الطريق
الخميس 9 مايو 2024 09:16 صـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

حاتم زهران يكتب: ما بعد رأس الحكمة

جرى الاتفاق والإعلان عن صفقة "رأس الحكمة"، ألف مبروك، ولكن السؤال ماذا بعد، فهناك الكثير والكثير من الموضوعات والأشياء التي يجب أن تُفعل وتنتظرنا، وليس فقط أفعال بل وهناك الكثير والكثير من ردود الأفعال ستحدث وستتم على أرض الواقع، ولذا الحديث سيطول لسنوات قادمة عن هذه الصفقة، والأهم أن هناك صفقات أخرى مماثلة أُعلن عنها قادمة، على شاكلة صفقة" رأس جميلة" فى "شرم الشيخ" للسعودية، وصفقة "ريفيرا العالمين" وأعلن عنها أنها لقطر، وربما يكون فى الجعبة الكثير من القليل الذى لا نعلمه، ولذا الحديث طويل عن موضوعات كثيرة من أول أثر ذلك على سعر الصرف والأسعار، مرورا ومنتهيا بالآمال المستقبلية للمكاسب والأرباح لحصة مصر فى مثل هذه المشاريع والاستثمارات والصفقات..

ولكن هناك جانب رئيسى فى الموضوع يشغل بالى شخصيا، وأنا فى رأى الشخصى يحتاج لوزارة متخصصة كوزارة إستثمار جديدة مرة أخرى ترعى هذا الجانب، وهو ببساطة، إن مثل هذه المشاريع الضخمة سيتم ضخ فيها عشرات المليارات من الدولارت أى بضع تريليونات من الجنيهات، والتى ستحتاج إلى الكثير من الموراد والخامات والمنتجات على جميع الأصعدة، من مصانع ضخمة عملاقة إلى متوسطة وصغيرة بل ومتناهية الصغر، هذا بخلاف العمالة التى قد تصل بلا أى مبالغة إلى الملايين..

وبسؤالى إلى أصدقائى من المطورين العقاريين، حينما يتم بناء عمارات سكنية أو كمبوندات أو فنادق ضخمة أو مدينة سكانية، كم من الخامات والمنتجات التى تدخل فى المعمار حتى السكن من المكون المحلى، وكم من المكون الخارجى أى من الإستيراد، فأجابوا ببساطة شديدة 30 - 70، أى 30% من حجم المشروع من المكون المحلى، و70% من حجم من المشروع من المكون الخارجى أى من الاستيراد..

بمعنى بسيط، لو مشروع رأس الحكمة لوحده سيدر 150 مليار دولار، فمنهم 30% من المنتج والمكون المحلى أى 45 مليار دولار سيبقوا داخل البلد، وستدخل فى جميع الصناعات والمؤسسات والشركات والعمالة، و70% ستخرج خارج مصر من إستيراد باقى المكونات، أى ما يعادل 105 مليار دولار..

إذن نحن أمامنا شقين كبار وهما :-

الأولى : المكون الداخلى أى المحلى : فنحن أمام تحدى كبير، هل نحن بالفعل مستعدين له، من إنتاج وتجهيز وتوريد فى خلال خمس سنوات فقط وهى فترة إنشاء المشروع كما أعلن، وأن تكون جميع المواد اللازمة له من خامات ومنتجات متوفرة، وهل هناك مصانع كافية لذلك، وهل هناك عمالة ماهرة مُعدة لذلك، وهل هناك رؤوس أموال لدى رجال الأعمال الذين سيشاركون فى العملية الإنتاجية لديهم من سيولة ما تسمح بالمشاركة، إن هذه المنظومة محتاجة إلى معالجة من أفضل وأرقى ما يكون من المتخصصين الأكاديميين التقنيين والفنيين، ويكون لديهم خبرات واسعة، لإنشاء وتنظيم وإدارة ومراقبة ومحاسبة هذه المنظومة، والتى ربما فى المستقبل المنظور أن تتضاعف بالمزيد من المشروعات المماثلة..

والثانى : المكون الخارجى أى الإستيراد : والذى سيمثل أكثر من ثلثى التمويل سيخرج خارج البلاد، أليس هناك فرصة ذهبية لإنشاء مثل هذه الصناعات أو المنتجات على شكل واسع تعيد بفوائدها الإقتصادية الجمة على الإقتصاد المصرى، من فتح مشاريع جديدة وشركات ومصانع وبالتالى المزيد من العمالة، بدلا من خروج هذه الأموال خارج البلاد وفقدها، ومن هنا أنا أقول أن هناك فرصة ذهبية، لإنشاء المزيد من القاعدة الصناعية للصناعات المغذية لمثل هذه المشروعات، وهنا أنا أقول أيضا أن الوقت ليس فى صالحنا إن لم نعمل بسرعة شديدة، فلن ينتظرنا أحد، فالمشروعات سيبدأ العمل فيها فور ضخ الأموال، والرأسمالية العالمية لا يهمها فى التحليل الأخير إلا تحقيق أعلا ربحية فى أسرع وقت ممكن، ولن تنتظرك تفكر وتخطط وتدرس وتقرر، سيكون هو قد إتخذ القرار مع آخرين، ولذا نحن لا نملك رفاهية إتخاذ القرار، فلا بد أن يكون هناك رؤية لإنشاء شركات ومصانع وإستثمارات جديدة لكل إحتياجات هذه المشاريع بدلا من إستيراداها من الخارج، إننى لا أقول كلها، ولكن على الأقل نأخذ حصة منها، وما لا يُدرك كله لا يُترك كله..

وفى التحليل الأخير، علينا أن نحول مثل هذه المشاريع من مشاريع إستثمارية ريعية ببيع الأراضى ومبانى وترفيه إلى مشاريع إنتاجية، فإقامة مشروع فى حجم رأس الحكمة سيحتاج بلا أى مبالغة لآلاف من الشركات والمؤسسات والمصانع لآلاف من المنتجات، وعلينا أن نعد العدة لكل هذا..

أرجو أن تصل رسالتى إلى كل من هو مسئول ومشارك فى هذه المنظومة من الرئاسة إلى رجال الأعمال إلى الإعلام..