الطريق
جريدة الطريق

ذبح ومواكب وحلوى.. مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي على مر العصور

مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي قديما
محمود الصادق -

اعتاد المسلمون على الاحتفال بالمولد النبوي الشريف كل عام في 12 ربيع الأول أو 17 ربيع الأول، ونرى الاحتفالات الشعبية تبدأ مع بداية شهر ربيع الأول إلى نهايته، وذلك بإقامة مجالس الذكر وقصائد مدح النبي صلى الله عليه وسلم، وتكون فيها الدروس من سيرته، وذكر شمائله ويقدم فيها الطعام والحلوى.

 

احتفال الدول العربية

وتحتفل معظم الدول العربية بذكرى مولد الرسول بشكل رسمي، إلا أن بعض البلدان مثل السعودية لا تحتفل به على أساس أنه بدعة، لكن رغم ذلك فالسكان الشيعة في المنطقة الغربية منها وسكان الحجاز السنة في شرقها يحتفلون به بشكل غير رسمي، حيث يتم إحياؤه بالتجمع وقراءة القرآن والتواشيح الدينية التي تمتدح الرسول.

وتحتفل مصر واليمن وسلطنة عمان وبلدان شمال أفريقيا بالمولد النبوي بشكل رسمي وتمنح عطلة بهذه المناسبة.

 

العصر الأيوبي

كان أول من احتفل بالمولد النبوي بشكل منظم في عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي هو الملك أبو السعود مظفر الدين كوكبوري، حاكم "أربيل"، عام 300 هجرية، وكان يقيم احتفالا كبيرا كل عام ينفق عليه أموالا طائلة تصل إلى ثلاثمائة ألف دينار، وكان يقيم الاحتفال بالمولد سنة في 8 ربيع أول، وسنة في 12 ربيع أول بسبب الاختلاف على تحديد يوم مولد النبي عليه الصلاة والسلام، وكان يتم ذبح الإبل والماشية، وفي صباح يوم المولد تقام الموائد العامة.

وكان الاحتفال وقتها عبارة عن مناضد هائلة في الشارع الأعظم من الخشب ذات طبقات كثيرة بعضها فوق بعض تبلغ الأربع أو الخمس طبقات ويجلس فوقها المعنيون، وكان الناس يحتفلون عن طريق السير أمام تلك المناضد ويستمتعون بما يسمعون.

 

الدولة الفاطمية

 

برزت مشاهد  الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في العهد الفاطمي، وكان يبدأ مع بداية شهر ربيع الأول وفي اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، وكانت تُعد صواني الحلوى وتوزع على الفقراء، أما الاحتفال الرسمي فكان يتمثل في موكب قاضي القضاة، الذي يُحمل بصواني الحلوى، وكان الجميع يتجهون إلى جامع الأزهر، ثم إلى قصر الخليفة، حيث كان يتم إلقاء الخطب وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم يختم الخطيب كلامه بالدعاء للخليفة، وبعد ذلك يعود الجميع لمنازلهم.

 

عصر المماليك


كان الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في عصر المماليك، يتسم بالترف والعظمة، وكان سلاطين المماليك حريصون على مشاركة رعاياهم الاحتفال بتلك المناسبة، وفي عهد السلطان "الأشرف قايتباي"، كان يتم إقامة خيمة عظيمة تصل تكلفتها إلى ستة وثلاثين ألف دينار، في يوم الحادي عشر من ربيع الأول للاحتفال بالمولد النبوي، ووصف المؤرخون تلك الخيمة بأنها "جاءت من عجائب الدنيا"، وكان يحضر إليها السلطان والأمراء والقضاة والأعيان، وكان يتم إقامة سماط واسع.

 

وكان الاحتفال بالمولد يبدأ من بعد صلاة الظهر بتلاوة القرآن الكريم، وبعد صلاة المغرب كانت تقام موائد الحلوى، وبعد الانتهاء من الطعام يبدأ المنشدون في مدح الرسول وآل بيته، وبعد ذلك كان الفقراء والدراويش يتوافدون إلى الخيمة ويستمرون في الرقص، وكان السلطان يوزع عليهم الصدقات.

 

وفي صباح يوم المولد كان السلطان يوزع كميات من القمح على الزوايا، وكان عامة الشعب يقيمون الولائم احتفالا بالمولد، وكانت تقام داخل البيوت، احتفالات نسائية بتلك المناسبة، حيث تلتف النساء حول إحدى الواعظات أو المتفقهات فى الدين لسماع حديثها.

 

الدولة العثمانية


حرص العثمانيون على الاحتفال بجميع الأعياد والمناسبات الدينية لدى المسلمين، ومن بينها المولد النبوي الشريف، الذي كان يتم الاحتفال به آنذاك في أحد الجوامع الكبيرة، التي يختارها السلطان، ويبدأ الاحتفال بقراءة القرآن ثم قراءة قصة مولد الرسول، ثم كتاب "دلائل الخيرات في الصلاة على النبي"، وينشد المنشدون الأغاني الدينية في حلقات الذكر وترتفع الأصوات بالصلاة على النبي، وفي صباح يوم المولد يذهب كبار رجال الدولة إلى السلطان لتهنئته.

 

العصر العباسي

 

أما في حقبة الخلفاء العباسيين كان الاحتفال شعبيًا وكان يستقبل الحاكم كبار رجال الدولة في القصر ويبدأ الاحتفال بتلاوة القرآن والسيرة النبوية وقصة الإسراء والمعراج.