الطريق
جريدة الطريق

سعد الفقي يكتب: الدرس انتهى لموا الكراريس

الشيخ / سعد الفقي
-

الزمان معلوم والمكان قرية بحر البقر وتحديداً مدرستها الوحيدة واليتيمة ساعة الصفر العاشرة صباحاً. مائة وثلاثون بالتمام والكمال هم تعداد التلاميذ من أبناء القرية والقري المجاورة والمتاخمة. الأعمار ما بين الستة إلي الاثنتي عشر سنة إنه عمر الزهور.. ربما لا يعرف أحدهم أن هناك كياناً لقيطاً أسموه بإسرائيل.. وبالتأكيد لا يعرف أحدهم أنه كيان غاصب وعنصري ودموي وقد لا يعرف أحدهم سوابق الزمن والتاريخ الأسود الملطخ بالدماء لعصابات الهاجانة وحجم الجرائم التي ارتكبها الأوغاد في دير ياسين وفي جنين وفي باحات المسجد الأقصي المبارك.. همزة وصل واحدة جمعت بين التلاميذ إنها البراءة التي تحمل في طياتها السلام بكل ما تعنيه الكلمة من مفردات ومعان.. التلاميذ في حصتهم الثانية.. ولا يدري أحدهم أنها ستكون الأخيرة وأنهم علي مشارف الجنة بل الجنان وأنهم علي موعد مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً. وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر علي قلب بشر. توقفت عقارب الساعة وبدأت مراسم العرس الجماعي للطيور الخضر فجأة ودون سابق إنذار طائرات الفانتوم أمريكية الصنع تحلق فوق المدرسة وها هي تبصر علم الجمهورية العربية المتحدة تتعالي أصوات الطائرات ويرتفع أزيزها ثم تفرغ خبث ما تحمله في بطنها إنها قنابل النابالم الضحايا ثلاثون طفلاً ومعلماً فاضت أرواحهم إلي بارئها.. دون جريمة ارتكبوها والمصابون أحد عشر شخصاً.. يومها: وصفت وزارة الخارجية الأمريكية الهجوم بأنه مفزع.. وأضافت أنه إذا تأكد لها النبأ؟؟ فإن الحادث أليم!! بريطانيا راعية حقوق الإنسان رأت أن الصمت في كثير من الأحيان ربما يكون من ذهب.. راديو إسرائيل قال: أخطاء فنية كانت سبباً في وقوع الحادث.. الأمم المتحدة قالت كلمتها وبئس ما قالت.. إنها تناشد أطراف الصراع بضبط النفس ووقف فوري لإطلاق النار!! إنه الكيل بعدة مكاييل.. انتفض العالم الحر. ودبجت المقالات. ونسجت الأشعار.. فمن يسفك دم امرئ برئ فهو مجرم ولا عفو ولا صداقة مع الإجرام.. إنهم شياطين الإنس سنحفظ أسماءهم ونلعنهم مع سلالاتهم.. هؤلاء أجرموا في حقوقنا ولا يمكن أن يكون لنا مستقبل ونحن نتغافل ما حدث لنا في الماضي