خاص| حقوق مهدرة وآمال كبيرة في قانون الأحوال الشخصية لـ «لم شمل» الأسرة المصرية

انشغل الرأي العام خلال الفترة الماضية بقانون الأحوال الشخصية، لاسيما في ظل الأزمات التي تواجهها العديد من الأسر المصرية نتاج القانون الحالي، والذي يحتوي على العديد من الثغرات، ونتيجة لذلك قدمت الحكومة مشروعًا إلى مجلس النواب في يناير من العام الماضي لتعديله، لكنه واجه انتقادات واسعة خاصة من الأزهر الشريف الذي أعلن رفضه لمشروع القانون ليعود الهدوء لهذا الملف مرة أخرى.
وأعاد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الاهتمام إلى هذا الملف المهم ووجه بتشكيل لجنة لإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية يضمن حقوق جميع الأطراف، كما وجه بقيام أجهزة الدولة المعنية وبصفة خاصة وزارة الداخلية والنيابة العامة وهيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بإمداد لجنة إعداد القانون بالمعلومات والبيانات الدقيقة اللازمة لدعمها في أداء مهامها بكل مهنية وموضوعية.
وتعليقًا على ذلك، قالت النائبة نجلاء العسيلي، عضو مجلس النواب، إنه من الضروري أن يتناول قانون الأحوال الشخصية كل شؤون الأسرة المصرية لضمان تحقيق الاستقرار للأبناء، موضحة أن العلاقات الزوجية ليست ثابتة وتختلف من أسرة إلى أخرى وبالتالي لابد من وجود بصيرة في معالجة المشكلات الأسرية المختلفة.
آفاق جديدة وأفكار خلاقة
وأضافت «العسيلي» في تصريح خاص لـ«الطريق» أن الحوار المجتمعي حول قانون الأحوال الشخصية سيفتح الباب أمام آفاق جديدة وأفكار خلاقة من الممكن أن تساهم في وضع بعض الحلول للمشكلات التي عجز القانون عن حلها.
وثمنت عضو مجلس النواب، توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتشكيل لجنة لإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية يضمن حقوق جميع الأطراف، قائلة إن الرئيس متابع جيد لنبض الشارع ويشعر بما يعاني منه المواطنين، ويقف دائما بجوار الأسرة المصرية ويحرص على عدم وجود طلاق من أجل مستقبل الأطفال كما أن المرأة حصلت على مكتسبات عديدة في عهده.
الأطفال ضحايا المشكلات الأسرية
وأردفت نجلاء العسيلي، أن المشكلات الأسرية عادة ما يكون ضحاياها الأطفال، ولذلك أن يحتوي قانون الأحوال الشخصية على إصدار مكاتب للمشورة الزوجية تكون تابعة لمحكمة الأسرة أو بشكل منفصل، لحل النزاعات بين الزوجين قبل تصعيدها إلى المحكمة وتقديم النصح والإرشاد اللازم حفاظا على مستقبل الأبناء.
مراعاة مصالح جميع الأطراف
من جهتها، قالت الدكتورة ريهام العاصي، رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بجامعة الدول العربية، إنّ تحقيق مصالح جميع الأطراف في قانون الأحوال الشخصية مطلب عادل، بحيث يراعي كرامة المرأة وحقوق الطفل وعدم ظلم الرجل، مشيرة إلى أن الزواج عبارة عن مودة ورحمة وسكن، ثم أن المولى عز وجل قال في كتابه الكريم: «الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ».
وتابعت «العاصي» خلال تصريح خاص لـ«الطريق» أنه يجب الحفظ على الإحسان بين الزوج والزوجة حتى بعد الطلاق حتى يكون لدينا أطفال أسوياء يحبون البيئة التي نشؤوا فيها وبالتالي يكون لديهم انتماء للوطن، موضحة أن الطفل الذي يكره أسرته من الصعب أن ينتمي لوطن.
وطالبت رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بجامعة الدول العربية، بضرورة وضع الأطفال على أولوية طاولة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية، والتعجيل بإصداره لأن القانون الحالي عفا عنه الزمن في ظل تغير الزمان ومتطلباته، معلقة: «ميجيش مثلا القاضي لما يحكم للزوجة بـ 200 جنيه نفقة، اللي هو هتعمل بيهم إيه، وفي الوقت نفسه نراعي دخل الزوج الحقيقي في المسألة دي».
حق الكد والسعاية
وبينت «العاصي» أن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر أكد ضرورة إحياء فتوى حق الكد والسعاية من تراثنا الإسلامي؛ لحفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلت جهدًا في تنمية ثروة زوجها، خصوصًا في ظل المستجدات العصرية التي أوجبت على المرأة النزول إلى سوق العمل ومشاركة زوجها أعباء الحياة، لكن الأمر بحاجة إلى تشريع قانون حتى يصبح قيد التنفيذ
والكد والسعاية هو حق عند مساهمة المرأة في تنمية الثروة وزيادة المال للعائلة كمساهمتها في بناء بيت للأسرة أو مشروع استثماري تسبب في زيادة ثروة الزوج.
وهذا الحق هو رؤية شرعية تمنح المرأة الحق في أن ترث نصف تركة زوجها قبل أن تُقَّسم إذا تشاركت مع الزوج في الأموال قبل وفاته أو في حالة الانفصال وهو يعطي الحق للمرأة في الحصول على نصيبها من التركة بعد حصولها على هذا الحق الشرعي، وهو خاص بامرأة كانت تعمل وتخلط مالها بمال زوجها حتى كونا ثروة.
حقوق مهدرة
ولفتت رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بجامعة الدول العربية، إلى ضرورة تعديل القانون بما يتناسب مع مصلحة الطفل ونفسيته وراحته الشخصية فيما يخص حق الرؤية والحضانة، مشيرة إلى أن قانون الأحوال الشخصية الحالي ينطوي على ظلم كبير وحقوق مهدرة للأب الذي يتمتع بما حباه الله من رحمة ومحبة لأولاده في حين أن ترتيبه في الحضانة جاء في مرحلة متأخرة وهذا ليس إنصافا.
واستكملت ريهام العاصي، أنه من حق الأب رؤية أبنائه في ظروف طبيعية والبقاء معهم وقت كافي، لأنه لا بد أن ينشأ الطفل بين أبوين متفاهمين، مؤكدة أهمية خروج القانون بشكل منصف للطرفين.
دورات تأهيلية للمقبلين على الزواج
واقترحت رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بجامعة الدول العربية، وجود مكاتب أسرية قبل الزواج لتقديم التثقيف اللازم حول مفهوم الأسرة، وعمل دورات تأهيلية للمقبلين على الزواج، ومن ثم كتابة تقارير مفصلة عن حالة الشخصين وحفظها في أماكن آمنة تضمن حماية تلك البيانات الشخصية بدرجة سرية جيدة، من أجل اللجوء إليها في حالة حدوث خلافات زوجية تدفع الزوجين إلى الاحتكام في ساحات القضاء، ومن ثم فهم خلفيات الإشكالية وإيجاد حلول نفسية أو اجتماعية لتفادي تفكيك الأسرة.
واستكملت «العاصي» بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي يولي اهتمام بجودة حياة الأسرة المصرية وذلك ينبع من إيمانه بأن الأسرة نواة المجتمع وصلاها هو أساس تقدم المجتمعات والمواطن الذي يحب بيته بالتالي يكن الحب لوطنه.
قانون الأحوال الشخصية الحالي
وفي سياق متصل، يرى المحامي أيمن محفوظ أن قانون الأحوال الشخصية الحالي ظالما للطرفين لكن غالبا ما تأتي مشاريع القوانين المقترحة بشكل أكثر ظلما من القانون الحالي بل أحيانا يكون القانون المقترح ظالما للمجتمع كله، ويقحم أشخاص لا علاقة لهم بالنزاع بين الزوجين إلى شركاء في هذا الخلافات مثل ما جاء في آخر المقترحات بأحقية أي ذكر في العائلة طلب فسخ زواج لإحدى قريباته لغرض ما في نفسه بدعوى عدم التكافؤ وهذا يفتح أبواب الابتزاز والتدخل السافر بلا حق في خصوصية الحياة الزوجة.
وكشف أنه من صور الظلم إقحام أطراف خارجية في الخلافات الزوجية، دعوى جرى طرحها في مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي عرض على البرلمان تقترح تجمع كل الأقارب في مكان وزمان واحد لرؤية الطفل.
استرداد الهدايا والشبكة
ولفت الانتباه إلى ضرورة أن يتطرق القانون الجديد لتنظيم مسألة النزاع المبدئي في الخطوبة حول استرداد الهدايا والشبكة، وأن يحتوي أيضا على تنظيم أكثر شمولا فيما يخص عقد الزواج وفسخه والطلاق والخلع وإعطاء القاضي السلطة التقديرية في بحث كل حالة على حدة دونما التمسك بنصوص جامده تفقد قاضي المنصة والنيابة العامة السلطة التقديرية التي هي أهم ركائز العدالة.
الحضانة
ونوه إلى أنه من حق الزوج أن يكون رقم 2 في الحضانة بعد الأم، مشيرا إلى أهمية حل مشاكل الرؤية بأحقية الجد والأعمام وما شابه في رؤية الأطفال، وترتيب استضافة الأبناء ووضع قيود زمنية ومكانية حتى يتحقق الغرض منها، مع تحديد عقوبات مؤثرة لضمان تنفيذ المرأة حكم الرؤية والاستضافة وسن عقوبة رادعة للمستضيف إذا لم يعيد الطفل.
إعلان الزوجة الأولى
واستنكر المطالبات التي تريد فرض عقوبة على الرجل الذي استخدم حقه الطبيعي في الزواج لعدم إعلان الزوجة الأولى، لأنه حسب اعتقاده أمر مخالف للقوانين وفلسفتها ولا يوجد قانون يعاقب شخص على الاستخدام الطبيعي لحقه القانوني لكن من حق الزوجة طلب الطلاق أو الاشتراط المسبق في عقد الزواج بذلك.
وقال إنه من مساوئ قانون الأحوال الشخصية الحالي إشراك الزوجين في الولاية التعليمية ولكنه ترك الولاية الطبيعية في يد الزوج فلا تستطع الزوجة قيد ابنها بشهادة ميلاد أو إجراء عملية جراحية إلا بموافقة الأب، وكذلك عدم سفر الطفل إلا بموافقة كتابية من الأب.
واختتم: نريد قانونا يحقق مصلحة الجميع ويرسي مبدأ المواطنة والمساواة بين الذكر والأنثى المنصوص عليه بمنتهى الصراحة في دستور البلاد ولا ينتصر لطرف على حساب الآخر.
اقرأ أيضًا: قصة التبغ.. ماذا فعل التدخين بالبشر؟