الطريق
جريدة الطريق

في ذكرى مولده.. من هو الشاعر والسياسي الفونس دي لامارتن ؟

محمد طارق الصاوي -


 " الشعراء والأبطال هما شخصيتين من نفس العِرق ! "..هي احدى أشهر مقولات الشاعر الفرنسي دي لامارتين الذي ولد في مثل هذا اليوم من اكتوبرعام 1790 ، ويُعدّ أحد أكبر شعراء المدرسة الرومانسية الفرنسية. 


كان ينتمي إلى طبقة النبلاء الفرنسيين، التي كانت تعد أعلى طبقة في ذلك الزمان، نشأ وترعرع في قصر "ميلي" ، وبعد أن أكمل دراساته في أحد المعاهد اليسوعية ، أخذ يتنقل ويسافر بين البلدان .


سافر "دي لامارتين" إلى إيطاليا عام - 1811 وظل فيها ثلاث سنوات حتى سقوط النظام الإمبراطوري بقيادة نابليون بونابرت وعودة الملك لويس الثامن عشر إلى الحكم ثم راح يهتم بالأدب والشعر وينشر أولى مجموعاته الشعرية عام 1820 تحت عنوان : «تأملات شعرية» وكان عمره آنذاك واحداً وثلاثين عاما.

وكان لهذا الديوان أثرا كبيرا في حياته حيث جعل منه بين عشية وضحاها شاعراً مشهوراً يشار إليه ثم بعد ذلك بثلاث سنوات بدأت تتوالى اعماله الأدبية .

يمكن القول إن مجموعته الشعرية الأولى «تأملات شعرية» دشّنت الشعر الرومانطيقي في فرنسا وأغلقت المرحلة الكلاسيكية .
في هذه الفترة سافر إلى الشرق وتعرف على القدس في فلسطين حيث يوجد مهد المسيح ومقدسات المسيحية ثم عاد إلى أوروبا وأصبح موظفاً في السفارة الفرنسية بمدينة فلورنسا الإيطالية. ثم تزوج من فتاة إنجليزية بعد عدة قصص حب فاشلة من بينها تلك القصة التي ألهمته قصيدة «البحيرةَ» الشهيرة .

وهي من أشهر القصائد الرومانطيقية في الشعر الفرنسي ، وقد ترجمت إلى العربية شعراً عن طريق نقولا فياض.

ثم بدأ في خوض غمار السياسة ، وأصبح نائباً في البرلمان الفرنسي ، ونشر في هذه الفترة عدة كتب مهمة كان منها كتاباً جميلاً عن تاريخ الثورة الفرنسية التي كانت لا تزال حديثة العهد .

 والغريب في الأمر أن لامارتين ذا الأصل النبيل والارستقراطي أصبح من كبار مؤيدي الثورة الفرنسية التي اطاحت بطبقة النبلاء الارستقراطيين وامتيازاتهم الضخمة! وقد عارض بشدة الحكم الرجعي للملك لويس فيليب وكان أحد قادة الثورة الشعبية الشهيرة عام  1848 واصبح رئيس للحكومة المؤقتة بعدها .

 ولكن صعود نابليون الثالث على سدة الحكم عام  1852 بعد انقلاب على السلطة ، كان سببًا في إنطوائه على نفسه ، وتفريغ كل وقته للأدب والكتابة ، وقد عاش السنوات الأخيرة من حياته بشكل تعيس وحزين، فقد كان مضطراً للعمل ليلاً نهاراً لكي يستطيع أن يعيش ويأكل الخبز .


وقد اشتكى في إحدى الرسائل إلى فيكتور هيغو بأنه يخشى أن يصادروا بيته ومكتبه والأثاث لأنه لا يستطيع أن يدفع الفواتير. ثم اضطر تحت ضغط الحاجة الماسة إلى قبول هبة من الدولة عام 1867، وقد عاب عليه المثقفون

«اليساريون» ذلك واتهموه بالتواطؤ مع الديكتاتور المستبد نابليون الثالث، ولكن هل كان أمامه خيار آخر؟ وهل يريدون له أن يموت في الشارع وهو أحد أشهر شخصيات فرنسا في ذلك الوقت؟

وعلى كلٍ مات بعدها بعامين في 28 فبراير 1869 ، ورفضت عائلته تنظيم جنازة وطنية له خوفاً من أن تستغلها السلطة .

من أشهر أعماله
"تأملات شعرية" (1820)،
"جوسلين" (1836)،
"سقوط ملاك" (1838).