الطريق
جريدة الطريق

ملف.. تحسن أسعار الطاقة ينعش صناعة السيارات والحديد.. ويدعم الناتج المحلي والتصدير

مصانع
أحمد أيمن -

تعد الصناعة المصرية، أحد أعمدة الناتج المحلي باعتبارها قاطرة التنمية خلال المرحلة المقبلة وفق ما جاءت به رؤية مصر 2030، وهو ما تعكسه البيانات والارقام الرسمية، حيث تسهم الصناعة بنسبة تتخطى 18 % من إجمالى الناتج المحلى، لذلك اتجهت الدولة إلى دعم الصناعة المحلية، بما يسهم فى إحلال المنتج المحلي محل الواردات وتوجيه الفائض للأسواق العربية والافريقية، وتمثل أسعار الطاقة العامل الأكبر والأكثر تأثيراً لحجم مخرجات الصناعة، لما تعادله الطاقة من تكلفة الإنتاج بنسب تتراوح ما بين 12 و30% حسب كل قطاع من القطاعات الصناعية، لذلك يسهم سعر الطاقة المستهلكة بالمصنع بخلق فارق فى إمكانية تسعير المنتج النهائى بين 10 و15%.

 

وأعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم الثلاثاء، أن الحكومة اتخذت حزمة قرارات مهمة لدعم قطاع الصناعة، والتعامل مع التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا المستجد.

وصرّح المستشار نادر سعد، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، أن القرارات تضمنت خفض سعر الغاز الطبيعي للصناعة عند 4,5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، كما تقرر خفض أسعار الكهرباء للصناعة للجهد الفائق والعالي والمتوسط بقيمة 10 قروش، مع الإعلان عن تثبيت وعدم زيادة أسعار الكهرباء لباقي الاستخدامات الصناعية لمدة من 3 – 5 سنوات قادمة.

رئيس لجنة الصناعة: تخفيض أسعار الطاقة ينعش الصناعة المصرية

قال المهندس فرج عامر، رئيس لجنة الصناعة فى مجلس النواب، فى تصريحاته لـ"الطريق"، إن تخفيض أسعار الطاقة سيدعم الصناعة بشكل كبير، خاصة الصناعات التي تستهلك الطاقة بكثافة، مثل صناعات الحديد التى تستهلك فى المصانع المتكاملة وشبه المتكاملة، ما يوازى 52 تريليون وحدة حرارية من الغاز، قيمتها 286 مليون دولار "نحو 4.5 مليار جنيه، وفق متوسط أسعار صرف الدولار حاليا"، لإنتاج نحو 4 ملايين طن من الحديد.

فرج عامر رئيس لجنة الصناعة

وعن فوائد تخفيض أسعار الطاقة للصناعة، أضاف رئيس لجنة الصناعة، أن تخفيض أسعار الطاقة، يساعد على ضبط أسعار المواد المصنعة محليا، ويعطيها ميزة تنافسية مع غيرها من السلع المستوردة، كما أن خفض الأسعار سينتج عنه المزيد من الصادرات، موضحا أن هناك المزيد من العوائد على الخزينة العامة للدولة نتيجة التخفيض، منها المزيد من تحصيل الضرائب على البيع والتصدير.

وأوضح عامر، أن أى تخفيض تقوم به الدولة على أسعار الطاقة يصب فى مصلحة الصناعة والمصنعين بشكل كبير، كما أنه يؤثر على حركة الإنتاج أيضا.

 

جذب الاستثمارات الصناعية العالمية ومزاحمة الصين

 

رجحت رانيا الجندى، الخبيرة الاقتصادية، فى تصريحاتها لـ"الطريق"، أن يتم خفض أسعار الطاقة فى مصر خلال الفترة المقبلة، بعد تراجع أسعار النفط عالميا بحوالى النصف، بانخفاض سعر خام برنت لـ34.23 دولار عند إغلاق جلسة الجمعة الماضية، مقارنة بـ61.49 دولار، فى آخر جمعة من أكتوبر الماضى، عندما تم خفض سعر الطاقة للمصانع للمليون وحدة حرارية لـ5.5 دولار، ووقتها تم وضع سعر 64 دولارا لبرميل النفط فى الموازنة العامة للدولة، متوقعة أن يبقى سعر خام النفط عالميا، فى النطاق الحالى بين الـ30 والـ40 دولارا، نتيجة الخلاف بين روسيا ومنظمة «أوبك»، على خفض إنتاج النفط نتيجة تقلص الطلب، وهو ما يعزز تخفيض أسعار الطاقة للصناعة المصرية.

رانيا الجندي-خبيرة أسواق المال

وأوضحت الجندي، أن المصنعين فى مصر يطالبون بنسب تخفيض معينة لأسعار الطاقة، بناء على السعر العالمى، لافتة إلى أن الدولة عند وضع سعر الطاقة، تضع فى الاعتبار حساب التكلفة التي تشمل سعر تكاليف الحفر والإنتاج والضرائب والنقل فى الشبكة، فيما يعرف بالتكاليف السيادية، وذلك بالإضافة إلى التكاليف التسويقية، مشيرة إلى أن الأسعار المرتفعة للطاقة على المصانع، يتحملها المواطن عند شراء المنتج، كما أنها أدت إلى أن نسبة 80 % من الصناعات المصرية تعمل بأقل من 60 % من طاقتها الإنتاجية؛ نظراً لارتفاع تكاليف الإنتاج، كما أنها أدت لإغلاق العديد من المصانع وتراكم الكثير من الديون على المصنعين.

 

وتابعت الخبيرة الاقتصادية، أن حالة التدهور فى التجارة العالمية حاليا، نتيجة تراجع صادرات الصين بسبب فيروس كورونا، يعد فرصة كبيرة أمام الدولة لدعم الصناعة فى مصر أكثر، ومزاحمة الصين وكبار الدول الصناعية، بجذب كبار المصنعين على مستوى العالم والماركات الصناعية الكبرى، وتوطينهم فى مصر، وإعطائهم أراضى للصناعة عن طريق التأجير التمويلى، لزيادة عجلة الإنتاج المحلى المصرى بشكل جاد، والدخول ضمن الدول الصناعية.

 

خبير اقتصادي: خفض أسعار الطاقة يدعم صناعة السيارات

 

ومن جانبه، قال الدكتور فرج عبد الله، مدرس الاقتصاد بمدينة الثقافة والعلوم، في تصريحات لـ"الطريق"، إن هناك عدة أسباب تدعم خفض أسعار الطاقة والمحروقات بشكل عام وللصناعة بشكل خاص، على رأسها تراجع سعر صرف الدولار، حيث تراجع الدولار امام الجنيه بنحو ثلاثة جنيهات منذ البدء فى تنفيذ المراحل المختلفة لبرنامج الاصلاح الاقتصادى نوفمبر 2016، ليستقر الصرف الأجنبي عند تحسن بنحو 35 قرشا وفق السعر الرسمي للصرف عند البيع في البنك المركزي، منذ نهاية أكتوبر 2019، وحتى إغلاق تعاملات الأسبوع الماضي.

 

واوضح أن ثاني الأسباب التي تدعم خفض أسعار الطاقة، تراجع سعر النفط عالميا خلال الشهر الجاري لمستويات متدنية عن نهاية العام الماضي، عن السعر المدرج له في الموازنة العامة 67 دولارا، في حين سجل سعر برميل النفط عند إغلاق تعاملات الأسبوع الماضي نحو 34.23 دولار ويتوقع أن يصل فى المتوسط إلى نحو 40 دولار للبرميل خلال العام المالى القادم، وهو ما يعزز من فرص تخفيض أسعار المحروقات مشيرا إلى أن تراجع البرميل بنحو دولارا واحدا يخفف من الأعباء المالية عن الموازنة العامة بنحو 4 مليار جنيه.

وأشارالباحث الاقتصادي، إلى أن كل هذا التراجع في أسعار النفط العالمي، يعزز من فرص تحقيق المستهدفات المالية بالموازنة العامة، خاصة وأن هذه الصدمة فى اسعار النفط العالمية من المتوقع تراجع أثرها فور استعادة الصين إنتاجها مجدداً، مضيفا أن أسعار النفط ستتراوح خلال الفترة المقبلة، بين 30 لـ40 دولارا للبرميل، نتيجة استمرار الأزمة العالمية، برفض روسيا اقتراح "أوبك" إجراء تخفيضات كبيرة في الإنتاج من أجل استقرار الأسعار التي تضررت من التبعات الاقتصادية لفيروس كورونا، مشيراً إلى ان الصناعة المصرية باتت لها الفرصة متاحة وبشكل غير مسبوق لتعويض السوق المحلية بمنتجات مصرية خاصة فى تلك التى لا تحتاج إلى تقنيات معقدة ويستلزم انتاجها اشهر معدودة.

وتابع عبدالله، أن الاتجاه العام للدولة حاليا، هو دعم الصناعة باعتبارها أحد أهم أعمدة التنمية المستدامة التي تنشدها مصر، لذلك من المرجح خفض أسعار الطاقة، بالإضافة إلى المحفزات التي قام بها البنك المركزي خلال الفترة الماضية، بإسقاط بعض من مديونيات المصانع المتعثرة الجادة، وإجراء لقاءات مع المستثمرين لحل أزمات توقف المصانع، بتسوية مديونات بقيمة تخطت 18 مليار جنيه لـ142 عميل حتى السادس من فبراير المنقضي، وإسقاط مديونات بـ10.6 مليار جنيه، وإيقاف كافة الإجراءات القضائية المتخذة لنحو 90 عميلا، واستفادة نحو 8600 عميل متعثر من مبادرة تسوية المديونيات، فضلاً عن مبادرة تمويل القطاع الصناعي الخاص، بقيمة 100 مليار جنيه بفائدة مخفضة تتراوح مابين 5-10% للمصانع حسب حجم مبيعاتها السنوى خاصة التى تتخطى مبيعاتها 50 مليون جنيه ويتحمل البنك المركزي دعم للفائدة بنسبة 4.75%، ضمن المبادرة التي أطلقت في ديسمبر الماضي.

استفادة صناعة السيارات والأسمنت والسيراميك من خفض أسعار الطاقة

 

وحول أكثر القطاعات استفادة من خفض أسعار الطاقة إذا تم، أضاف فرج عبد الله، أن أكثر القطاعات التي ستحظى بخفض أسعار الطاقة، هي المصانع العاملة في المجالات التي تسهم في بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي، منها صناعات الغزل والنسيج والأسمنت والسيراميك والزجاج والأسمدة، ناهيك عن صناعات الحديد والصناعات المعدنية التي تستهلك الجزء الأكبر من الطاقة، فتستهلك المصانع المتكاملة وشبه المتكاملة التي تعمل على 4 و3 مراحل، نحو 52 تريليون وحدة حرارية من الغاز، قيمتها 286 مليون دولار، لإنتاج 4 ملايين طن حديد، مما يجعلها تتكبد أعباءا مضاعفة في الإنفاق المالي على الإنتاج الذي تسهم الطاقة بـ12% منه، مقارنة بمصانع الدرفلة التي تعمل على مرحلة واحدة من الإنتاج وتستهلك نسب أقل من الطاقة، مؤكدا أن جميع المصانع سيتم تخفيض أسعار الطاقة لها، لكن أكبر المستفيدين هم أصحاب الصناعات ذات المساهمة النسبية الأكبر فى الناتج المحلي، كما توقع ان يشهد قطاع صناعة السيارات طفرة كبيرة خاصة مع اتجاه الدولة نحو رقمنة الخدمات المرورية و تحقيق فوائض كبيرة فى إنتاج الطاقة الكهربية، فى إشارة لدخول القطاع الخاص شراكة مع القطاع العام وكذلك مساهمة بعض من الصناديق الاستثمارية الكبري فى إعادة هيكلة هذا القطاع الحيوى والهام.

تخفيض الطاقة يدعم الناتج المحلى

 

على صعيد الموازنة العامة للدولة، وكيف ستتحمل فارق السعر فى حال خفض أسعار الطاقة، ومعرفة مدى جدوى خفضها وعوائدها على الدولة والاقتصاد الكلى، أوضح الدكتور حسين عيسى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، فى تصريحات لـ«الطريق»، أن الدولة تدرس تحقيق التوازن فى دعم أسعار الطاقة للمصانع وتخفيضها، مؤكدا أن الحكومة تضع فى الاعتبار العوائد التى ستدخل للدولة جراء خفض تكاليف الطاقة عن المصنعين، والدخول فى المنافسة فى أسواق التصدير العالمية.

 

حسين عيسى رئيس لجنة الخطة والموازنة

وتابع رئيس لجنة الخطة والموازنة، أنه يتم حاليا احتساب تكلفة الطاقة، وحجم الدعم الذى يمكن أن يقدم لها لتحقيق مستهدفات الإنتاج المحلى فى مصر، وتحفيز الصناعة والتصدير وتقليل الواردات، بما لا يضر الموازنة على المدى البعيد.

 

 

وأكد رئيس لجنة الخطة والموازنة، أن الفترة المقبلة ستشهد دعما كبيرا جدا للصناعة فى مصر، من أجل زيادة نسبة مساهمتها فى الناتج المحلى عن 12.5 %، وهى نسبة غير مرضية، مشيرا إلى أنه سيتم تقديم المزيد من الدعم للصناعة، للعمل على زيادة نسبة مساهمتها فى الناتج المحلى الإجمالى، لافتا إلى أنه خلال الفترة المقبلة ستنهض الصناعة المصرية بالدعم المقدم لها، بما يجعلها تسهم فى الناتج المحلى بنسبة مضاعفة، تصل لـ25% من إجمالى الناتج، لأن الصناعة هى الأساس الأول للتنمية، وهى أقل عرضة للتقلبات عن غيرها من مدخلات الناتج المحلى، لذلك اتجهت الدولة بقوة نحو دعم الصناعة.