الطريق
جريدة الطريق

خاص| بعد فتح حدود سبتة ومليلية.. ما مستقبل العلاقات بين المغرب وإسبانيا؟

فتح المعابر الحدودية بجيبي سبتة ومليلية أمام المغاربة
محمد حامد -

في إطار المصالحة بين البلدين، أعاد المغرب وإسبانيا فتح معابرهما الحدودية بجيبي سبتة ومليلية أمام المغاربة العاملين بالمدينتين بعد توقف استمر عامين بسبب تفشِّي جائحة كورونا وأزمة سياسية مرت بها علاقات البلدين.

مدينتا سبتة ومليلية الواقعتان أقصى شماليّ المغرب، تخضعان لإدارة إسبانيا، فيما تعتبرهما الرباط «ثغرين محتلَّين»، وتطالب مدريد بالتفاوض حول مستقبلهما.

يشار إلى أن قرار فتح المعابر الحدودية بجيبي سبتة ومليلية أمام المغاربة لا يشمل حاليا سوى عددا محدودا ممن ما زالت تأشيراتهم سارية الصلاحية.

ولن يتمكن من العودة للعمل سوى نحو 230 مغربيا (وضعيتهم قانونية)، وهو ما يعتبر عددا ضئيلا بعد كان عدد العاملين يقارب 4400 عند إغلاق الحدود في مارس 2020.

وجاء استئناف مرور العمال المغاربة نحو سبتة ومليلية كأحد بنود اتفاق المصالحة الذي توصلت إليه الرباط ومدريد في أبريل الماضي، وأنهى أزمة دبلوماسية حادة استمرت طيلة عام.

وهي المصالحة التي أتاحها تغيير مدريد موقفها المحايد إزاء نزاع الصحراء الغربية، لصالح مقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب حلا وحيدا لإنهاء النزاع.

وتعد الخطوة هي الثالثة بعد استئناف الرحلات البحرية بين البلدين منتصف أبريل، والتعاون في محاربة الهجرة غير النظامية وفي تنظيم عملية عبور المغاربة المقيمين بأوروبا عبر موانئ البلدين ابتداء من 15 يونيو.

وأنهت هذه المصالحة أزمة حادة بسبب استضافة مدريد زعيم جبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية، إبراهيم غالي للعلاج.

وتفاقمت الأزمة حينها مع تدفق نحو 10 آلاف مهاجر معظمهم مغاربة، وبينهم الكثير من القاصرين، على جيب سبتة، مستغلين تراخيا في مراقبة الحدود من الجانب المغربي.

ومنذ فتح الحدود توافد الآلاف سواء بالسيارات أو راجلين، إلى معبرَي الحدود على المدينتين، خصوصاً أن منهم من بقي عالقاً خلال فترة الإغلاق.

خريطة طريق

في مارس الماضي عاد الدفء إلى العلاقات بين البلدين، بعد إعلان إسبانيا دعمها مبادرة الحكم الذاتي المغربية لتسوية النزاع في إقليم الصحراء.

واعتبر رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، في رسالة وجّهها إلى ملك المغرب محمد السادس في 14 مارس، أن مبادرة الرباط للحكم الذاتي هي «الأكثر جدية» لتسوية النزاع بالإقليم.

واقترح المغرب حكماً ذاتياً موسَّعاً في إقليم الصحراء تحت سيادته، فيما تدعو البوليساريو إلى استفتاء لتقرير‎ المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف لاجئين من الإقليم.

وفي 7 أبريل الماضي أعلن المغرب وإسبانيا في بيان مشترك، بعد زيارة سانشيز، إلى الرباط، استغرقت يومين بدعوة من الملك محمد السادس، الاتفاق على تفعيل أنشطة ملموسة في إطار خريطة طريق تشمل كل القضايا ذات الاهتمام المشترك.

عودة تدريجية للعلاقات

وعن دلالة هذا التطور في ميزان علاقات البلدين، اعتبر الدكتور سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله المغربية (حكومية)، أن علاقات المغرب وإسبانيا إزاء عودة تدريجية لما كان عليه الوضع في السابق مع ضمانات أكثر لعدم الانكسار.

وتوقع الصديقي، في تصريحات لموقع «الطريق»، تحسن العلاقات أكثر بين البلدين، بخاصة أنهم إزاء مبادئ معلن عنها من أعلى سلطتين في البلدين.

وأضاف أن المبادئ المعلنة تشكّل إطاراً مهمّاً لشراكة قوية بين البلدين، لكن استقرار العلاقات المغربية الإسبانية يتوقف كثيراً على المشهد السياسي في إسبانيا.

وتابع أن هذه العلاقات يمكن أن تتعرَّض في المستقبل لبعض سوء الفهم إذا ترأس الحكومة الإسبانية حزباً له مواقف يمكن أن تستفز المغرب بخاصة في ما يتعلق بقضية الصحراء.

وزاد: أن «هذه الصفحة الجديدة للعلاقات المغربية الإسبانية تجعل البلدين قادرين على امتصاص أي سوء فهم ولن يكون بالحدة التي كانت في الأزمات السابقة».

مصالح استراتيحية

وبدوره، أكد نبيل الأندلسي، نائب الرئيس السابق للجنة الخارجية والدفاع الوطني والمغاربة المقيمين بالخارج في مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية للبرلمان)، أن العلاقات المغربية الإسبانية تبقى تاريخية وتوثّقها المصالح الاستراتيجية المشتركة.

وأضاف الأندلسي، في تصريحات لموقع «الطريق»، أن فتح معبرَي سبتة ومليلية مؤشّر على تجاوز الأزمة التي عصفت بعلاقات البلدين بعد استقبال مدريد زعيم البوليساريو.

إشكاليات مطروحة

ورغم تَحسُّن العلاقات بين البلدين لا تزال عدة إشكاليات مطروحة، مثل فرض تأشيرة لدخول سبتة ومليلية، ومنع المغرب نهائيّاً «التهريب المعيشي» انطلاقاً من المدينتين، الذي كان يشكّل شريان اقتصادهما في السابق.

وفي مايو الماضي أعلنت السلطات المغربية أن التهريب الذي كانت تعرفه حدود سبتة ومليلية «انتهى وأصبح غير مقبول وينتمي إلى عهد قد ولّى بصفة نهائية».

وانتقد حزب الاتحاد الاشتراكي المغربي، مطلع يونيو الجاري فرض مدريد تأشيرة على سكان محافظة الفنيدق شمالي البلاد، لدخول مدينة سبتة.

جاء ذلك في سؤال كتابي وجّهَته الكتلة النيابية للحزب في البرلمان (35 مقعداً من أصل 395) إلى وزارة الخارجية المغربية، عقب قرار إسبانيا فرض تأشيرة على سكان الفنيدق المجاورة لسبتة، بعدما كان سكان المحافظة يدخلون سابقاً المدينة بلا تأشيرة عكس بقية مناطق المغرب.

وقال النائب محمد لعسل عن الاتحاد الاشتراكي، إن سكان الفنيدق فوجئوا من الإجراءات الجديدة لدخول سبتة، خلافاً لما كان عليه الوضع قبل إغلاق المعبر».

وأضاف لعسل، في تصريحات لموقع «الطريق»، أن دخول سبتة اقتصر على حاملي تأشيرة شينغن (الخاصة بدول الاتحاد الأوروبي)، مما خلّف استياءً كبيراً لدى الساكنة التي لها ارتباط تاريخي بهذه المدينة، بعدما انتظرت فتح المعبر لأكثر من سنتين لزيارة عائلاتها وذويها.

وطالب الحزب بمعرفة الإجراءات التي ستتخذها وزارة الخارجية المغربية لتمكين سكان الفنيدق من دخول سبتة.

اقرأ أيضا: صبي مغربي يسبح إلى إسبانيا على زجاجات بلاستيكية