الطريق
جريدة الطريق

في ذكرى حرب العاشر من رمضان.. كيف خدع السادات الموساد الإسرائيلي بالمرض المزعوم والمنزل الغامض؟

الرئيس الراحل أنور السادات
دعاء راجح -

ما زال هناك العديد من الأسرار حول حرب أكتوبر عام 1975، التي أدهشت العالم وأصبحت ملحمة يتم تدريسها في المؤسسات العسكرية، والتي تكشف عن عبقرية الجيش المصري وقائده في الانتصار وهو الرئيس الراحل محمد أنور السادات.

 

في واحدة من حرب العقول التي انتصرت فيها مصر على إسرائيل، تأتي حكاية ضابطة الموساد "تامار جولان"، والتي أدعت صفة صحفية وأقامت صالون ثقافي في العاصمة الفرنسية باريس، لتجسس على الأوضاع في الدول العربية والأفريقية من خلال الزيارات المتكررة من العرب والأفارقة على صالونها.

"المنزل الغامض".. اللغز أطلقه الرئيس الراحل أنور السادات ولكي يشتت عقول الموساد الإسرائيلي، وتضليل فرع البحوث والتقدير التابع له، ليؤكد لهم عدم قدرة مصر على شن حرب علي إسرائيل في عام 1973، نتيجة لإصابته بمرضه عضال.

 

وضع "السادات" خطة الخداع بمرضه النادر الذي لم يتمكن الأطباء المصريين تحديد أعراضه، وهو ما دفعه للسفر إلى فرنسا في سرية تامة لعرض نفسه علي طبيب أوروبي متخصص في أمراض أعصاب، وذلك عقب حصوله على تقرير معلوماتي مصري يؤكد على غباء العقلية الاستخباراتية الإسرائيلية، وأن التهويل من الأجهزة العالمية والثناء عليهم، جاء بهدف ردع وإخافة الأجهزة العربية من إسرائيل وعلى رأسهم مصر، وهو ما دفع الرئيس السادات إلى استفزازهم بهذا الخبر المزعوم.

 

في 9 سبتمبر عام 1973، استدرج جهاز الاستخبارات المصري جاسوس جزائري لتعريفه بنبأ مرض الرئيس السادات بمرض خطير وغير معروف، ويظل يشرف السادات على زرع البيانات المخادعة التي يريدها أن تصل إلى الموساد الإسرائيلي، وكان ذلك ضمن التمهيد الاستراتيجي لشن حرب أكتوبر 1973.

 

وحضر الرئيس الراحل أنور السادات إلى الجزائر للمشاركة في مؤتمر "دول عدم الانحياز"، وكان قد أعد الخطة لإخبار دبلوماسي جزائري عُرف بالتخابر لإسرائيل بمرضه عن طريقة شخصية مصرية كانت مقربة من الدبلوماسي الجزائري الجاسوس الذي عرف بالسيد "A"، وحينها أيضًا شاركت الضابطة الإسرئيلية في المؤتمر بجواز سفرها الفرنسي كصحفية موفدة من قبل مكتب شبكةB.B.C البريطانية.

 

الموساد الإسرائيلي ومنزل السادات الغامض

في اللحظة المناسبة، التي حددها الرئيس الراحل أنور السادات، أخبر الدبلوماسي المصري صديقه الدبلوماسي الجزائري الجاسوس، حينما أخبره بنبأ مرض السادات بمرض خطير، وهو يتصنع على وجهه تعابير التوتر والحزن فسأله "A" بطريقة طبيعية عن سبب قلقه لكي يتمكن من مساعدته فوجدها الدبلوماسي المصري فرصة مناسبة لتنفيذ هدف العملية، وطلب منه البحث معه عن منزل منعزل بمواصفات فاخرة وسعر غير مبالغ فيه وأن يكون بالقرب من ضاحية هادئة في العاصمة الفرنسية باريس، وتوفير 10 سيارات حديثة شريطة ولكن لا تحمل أسماء مصريين أو عرب، وأن يتم إنجاز هذا الأمر بأسرع وقت وخصوصًا قبل يوم 2سبتمبر 1973، على أن يقدم له عمولة ضخمة فور تنفيذ ما طلبه.

أثارت طلبات الدبلوماسي المصري المحنك اهتمام الدبلوماسي الجزائري الجاسوس، وهو ما دفعه إلى التأكيد على قدرته في تنفيذ ما طلبه منه في أقل من أسبوع وبأقل مجهود، ظنًا منه أنها فرصة مناسبة لكي يعرف الدافع وراء السرية في المنزل الهادئ والسيارات الفاخرة، ولكن الدبلوماسي المصري تصنع التهرب من الأسئلة حتي يبدو النقاش عادياً.

 

الدبلوماسي الجزائري الجاسوس والمنزل الغامض

وفور حصول الدبلوماسي الجزائري الجاسوس على معلومات عن مرض "السادات" أخبر ضابطة الموساد، وهو ما دفعها إلى العودة إلي العاصمة الفرنسية باريس للمشاركة بعملية مراقبة المنزل المصري الغامض، وفي الوقت ذاته عاد الدبلوماسي إلى عمله في السفارة الجزائرية في باريس.

 

لم يكن الأمر سهل ليصدقه الموساد الإسرائيلي، ولكنه استسلم لتصديقه، ففي أكتوبر 1973 ظهر شخص مصري ذو ملامح شرقية واضحة، وتوجه إلى وسط باريس ثم عاد وبصحبته طبيب فرنسي متخصص في مجال الأعصاب معروف بالمدينة، وكان من أصل شيوعي متعصب من أشد المعادين لدولة إسرائيل والصهيونية، وهو ما جعل الموساد يتأكد من مرض "السادات" نتيجة لاختيار طبيب متعصب ضد الصهيونية لمنع جهاز الموساد من التفكير بالاقتراب من الطبيب المتعصب لاستجوابه.

اقرأ أيضًا: ”من غزوة بدر إلى حرب أكتوبر”.. الانتصارات حليفة المسلمين في رمضان

حرب أكتوبر والمنزل الغامض في باريس

وثبتت الفكرة لدى جهاز الموساد بأن الرئيس السادات سافر إلى فرنسا للعلاج، وهو ما جعلهم يوكلون "تامار جولان" ومجموعتها بمراقبة المنزل المصري الغامض في باريس، على اعتقاد أن الرئيس أنور السادات يتم علاجه فيه، وبهذا نجحت خطة السادات في شن حرب أكتوبر وتحقيق الانتصار العظيم على الموساد الإسرائيلي.