الطريق
جريدة الطريق

قابلت عادل إمام

-

مازلت أذكر ذلك اليوم، رغم أنه قد مرّ عليه قرابة ثمانية عشر عامًا، يومها كنت متدربًا في مجلة «الشباب»، وعلمت أن عادل إمام سيأتي إلى المجلة في ندوة، رغم أنه لم يكن واردًا أن يظهر فى حوار تلفزيونى رغم الإغراءات المادية.

فلم أصدق، كيف يرفض التلفزيون وفلوسه، ويذهب لندوة فى مجلة شهرية، رغم أنه يتلقى عشرات الدعوات لندوات فى مختلف الشاشات والصحف والمجلات من المحيط إلى الخليج؟.

والجواب سهل، فنجومية الكاتب الكبير «عبدالوهاب مطاوع» فى الصحافة لم تكن قط أقل من نجومية «عادل إمام» فى السينما والمسرح والتلفزيون، ومن المؤكد أن رصيد الأستاذ «عبدالوهاب» كان كبيرًا فى قلب الزعيم مما جعله يُلبى دعوته، ويحضر إلى مبنى الأهرام بشارع الجلاء، رغم أن نزوله من سيارته فى هذا المكان قد يتسبب فى تعطيل حركة المرور لزحام من الجماهير.

لكننى حتى اللحظة الأخيرة كنت أظن أنه سيعتذر فى اللحظات الأخيرة على عادة النجوم؛ لكنه لم يفعلها، جاء ودخل قاعة الندوات، وجلس على المنصة، وجلست على بُعد أقل من متر فى الصف الأول لأقترب منه، وأستمع إليه عن قرب لعلى أجد جوابًا شافيًا على سؤال لم يفارقنى منذ غادرت بيتى حتى وصلت للندوة، وهو: كيف تصدّر المشهد كل هذه السنوات وكيف ظل على قمة شباك التذاكر؟.

وبمجرد أن سنحت لى الفرصة سألته، لكنه لم يُجب على السؤال، بل انفجر بوجع وشجن لم أتصور أنه يشعر به وهو فى أوج نجوميته، قائلًا: «أنا بتحارب من مؤسسات صحفية مانعة ذكر اسمى لدرجة إن فيلم المولد بيكتبوا إنه بطولة عبدالله فرغلى، وفيلم طيور الظلام بيقولوا إنه بطولة رياض الخولى».

وانتهت الندوة وغادر عادل إمام مبنى الأهرام وظللت أتابعه عن بُعد حتى استطاع أن يسير بسيارته وسط زحف كبير من الجماهير التى حاصرت المبنى حين علمت بوجوده، وحزنت أننى لم أستطع أن أحتفظ بصورة مع الزعيم، فلم تكن كاميرا الموبايلات قد ظهرت.

لكن عقب انتهاء الندوة أخذت أبحث عن قصة منعه، ومن الذى يجرؤ على منع اسم عادل إمام؟، وما المؤسسة الصحفية التى تحاربه؟!.

وعرفت الجواب، فقد صدر قرار من الأستاذ «إبراهيم سعدة»، رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير «أخبار اليوم»، بمنع ذكر اسم الفنان «عادل إمام» في جميع إصدارات «دار أخبار اليوم».

والسبب، كما قيل، أن «سِعدة» كتب سلسلة مقالات بعنوان «القنبلة»، وطلب من «عادل إمام» أن يقرأ السلسلة بأكملها كى يحوِّلها إلى عمل سينمائى، لكن الزعيم رفض بشدة، وبرر رفضه قائلًا: «إن هذا لا يصلح للسينما».

وغضب «إبراهيم سِعدة» بشدة، وشنت «أخبار اليوم» هجومًا عنيفًا على «عادل إمام» باعتباره أخطأ فى حق أكبر رأس فى المؤسسة.

ولم يعد ممكنًا أن يقوم صحفى فى «أخبار اليوم» بإجراء حوار مع «عادل إمام» أو الحديث بالإيجاب عن أفلامه أو مدح مسرحياته أو الإشادة بمسلسلاته.

وبعد سنوات حين صدرت مجلة «أخبار النجوم»، شنت حملة كبرى ضد «عادل إمام»، وكان غلاف المجلة يقول: «هل انتهت ظاهرة عادل إمام؟».

وبالطبع كان الجواب جاهزًا قبل طرح السؤال، فقد اعتبرته المجلة الفنية ظاهرة انتهت، واستعانت بكل مَن يهاجمه من القراء، والنقاد، والصحفيين.

وفى إحدى المناسبات العامة، التقى الأستاذ «محمد حسنين هيكل» النجم «عادل إمام» والكاتب الصحفى «إبراهيم سِعدة».

وفى لحظة صفاء باح «إبراهيم سِعدة» لـ«هيكل» بالغضب المكتوم تجاه «عادل إمام»، ونظر «هيكل» إلى كلٍّ من «عادل» و«إبراهيم»، ثم سأل عن سر الغضب، فحكى «سِعدة» قصة «القنبلة» وكيف أن «عادل» رفض الفكرة، وبسلاسته المعهودة رد «هيكل»: «دى وجهة نظر فنان كبير ولا مجال لمناقشة وجهة نظر فنية».

فصمتَ «سِعدة» وتهللت أسارير «عادل إمام»- على حد تعبير «أكرم السعدنى» الذى روى الواقعة- وأُغلق النقاش إلى الأبد، لكن لم تهدأ المعركة.

وظل الوضع هكذا لمدة تقترب من عشرين عامًا، ولم يجرؤ أحد على مخالفة القرار، وحتى إن خالفه، فلن يعلم أحد؛ لأن الجريدة لن تنشر مقاله.

ربما الاستثناء الوحيد من تلك القاعدة، كان الكاتب الكبير «أحمد رجب» الذى خرق حظر النشر، وحملة التشويه، والمقاطعة، وكتب مشيدًا بالزعيم «عادل إمام» فى «نص كلمة».