حوار… علي عبدالخالق: لهذا السبب اعتزلت الإخراج.. ووالدي كان مرشحًا لدور صلاح الدين الأيوبي
النجم أصبح المتحكم الأول في العمل وليس المخرج.. ولا أقبل شروط الإنتاج الجديدة
والدي احترف التمثيل بعد تعيينه مديرًا لأمن سوهاج
الإخراج أسهل من الكتابة.. و"الكتاب الشطار" عددهم محدود للغاية.. وغير مقتنع بورش التمثيل
سطوة النجم على المخرج تسببت في تراجع السينما المصرية
كتبت- منال طلعت
مخرج كبير.. صاحب بصمة مميزة في عالم الفن، وعلامات هامة في تاريخ السينما المصرية، استطاع خلال مشواره أن يحفر اسمه بحروف من ذهب في ذاكرة الفن، فقدم أعمالًا لا تنسى دخل منها عملين في قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وهما "العار"، و"أغنية على الممر".
إنه المخرج الكبير علي عبدالخالق، الذي تكرمه إدارة مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، في الدورة العاشرة لما قدمه من أعمال خالدة في تاريج الفن السابع، ورغم اعتذاره عن حضور حفل الافتتاح بسبب ظروف مرضية، إلا أنه حرص على إرسال مقطع فيديو يعرب من خلاله عن سعادته بالتكريم.
"الطريق" كان لها هذا الحوار مع المخرج الكبير:
- حدثنا عن تكريمك في الدورة العاشرة من عمر المهرجان؟
في البداية شعرت بسعادة بالغة لتكريمي في هذه الدورة المميزة تحديدا، وحينما أخبرني رئيس المهرجان سيد فؤاد بتكريمي مع النجمة والممثلة هند صبري زادت سعادتي، خاصة أنني معجب بما تقدمه كثيرًا فهي ممثلة "لها قيمة كبيرة".
- في ظل المناخ السينمائي الحالي.. ألا تفكر في العودة للإخراج السينمائي؟
أنا اعتزلت الإخراج بعد 40 عاما من العمل بالسينما، ولن أعود إلا إذا أنتجت الدولة، ولكن للأسف تغيرت شروط الإنتاج، فقديما كان المخرج هو قائد العمل، لكن الآن النجم هو قائد العملية، وأشبه العمل الفني بسيارة قديما كان يقودها المخرج وفي السيارة يجلس العاملون والممثلون، ولكن اختلف الوضع الآن فمن يقود السيارة هو النجم، وبالطبع في الوقت الحالي هناك استثناءات، ولكن هذه الاستثناءات أصبحت "شاذة" والقاعدة هو أن يكون النجم قائد العمل.
وأنا لا أقبل أن يتحكم ممثل في العمل، فقديما كنا نعرض الدور على ممثل وإذا رفض يذهب الدور لآخر دون تدخل في السيناريو، وكانت الاختيارات واسعة في هذا الوقت.
- وهل هذا يعني أن كل النجوم الذين تعاملت معهم لم يبد أحدهم ملاحظة على العمل؟
إذا أبدى الفنان ملاحظة قيمة تؤخذ في الحسبان بالطبع، ولكن هذا لا يعني أن يغير في سيناريو العمل أو يتدخل في أمور أخرى، لقد تعاملت مع معظم نجوم هذه المرحلة وأبرزهم محمود عبدالعزيز، نور الشريف، محمود ياسين، يحيى الفخراني ونبيلة عبيد وفاروق الفيشاوي، وكل ممثل كان يعرف حدوده جيدا لأنهم "محترفين" ولو شعرت أن هناك ممثل غير مقتنع بالعمل "يبقى خلاص".
وتعلمت هذا الأمر من محمود عبدالعزيز، فلقد رشحت يحيى الفخراني لتجسيد شخصية دكتور عادل في فيلم "العار" ولكنه رفض لأن الشخصية سلبية وعادة ما تكون رد فعل وليس فعل، وبعدها عرضت الدور على محمود عبدالعزيز الذي دخل علينا قائلا "هعمله بأي فلوس ده دور عمري" وبالفعل كان هذا الدور نقطة تحول لمحمود عبدالعزيز.
هذا الموقف جعلني أفهم أنه إن لم يكن الممثل مقتنعا بالدور فلن أفرض عليه الأمر، وهذا ما حدث بعدها حينما عرضت دور البطولة في فيلم "الوحل" على نور الشريف، فقال لي وقتها: "هعمله عشان خاطرك"، فأجبته "لا ده عشانك مش عشاني وبيني وبينك يوم العرض الأول للفيلم"، وبالفعل ذهبنا للسينما في حفلة 9 بصحبة أبطال العمل كمال الشناوي ومجدي وهبة، ووقتها تفاعل الجمهور وظل يصفق لنور الشريف على بعض المشاهد 3 مرات فقلت له: "فاكر قلتلك إيه"، فرد علي: "بقولك إيه يا علي بعد كدة ما تبعتليش سيناريو قولي تعالى إمضي علطول".
- هل أثرت طبيعة العلاقة بين المخرج والنجم في هذه الفترة على نوعية الأفلام؟
بالطبع، والدليل أن هذه الفترة التي كنا نعمل فيها كانت الأفلام المصرية تشارك في كل المهرجانات في العالم، فلا يوجد مهرجان مهم إلا وبه فيلم مصري حتى لو لم نفز بجائزة، ولكن حاليا نجد صعوبة كبيرة حتى في المشاركة في المهرجانات المصرية، فالأفلام حاليا مختلفة من ناحية الكم والكيف، فالجو العام كان مختلفا ولا يقتصر الأمر على المخرجين والممثلين بل يمتد للمصورين والكتاب وكل صناع السينما.
- من برأيك المخرجين المميزين هذه الفترة؟
أحمد نادر جلال، وشريف عرفة، وخالد يوسف، وأحمد سمير فرج ومروان حامد، هم أبرز مخرجي المرحلة.
- وهل هناك أزمة كتابة في هذه الفترة؟
بالطبع، فالكتاب الشطار عددهم محدود للغاية، كما أنني غير مقتنع بورش السيناريو التي يشرف عليها شخص بالأساس غير محترف، وعلى الرغم من أن ورش السيناريو معترف بها في أمريكا إلا أنها ليست بهذا الشكل الذي ننظمه على الإطلاق.
السينما الأمريكية هي أقوى سينما في العالم، وهناك يتم التعاقد مع كتاب ورش سيناريو فُيطلب من الكاتب أن يقدم كل يوم مشهد إما كوميدي، رعب، تراجيدي، أكشن، وحينما يتم تنفيذ فيلم ويحتاج المخرج مشهد ما يؤخذ مشهد يتواكب مع أحداث العمل، فهذا هو مفهوم الورشة هناك.
الإخراج بشكل عام أسهل من الكتابة، لأني أعمل على السيناريو بينما بأخذ السيناريست ورقة بيضاء ليكتب فيها أفكاره وخبراته وثقافته ومفرداته، والمتميزين في هذا الجيل عددهم قليل جدا.
- حدثنا عن والدك النجم الراحل عبدالخالق صالح؟
والدي كان عاشقا للتمثيل منذ الصغر، وبسبب رفض والده عمله بالتمثيل التحق بكلية البوليس، ولكن ظل حلم التمثيل يراوده وبالفعل شاهده المخرج عزالدين ذو الفقار وطلب منه تجسيد دور الناصر صلاح الدين في فيلم يحمل نفس الاسم، لأنه يرى فيه المواصفات الشكلية الأقرب لصلاح الدين.
بعدها أصيب عزالدين بوعكة صحية ليرشح يوسف شاهين لإخراج الفيلم، فاستبعد والدي، وبعد فترة كان عزالدين يحضر لفيلمه "الرجل الثاني" فتحدث مع والدي عن دور الرجل الأول بالفيلم فوافق والدي ولكن اختار اسم "شريف حمدي" لأنه كان عميدا في الشرطة وكان ممنوع أن تعمل بالتمثيل بجانب عملك كظابط شرطة، وظل والدي يعمل أكثر من عمل باسم شريف حمدي، حتى استقال بعدما تم تعيينه مديرا لأمن سوهاج.
- ولماذا لم تسر على خطى والدك في التمثيل؟
كنت مغرما بالإخراج، وتحديدا بعز الدين ذو الفقار فكنت أشاهد أفلامه لأكثر من 20 مرة، وحينما كنت في سن صغيرة كنت أقول من هذا الذي يقف خلف الكاميرا ويجعلني أبكي وأضحك وأتأثر فأحببت الإخراج وبعد نجاحي في الثانوية قدمت في معهد السينما وبدأت العمل.
عملي كمخرج يجعلني أعيش كل الأدوار المكتوبة، وأعرف كيف أنقل أحاسيسي للفنانين، وأنا أعتقد أنني أستطيع توجيه الممثل وأقدمه في صورة سليمة.
- وما أحب الأفلام لقلبك؟
كلهم أولادي، فحينما أشاهد كل فيلم لي فأنا أشاهد الكواليس وكيف تم تصوير كل مشهد، ويمر أمامي شريط ذكريات للفترة التي صورت بها الفيلم وكل هذه الكواليس تظل حاضرة في ذهني، لأنها فترة من عمري وتاريخ حياتي، وكلها بالنسبة لي أعوام وأيام متواصلة، وأتذكر ما حدث في كل مشهد، وما حدث ونحن نحضر العمل.