الطريق
الثلاثاء 22 أبريل 2025 06:48 مـ 24 شوال 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب
وزير الزراعة يفتتح ويترأس الدورة الـ31 لمجلس إدارة مرصد الصحراء والساحل في العاصمة التونسية محافظ الشرقية يتفقد أعمال الرصف والتطوير الجارية بطريق ”أبو حاكم ـ ميت ابو علي” رئيس جامعة بنها يفتتح المؤتمر الطلابى الثالث لكلية التربية النوعية محافظ كفر الشيخ يتفقد مدرسة «القمح» الحقلية بشباس الملح وزيرة التنمية المحلية تلتقي رئيس لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمجلس النواب محافظ الفيوم يبحث آليات تنفيذ حملات توعوية للصحة النفسية للمواطنين وزير الشؤون النيابية يشارك في الجلسة الافتتاحية للمجلس الأعلى للتشاور الاجتماعي في مجال العمل إعلام روسي: الجيش يعلن عن انفجارات وحريق في مستودع ذخيرة رئيسي بعد ”انتهاكات أمنية” ”زراعة محاصيل قابلة للتصدير”.. ورشة عمل بوزارة الري شاهد| الرابر مروان موسى يعلن عن ألبومه الجديد ”الرجل الذي فقد قلبه” وزير الاتصالات يغادر إلى دبى للمشاركة في فعاليات قمة ”الآلات يمكنها أن ترى” مصدر في كاف: التحقيق مع طاقم حكام مباراة أورلاندو وبيراميدز

محمد عبدالمجيد هندى يكتب: عمال اليومية في المحليات بين التهميش والحق في الأمان الوظيفي: متى ينتهي الظلم؟

في قلب كل أزمة هناك وجه إنساني يغيب عن أعين المسؤولين، وفي زحام الأرقام والسياسات يبقى العامل البسيط هو الحلقة الأضعف، رغم أنه العمود الفقري الذي يستند إليه كل بناء.

عمال اليومية في مجالس المحليات نموذجٌ حيٌ لهذا الظلم المستمر، فهم يعملون بلا عقود، يتقاضون أجورهم من بند المكافآت أو التشغيل اليومي، لا يتمتعون بحقوق التأمينات الاجتماعية والصحية، ولا يعرفون معنى الاستقرار الوظيفي، رغم أنهم أساس استمرارية الخدمات العامة التي يعتمد عليها المواطنون يوميًا. هؤلاء الجنود المجهولون، الذين يكدحون في صمت لضمان استمرار عجلة العمل في مرافق الدولة، يجدون أنفسهم في وضع أقرب إلى الاستعباد الوظيفي، فلا ضمان، ولا حقوق، ولا مستقبل واضح المعالم.

هذا الواقع المؤلم ليس مجرد مسألة إدارية عابرة، بل هو جرح غائر في جسد العدالة الاجتماعية. كيف لدولة تُعلي من شأن التنمية أن تغفل عن حقوق فئة بهذا الحجم؟ كيف لمنظومة تسعى إلى تحسين أوضاع العاملين أن تترك هؤلاء العمال تحت رحمة قرارات فردية قد تُبقيهم أو تُطيح بهم دون سابق إنذار؟ لقد باتت الحاجة مُلحّة لإعادة النظر في هذا الملف، ووضع حلول عادلة ومنصفة، تُعيد لهؤلاء العمال حقوقهم وتمنحهم المكانة التي يستحقونها كجزء أساسي من نسيج العمل الوطني.

نحو عقد عمل غير محدد المدة: مطلب عادل لا يقبل التسويف

إننا لا نطالب بمعجزة، ولا ندعو إلى المستحيل، بل نضع مطلبًا مشروعًا على طاولة المسؤولين، وهو إدراج هذه العمالة بعقود عمل غير محددة المدة، تضمن لهم الاستقرار الوظيفي، وتكفل لهم الحماية القانونية والاجتماعية التي يتمتع بها أي عامل آخر في الدولة. فمن غير المنطقي أن يبقى هؤلاء العمال أسرى لنظام التشغيل اليومي الذي يجعلهم في مهب الريح، لا يدرون إن كانوا سيحصلون على أجرهم غدًا أم لا، ولا يعلمون إن كانوا سيُفصلون بقرار إداري مفاجئ دون أي تعويض أو ضمانات.
إننا نعمل بكل قوة وإيمان بعدالة القضية، من أجل تحقيق هذا الهدف، وندفع بكل السبل لإدراجهم ضمن خطة تثبيت العمالة، وتحويلهم إلى متعاقدين بعقود دائمة، تحميهم من تعسف القرارات الإدارية غير المنصفة. فمن غير المقبول أن يستمر هذا الوضع المأساوي، حيث يقضي العامل سنوات من عمره في خدمة الدولة، ثم يجد نفسه في النهاية بلا أي حقوق، وكأنه لم يُقدم شيئًا يُذكر.

لماذا يتجاهل المسؤولون هذا الملف؟

إن عمال اليومية ليسوا مجرد أرقام في قوائم التشغيل، وليسوا عالةً على الدولة، بل هم وقود العمل اليومي في المجالس المحلية، وهم العصب الذي يضمن استمرارية الخدمات الأساسية للمواطنين. ومع ذلك، نجد أن هناك تجاهلًا مستمرًا لهذا الملف، وكأن هذه الفئة غير موجودة، أو كأن حل مشكلتهم سيُكلف الدولة ما لا تستطيع تحمله. لكن الحقيقة أن منحهم حقوقهم المشروعة ليس تفضُلًا من أحد، بل هو التزام قانوني وأخلاقي لا ينبغي التنصل منه.
ألم يحن الوقت لأن تتحمل الدولة مسؤوليتها تجاه هؤلاء العمال؟ ألم يأن الأوان لأن يتم وضع جدول زمني واضح لتقنين أوضاعهم، بحيث لا تظل حقوقهم رهينة الوعود والتسويف؟ إن استمرار هذا الوضع يُمثل قنبلة موقوتة في سوق العمل، ويُكرس لمفهوم الظلم وعدم العدالة، في وقت نحن فيه بأمسّ الحاجة إلى تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

العدالة الاجتماعية ليست شعارًا، بل التزام حقيقي

إن الدولة التي تُعلي من شأن العدالة الاجتماعية لا يمكنها أن تستمر في تجاهل حقوق هؤلاء العمال. فمن غير المقبول أن يتم الحديث عن تحسين بيئة العمل وتطوير منظومة التشغيل، بينما هناك آلاف العمال الذين يعيشون في خوف دائم من أن يفقدوا مصدر رزقهم في أي لحظة. فهل يعقل أن يكون العامل هو العصب الحقيقي لأي مؤسسة، ومع ذلك يُعامل وكأنه ترس تالف يمكن استبداله في أي وقت دون أدنى اعتبار لإنسانيته وحاجته للأمان الوظيفي؟
إننا إذ نُسلط الضوء على هذه القضية، فإننا لا نخاطب فقط أصحاب القرار، بل نناشد كل جهة مسؤولة بأن تُعيد النظر في هذا الملف، وتتعامل معه بالجدية التي يستحقها. فمنح العمال حقوقهم لا ينبغي أن يكون مرهونًا بحسابات سياسية أو مالية، بل يجب أن يكون التزامًا أصيلًا من الدولة تجاه من يعملون في صمت لضمان استمرار مرافقها.

مطلبنا واضح: عقود دائمة، واستقرار وظيفي، وحقوق مشروعة

إن رسالتنا في هذا الشأن واضحة وصريحة، ولا تقبل التأجيل أو المماطلة: يجب أن يحصل عمال اليومية في مجالس المحليات على عقود دائمة، توفر لهم الاستقرار الوظيفي، وتحميهم من مخاطر التسريح التعسفي، وتكفل لهم حقوقهم التأمينية والاجتماعية بالكامل.
نحن لا نطالب إلا بالعدل، ولا نبحث إلا عن الإنصاف، ولا ندعو إلا إلى ما هو حقٌ أصيلٌ لكل عاملٍ كادحٍ أعطى للدولة من عمره وجهده، ولم يحصل في المقابل إلا على القلق والتهميش والحرمان.
إنصاف هذه الفئة مسؤولية الجميع، ولا يمكن أن يتم الاكتفاء بالمُسكنات المؤقتة أو الحلول الجزئية، بل ينبغي أن يكون هناك تحركٌ جادٌ، وتعاونٌ بين الجهات المعنية، لوضع آلية واضحة تضمن لهذه الفئة حقوقها بالكامل. فالأوطان لا تُبنى إلا بسواعد أبنائها، وأي دولة تحترم نفسها لا يمكنها أن تستمر في تجاهل حقوق من يعملون في صمتٍ لضمان استمرار مرافقها وخدماتها.

نحن مستمرون حتى يتحقق العدل

نحن نؤمن بأن الحقوق لا تُمنح إلا لمن يُطالب بها، ولن نتوقف عن رفع صوتنا بهذه القضية حتى يتم تحقيق العدل وإنصاف عمال اليومية في المحليات، ومنحهم المكانة التي يستحقونها في منظومة العمل. فهذه ليست قضية هامشية، وليست مطلبًا ثانويًا، بل هي ضرورة ملحة تفرضها العدالة، ويستلزمها الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للدولة.
إن مسؤوليتنا جميعًا، مسؤولين وعمالًا، أن نعمل من أجل تحقيق هذا الهدف، وأن نُعيد لهذه الفئة حقوقها، حتى نتمكن من بناء مجتمع قائم على العدالة والإنصاف، وليس على التمييز والإهمال.
ونحن على ثقة بأن أصحاب القرار لن يتجاهلوا هذا الملف بعد اليوم، وسنظل نتابع هذه القضية، حتى يُكتب لها الحل العادل الذي يُعيد الحقوق لأصحابها، ويمنح هؤلاء العمال ما يستحقونه من تقديرٍ واستقرارٍ وظيفي، بعد سنوات طويلة من العمل بلا أمانٍ أو حمايةٍ قانونية.
محمد عبدالمجيد هندي
قيادي عمالي مستقل
مؤسس ورئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين تحت التأسيس