خبراء اقتصاد يوضحون لـ”الطريق” سبب خفض المركزي للفائدة.. وكيف سيؤثر على التضخم والبورصة؟

قررت لجنة السياسة النقدية في اجتماع استثنائي لها، مساء يوم الإثنين الموافق 16 مارس 2020 خفض أسعار الفائدة الأساسية لدى البنك المركزي المصري بواقع 300 نقطة أساس، لمواجهة تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية، ليصبح سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية عند مستوى 9.25% و 10.25% و 9.75% على التوالى.
وقال طارق عامر محافظ البنك المركزي، إن القرار المهم الذي اتخذته لجنة السياسات النقدية في اجتماعها الاستثنائي اليوم بتخفيض معدل الفائدة بواقع 3%، يهدف إلى دعم النشاط الاقتصادي بكافة القطاعات وأنه أخذ في اعتباره التوقعات المستقبلية للتضخم، في ظل انتشار فيروس كورونا وتداعياته الاقتصادية.
لماذا لجأ المركزي للاجتماع المبكر لخفض الفائدة؟ وكيف سيؤثر القرار على التضخم؟
وقال الدكتور فرج عبد الله، مدرس الاقتصاد بمدينة الثقافة والعلوم، والخبير الاقتصادي، إن السيطرة على توقعات المتعاملين فى أسواق المال، تمثل أحد الأهداف الرئيسية للسياسة النقدية والتى تبنها البنك المركزى منذ تبنى مصر لبرنامجها الاقتصادى في نوفمبر من عام 2016.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن الاجتماع الطارئ للمركزي، تجاوز سقف التوقعات بوصول التخفيض إلى نحو 300 نقطة أساس ليستقر سعر الفائدة للايداع عند 9.25%، مشيرا إلى أن هذا التخفيض، جاء بعد سلسلة من التخفيضات والتثبيت مع قرب مرحلة جني ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادى، كما أن المرونة فى تعديل اتجاه السياسات النقدية خاصة فيما يتعلق بسعري الفائدة والصرف الأجنبي، مثلت أحد الأدوات الفاعلة فى إنجاح أهدافة الرئيسية.
وأشار مدرس الاقتصاد، إلى أن المركزى اتجه لهذه الآلية استجابة لعدد من المتغيرات الدولية وهو ما له عددا من التداعيات الإيجابية المتوقعة، على أوجه الاقتصاد الكلى حتي يتمكن الاقتصاد المصري فى امتصاص تلك الصدمات دون التأثير على معدلات النمو والتشغيل وكذلك التضخم، ويمكن تناولها على النحو التالى:
أولا: أسباب تخفيض أسعار الفائدة:
هناك عوامل دفعت البنك المركزى لتخفيض أسعار الفائدة من مستوى 12.75% إلى 9.25% اضطرارى وهو ما يتسق مع سياسات البنك المركزي، لاستهداف التضخم والبطالة والنمو، خلال المرحلة الحالية، وهو ما كان متوقعاً خلال العام الجاري.
ويمكن إرجاع ذلك التخفيض لخمسة أسباب رئيسية:
1- اتجاه أسعار الفائدة العالمية للانخفاض، خاصة بعد ما خفض الفدرالى الامريكى لأسعار الفائدة عند مستوى يقترب من الصفر (0.25%)، وعلى الصعيد الاوروبي فقد خفض البنك المركزى الاوروبي اسعار الفائدة إلى أقل من الصفر (-0.5%) لمواجهة تداعيات الخلاف الاوروبي حول بعض السياسات المالية فى ايطاليا واسبانيا والارجنتين.
2- رغم الاجتماع الطارئ اليوم والذى نتج عنه تخفيض للفائدة، إلا أن هذا التخفيض يتفق مع أسعار الفائدة المدرجة فى الموازنة العامة والتى قدرت فى نوفمبر2019 بنحو 12% بمعدل ارتفاع أو انخفاض 3%.
3- محاولة استباقية لامتصاص صدمة الكساد المتوقعة، فى الاقتصادات المتقدمة والناتجة عن تراجع الناتج الكلى فى الصين بالدرجة الاولى وهو ما دعى لتباطئ نمو التجارة وكذلك خفض التوقعات بشأن النمو الاقتصادى عالمياً.
4- تراجع أسعار الفائدة عالمياً وتحسن ميزان المدفوعات خاصة فيما يتعلق بتدفقات رؤس الأموال للداخل مما دفع لجنة السياسات النقدية بتخفيض 300 نقطة مرة واحدة.
5- دفع استقرار أسعار الصرف خلال عامى 2018/2019، خاصة وكذلك استقرار الاحتياطى من النقد الاجنبي عند مستوى يزيد عن 45 مليار دولار أى ما يكفى الواردات بما يزيد عن 9 أشهر، إلى تخفيض الفائدة وهو ما توقعته منذ شهر بعدد من الصحف.
ثانيا: تداعيات تخفيض الفائدة على الاقتصاد:
لهذا التخفيض عدد من التداعيات ويمكن تناولها على النحو التالى:
1- أسعار الصرف:
فى ضوء تحفيض الفائدة عالميا وخاصة بالاسواق الناشئة فمن المتوقع استقرار الصرف حول حدود سعرية تتراوح ما بين 15.5:16 جنية للدولار، الأمر الذى تضمنته مشروع الموازنة العامة الجديدة لعام 2020/2021.
2- أسواق المال:
فى ضوء توجهات الدولة لعدد من الطروحات الجديدة خلال الفترة ( 2018: 2022) فمن المتوقع أن يتحسن حجم التعاملات بالسوق خاصة مع تحويل عددا من المدخرين إلى الاستثمار فى البورصة وهو ما دفعت به البنوك المركزية على مستوى العالم.
3- تدفقات رؤس الأموال: بالنسبة لتدفقات الأموال الساخنة ( الاستثمار فى أدوات الدين العام) تتوقف على عاملين أساسيين أولهما محلى نسبة الدين للناتج المحلى الاجمالى وهو ما استهدفته الحكومة فى اجتماع 15 مارس الجاري بنسبة 80%، وبالنسبة للعامل الدولى فى يتمثل فى استمرار تخفيض اسعار الفائدة وهو ما تعمل عليه عدد من الدول فى الوقت الراهن.
4- تعزيز فرص إنجاح مبادرات البنك المركزى بدعم الصناعة والمصانع وهو ما له تداعيات إيجابية على الناتج والبطالة على حد سواء حيث تستهدف السياسة الاقتصادية معدل نمو 6.4%.
5- قد يشهد التضخم ارتفاع طفيف فى حدود 2% جراء خفض الفائدة وهو ما يتسق مع تنشيط الاستهلاك الكلي وقد تضمنت الموازنة الجديد مستوى تضخم سنوى 9.1%، عند معدل بطالة 8% و6% بحلول 2022.
كيف سيؤثر قرار خفض الفائدة على البورصة؟ وما هي القرارات المنتظرة؟
وقالت رانيا الجندي، الخبيرة الاقتصادية، إن الأسواق العالمية والمحلية، شهدت أزمات كبرى جراء تفشي فيروس كرونا، مشيرة إلى أن الأثر السلبي لكورونا، عاد بالأسواق إلى أرقامها منذ الأزمة العالمية عام 2008 ، خاصة بعدما تهاوت أسعار خام برنت إلى 30 دولار للبرميل، عند إغلاق جلسة اليوم، وهي خسارة تخطت توقعات الجميع.
وأشارت الخبيرة الاقتصادية، إلى توالي الخسائر على البورصات العالمية، وفقدان المؤشر الصناعي في بورصة وول ستريت الأمريكية، داو جونز، اليوم فقط، ما يتخطى الـ2000 نقطة أي ما يقارب 9.25%، مشيرة إلى انخفض المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية egx30 ، اليوم أيضا بنحو 719 نقطة، ما يعادل 7.09%، ووصل المؤشر إلى 9428 نقطة، موضحة أن هذه الأرقام هي التي كان عليها المؤشر قبل عملية تحرير سعر الصرف.
وأشارت الجندي، إلى تأثر سوق المال المصري، بالأخبار السلبية العالمية، نظرا لارتباط عمليات الاستثمار، بالأسواق العالمية، وقت الهبوط.
وأكدت الخبيرة الاقتصادية، أنه بناءا على الأحداث السابقة، اتجهت الدولة إلى حزمة من الإجراءات الاحترازية، التي تعمل على تنشيط السوق بجانب السيطرة على تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية، وكان من أهم تلك القرارات، القار الذي صدر مساء اليوم، بتخفيض سعر الفائدة 3 % أي 300 نقطة أساس لتصبح فائدة الإيداع فائدة أُحادية.
وأشارت الخبيرة الاقتصادية، إلى حزمة الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي لمقاومة الأزمة الراهنة بسب كورونا، التي تعزز ضخ السيولة إلى الأسواق، وتجعل مصر تلحق بالاقتصاديات العالمية، التي خفضت الفائدة، مثل الولايات المتحدة الامريكية، التي خفضت سعر الفائدة إلى ما بين الصفر لـ0.25%، لذلك كان لابد من تأثير قوي لأخبار داعمة محلياً تدعم سوق المال، وتدعم الاستثمار الأجنبي المباشر، بصفة عامة، مشيرة غلى أن قرار تخفيض ضريبة الدمغه من 1.5 في الألف، إلى نصف في الألف منتظر ومؤثر ولكن على المستوى المحلي وليس في مواجهة أزمة عالمية.
وأوضحت رانيا الجندي، أن سوق المال المصري، في انتظار تفعيل دور صندوق مصر السيادي لإنعاش و دعم السوق المصري، أو إنشاء صناديق استثمار تدعم السوق على الحال وطرح وثائقها للإكتتاب من طرف الدولة حتى تعطي مصداقية للمستثمرين وذلك اقتداء بوثائق قناة السويس.