الطريق
الثلاثاء 22 أبريل 2025 06:46 مـ 24 شوال 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
وزير الزراعة يفتتح ويترأس الدورة الـ31 لمجلس إدارة مرصد الصحراء والساحل في العاصمة التونسية محافظ الشرقية يتفقد أعمال الرصف والتطوير الجارية بطريق ”أبو حاكم ـ ميت ابو علي” رئيس جامعة بنها يفتتح المؤتمر الطلابى الثالث لكلية التربية النوعية محافظ كفر الشيخ يتفقد مدرسة «القمح» الحقلية بشباس الملح وزيرة التنمية المحلية تلتقي رئيس لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمجلس النواب محافظ الفيوم يبحث آليات تنفيذ حملات توعوية للصحة النفسية للمواطنين وزير الشؤون النيابية يشارك في الجلسة الافتتاحية للمجلس الأعلى للتشاور الاجتماعي في مجال العمل إعلام روسي: الجيش يعلن عن انفجارات وحريق في مستودع ذخيرة رئيسي بعد ”انتهاكات أمنية” ”زراعة محاصيل قابلة للتصدير”.. ورشة عمل بوزارة الري شاهد| الرابر مروان موسى يعلن عن ألبومه الجديد ”الرجل الذي فقد قلبه” وزير الاتصالات يغادر إلى دبى للمشاركة في فعاليات قمة ”الآلات يمكنها أن ترى” مصدر في كاف: التحقيق مع طاقم حكام مباراة أورلاندو وبيراميدز

محمد دياب يكتب: رمضان 2025.. موسم العبادات أم موسم التناقضات؟

يقترب رمضان من نهايته، وكالعادة تتسابق الأسواق إلى اجتذاب الزبائن بآخر عروض الملابس والكعك، في مشهد متكرر كل عام، حيث يتحول الشهر من موسم للتأمل والعبادة إلى سباق محموم نحو الاستهلاك. وبينما يسافر البعض إلى مكة بحثاً عن صفاء الروح في العشر الأواخر، يستمر آخرون في السهر أمام المسلسلات الرمضانية حتى مطلع الفجر، وكأن العبادة عند البعض لا تكتمل إلا مع وجبة درامية دسمة.

لكن في زاوية أخرى من العالم الإسلامي، حيث لا وقت للمسلسلات ولا المال لكعك العيد، يمضي الفلسطينيون شهرهم وسط القصف والحصار، يأكلون فتات الخبز بينما تجلس ملايين العائلات أمام موائد عامرة بما لذ وطاب في غزة، لا توجد "تخمة رمضانية"، بل هناك جوع وقتل وتشريد، وصمت عربي مدوٍّ يغطيه ضجيج الإعلانات التي تتنافس على من يقدم مائدة الإفطار الأفخم

منذ متى أصبح رمضان مجرد "كرنفال"؟ موسماً تملأه المسلسلات والإعلانات أكثر من القرآن والعبادة؟ قبل سنوات، كانت الدراما الرمضانية جزءاً من الوعي القومي، تقدم مسلسلات مثل رأفت الهجان ودموع في عيون وقحة، فتجعل الشعوب تعيش مع رجال المخابرات المصرية في معاركهم السرية ضد العدو. أما اليوم، فقد تحولت الدراما إلى صناعة هدفها الأول "التريند"، حتى لو كان المحتوى فارغاً من أي قيمة.

لماذا لا نجد مسلسلاً رمضانياً واحداً يتناول الحرب على غزة؟ لماذا لا يُعرض على شاشاتنا شيء عن المقاومة، عن المجازر، عن أطفال يموتون جوعاً تحت الحصار؟ هل أصبحت القضايا المصيرية "غير مناسبة" لموسم الإعلانات والربح؟ في المقابل، لا تتردد هوليوود يوماً في توظيف الدراما في خدمة قضاياها، فتغرس في أجيالها صورة البطل الأمريكي المنقذ، بينما نحن نحول رمضان إلى سوق استهلاكي، لا يذكرنا بالمآسي إلا في خطبة الجمعة ثم نعود لمتابعة المسلسل التالي


ما حدث لنا؟ كيف أصبحنا أمة تحتفل في جزء منها بينما يُباد جزء آخر؟ كيف تتراص أطباق الطعام حتى التخمة على موائدنا، بينما لا يجد أطفال غزة قطرة ماء؟ في وقت ينشغل فيه البعض بالتفنن في أطباق الإفطار والسحور، يقضي الفلسطينيون يومهم بين البحث عن الطعام والاحتماء من القذائف، ويودعون في كل فجر شهيداً جديداً

لكن الأكثر مرارة أن مشاهد المجازر لم تعد تُحدث الصدمة ذاتها. أصبحنا نشاهد القصف كما نشاهد أي مسلسل، نحزن قليلاً، نضع تعليقاً متعاطفاً، ثم نعود لمتابعة يومنا وكأن شيئاً لم يكن. هل أصبح الدم العربي رخيصاً لهذه الدرجة؟ أم أننا اعتدنا مشاهد الموت حتى تحولت إلى مجرد أخبار عابرة؟


المشكلة ليست في الأكل، ولا في الدراما، ولا حتى في الترفيه. المشكلة في أن هذا الشهر الذي يفترض أن يكون موسماً للعودة إلى الله، أصبح موسماً للتناقضات الكبرى البعض يتحدث عن التقوى بينما حساباته المصرفية تتضخم على حساب الفقراء، والبعض ينفق الملايين على الزينة الرمضانية لكنه لا يتبرع بجنيه واحد لإطعام جائع. وبينما يعتكف البعض في المساجد، يظل آخرون عاكفين على هواتفهم، يتابعون آخر "التريندات"، في انتظار مدفع الإفطار وكأنه نهاية سباق الصيام وليس محطة للتأمل والتغيير.

رمضان ليس مجرد صيام عن الطعام، بل هو صيام عن التناقضات، عن الاستهلاك المفرط، عن تجاهل معاناة الآخرين، عن اعتبار العبادة مجرد واجب موسمي نؤديه ثم نخلع ثوبها مع أول أيام العيد. فماذا لو جعلنا هذا الشهر نقطة تحول حقيقية، لا مجرد طقس سنوي نمارسه دون أن يترك فينا أثراً؟

لعلنا نستيقظ.. قبل أن يصبح رمضان مجرد ذكرى لما كنا عليه يوماً.

موضوعات متعلقة