدة وموجة الطقس السيئ، خاصة مع أجواء الصيام فى شهر رمضان الكريم، بالإضافة إلى مرض أبنائنا وتلف بعض أجهزتنا المنزلية، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، اما بالنسبة لفصل الشتاء فنحن نواجه مشاكل كثيرة، منها كثرة الأمطار وامتلاء السطح بالمياه مما يجعلنا نقوم بمسحها.