شحاته زكريا يكتب: السيادة تبدأ من التنمية.. كيف تغير مشروعات مصر العملاقة قواعد اللعبة؟

عندما نتحدث عن قفزة مصر 100 مركز في مؤشر جودة الطرق و64 مركزا في مؤشر تطوير البنية التحتية، فإننا لا نشير إلى مجرد أرقام في تقارير دولية، بل إلى تغيير جذري في حياة المواطنين ومكانة مصر على الساحة العالمية. هذه الإنجازات ليست مجرد مشروعات هندسية ، لكنها تعيد رسم خريطة التنمية والاقتصاد ، وترسخ مكانة مصر كلاعب رئيسي في المنطقة.
الاستثمار في البنية التحتية ليس مجرد رفاهية، بل هو الأساس الذي تقوم عليه النهضة الاقتصادية. الدول لا تتقدم بالكلام بل بالمشروعات التي تترجم الخطط إلى واقع ملموس. مصر أدركت هذه الحقيقة مبكرا، فبدأت في تنفيذ شبكة عملاقة من الطرق والكباري ، إلى جانب مشروعات الموانئ والمدن الجديدة. والنتيجة؟ أصبحت البنية التحتية المصرية نموذجا يُحتذى به حتى أن دولا أفريقية وعربية لجأت للخبرة المصرية لتنفيذ مشروعات ضخمة.
تأثير هذه الطفرة يمتد إلى جميع القطاعات ، فالسياحة – أحد أهم مصادر الدخل القومي – لا يمكن أن تزدهر دون شبكة طرق ومواصلات حديثة. لا أحد يرغب في زيارة بلد يعاني من تكدس مروري أو تنقل صعب بين المناطق السياحية. اليوم أصبح الوصول إلى الأهرامات والمعابد المصرية أكثر سهولة، وهو ما يعزز من جاذبية مصر للسياح.
أما بالنسبة للاستثمار فإن أي رجل أعمال يبحث عن بيئة مجهزة لاستقبال مشروعاته. البنية التحتية القوية تعني وصولا أسهل للمواد الخام ، نقلا أسرع للمنتجات وخدمات لوجستية متطورة. هذا ما جذب كبرى الشركات العالمية لإنشاء مصانعها في مصر سواء في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس أو المدن الصناعية الجديدة ، ما أدى إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص عمل ضخمة للشباب المصري.
قطاع العقارات شهد أيضا طفرة غير مسبوقة بفضل هذه المشروعات. بيع العقارات للأجانب وصل إلى نصف مليار دولار في ستة أشهر فقط ، وهو رقم غير مسبوق يعكس الثقة المتزايدة في السوق المصري. المدن الجديدة والمناطق الصناعية أصبحت وجهة مفضلة للمستثمرين الدوليين ما يعزز من قيمة الأصول العقارية ويرفع العائد على الاستثمار.
لكن الأهم من كل ذلك هو التأثير المباشر على المواطن المصري. الطرق الجديدة قللت معدلات الحوادث بنسبة 18% والوفيات بنسبة 28.5%، وهو إنجاز لا يقدر بثمن. تحسين جودة البنية التحتية انعكس أيضًا على أسعار السلع، حيث انخفضت تكاليف النقل، مما ساهم في تخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين.
كل هذه الإنجازات تضع مصر في مكانة جديدة على الخريطة العالمية. لم تعد مجرد مستورد للخبرات ، بل أصبحت دولة تصدر خبراتها للدول الأخرى سواء في إفريقيا أو العالم العربي. تنفيذ مشروعات مثل سد جوليوس نيريري في تنزانيا، والعاصمة الإدارية الجديدة في بغداد، يثبت أن مصر أصبحت شريكًا موثوقًا في التنمية الإقليمية.
في النهاية لا يمكن تحقيق السيادة الحقيقية دون تنمية اقتصادية قوية. مصر اليوم تثبت أن النهضة تبدأ من البنية التحتية وأن الاستثمار في الطرق والموانئ والمدن الجديدة ليس مجرد مشروعات هندسية ، بل هو استثمار في المستقبل. ورغم التحديات التي لا تزال قائمة فإن هذه الإنجازات تؤكد أن المستحيل ليس مصريا.