الطريق
الخميس 9 مايو 2024 05:38 صـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

محمد هلوان يكتب: رفاهية الإبداع.. الأفكار داخل الصندوق

اللا فن
اللا فن

في بعض الأحيان كثيراً ما أفكر خارج السياق، وما ألبث أن أشرد قليلاً حتى أعتدل كما أمرت لأعيد صياغة كلماتي وأصحح مسار فكري، هكذا الحال دوماً.. لا أدعي إتياني أفكاراً جديدة، ولا أبتكر أنساق مغايرة، فقط أحرر عقلي من كل الموروثات قبل إيجاد حلول عملية تتناسب مع مشاكل الواقع، فالأزمات الحالية وعلى الرغم من تنوعها المبالغ فيه إلا أنها معاد تدويرها، أو أزمات مؤجلة ما لبثت أن فرضت نفسها على الساحة من جديد، لا ألقي باللوم على أحد، أركز في المشكلة وأسبابها بعيدًا عن مسببها، لا يعنيني شخصه أو توجهه، حتى إن حاولت التفكير من وجهه نظره ومعرفة الأسباب التي جعلته يتخذ مثل ذلك الإجراء.

الحلول عديدة، فكرة تبني حل وحيد دون غيره مأساة نعيشها يوميا، وفي نفس الوقت تبني كل الحلول وتجربة كل منهما على حدا يصنع أزمات فرعية ملاصقة للأزمة الحقيقية، يزيدها بشاعة ويأصل جذورها للمستقبل. المرونة والتفكير هما الحل الأمثل، والاستعانة بأصحاب التخصص الذي أنادي به منذ سنوات هو الأجدر..

ربما كلماتي تصبح للبعض بغير سياق او ترتيب، ولا يمكن حملها على منحى واحد بعينه، الموضوع ببساطة شديدة عن الفكر بشكل عام، وصناعة الفكر والمفكرين، وقدرة الوضع الحالي على خلق مستنيرين يستطيعون تحكيم العقل اكثر من العاطفة او التشبث بكلمات ذائفة المضمون، على الرغم من تنميقها كي تخاطب وجدان العوام، لا استثقل كلماتي، ولا احاول جعلها مبهمة اكثر منها التعبير بصدق عما يدور بعقلي..

علوم انسانية
فليست كل الحلول سهلة، بعض الأزمات تستلزم طريقة في التفكير والتعبير يبناسبها اكثر من غيرها، ولا يجوز تبسيط الأزمات الكبيرة حتى وان كانت بسبب مخاطبة العوام بأهميتها، فمن يستصعب القراءة لن يتمكن من التأوويل، ومن يتكاسل عن التفكير سيتحول لتابع، وما اكثر التابعين. لا دور في الحياة المعاصرة للتابعين، من يصيغ الحياة هم المثقفين، وحتى مع اعتراضي على التسمية والتخصيص فهذا امر واقع، فالنخبة هي من تحدد مسار المستقبل، ولكن اي نخبة، بوتمور في كتابه النخبة والمجتمع سرد تفصيلياً دور النخبة، فلا داعي للتكرار.. وكونه سلط الضوء على نقطة فهناك جوانب اخرى هامشية ينبغي مراعاتها؛ احياناً تفرعات المشكلة هي ما تضخمها، وتجعل لها قشرة تُصعب من الغوص في اعماقها!

ولكن لنعد للسياق؛ للأسف الأبداع تحول من مجرد تجرد للفكر وتخطي الموجود لمجرد مرادفه فنية، على عكس معناها الحقيقي في اللغة، او بلغة المناطقة تحولت لـ "ما صدق"، وفي احد التخصصات الموجودة تحولت من إبداع لـ إبتداع! تنذر بكارثة على قائلها. توقفت حرية الابداع عندما اقمنا اسواراً حول معتقدات ثقافية وتراثية، هي ما تحُول دون العبور للمستقبل، لا اريد ان استخدم كليشات محفوظة، ولكنها مع ذلك تعبير حقيقي حول الازمة.
فأصبح كل ما نحاول انتاجه او بمعنى اخر ابداعه يتمحور حول الموجود، ولا تحاول الخروج من ذلك السور، حتى لا تصبح انت نفسك الأزمة من وجهة نظر الاخرين! فتخيل محاولتك لحل ازمة يتحول النظر منها إليك، وتصبح انت الازمة وتُهمش الأزمة الفعلية!

الامر لن يستمر بمسكنات، فالخطاب لغته لم تتغير منذ قرون، واساليبه مازالت كما هي، حتى إدعاءاته اصبحت مكررة، ولكن ما يتبقى هو سؤال؛ هل يمكنك خلق افكار وانت مازلت لم تكتشف ما بخارج الصندوق؟

اقرا ايضاً| مفهوم الحرية.. قراءة سيسيولوجية في الثقافة العربية