أحمد لطفي يكتب: من نيرون إلى ترامب

تشابهات تاريخية بين مدمر روما ومدمر غزة..
- في التاريخ، تبرز شخصيات استثنائية تُخلّد ذكراها بسبب قراراتها الجريئة والمثيرة للجدل، والتي غالبًا ما تُغير مسار الأمم. نيرون، الإمبراطور الروماني الذي يُعتقد أنه أحرق روما ليعيد بناءها وفق رؤيته، ودونالد ترمب، الرئيس الأمريكي الذي اقترح إعادة توطين الفلسطينيين من غزة وتدمير القطاع لتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، يبدوان وكأنهما شخصيتان من عالمين مختلفين، لكنهما يتقاسمان تشابهات مذهلة في النهج والنتائج المحتملة.
*الرؤية التدميرية لإعادة البناء*
- نيرون، وفقًا للأساطير التاريخية، أحرق روما عام 64 ميلاديًا ليفسح المجال لبناء مدينة جديدة تتناسب مع طموحاته. وبالمثل، يقترح ترمب تدمير غزة وإعادة بنائها كمنطقة سياحية فاخرة، مدعيًا أن القطاع موقع هدم ولا يصلح للسكن بسبب الدمار الذي خلفته الحرب الإسرائيلية الأخيرة. كلا الزعيمين يرى في التدمير وسيلة لتحقيق رؤية جديدة، متجاهلًا التكاليف الإنسانية والاجتماعية لهذه الخطوات.
*التجاهل الكامل للإرادة الشعبية*
- نيرون لم يستشر الشعب الروماني قبل إحراق المدينة، وترمب يتجاهل رغبات الفلسطينيين في البقاء على أرضهم. تصريحات ترمب تفترض أن الفلسطينيين "ليس لديهم بديل سوى مغادرة غزة"، وهو افتراض يفتقر إلى أي أساس واقعي، حيث أظهرت الأحداث التاريخية تمسك الفلسطينيين بحق العودة والبقاء على أرضهم.
*الاستعانة بالقوة الخارجية*
- نيرون اعتمد على الجيش الروماني لفرض رؤيته، بينما يعتمد ترمب على القوة الأمريكية لتنفيذ خطته. اقتراح ترمب بأن تتولى الولايات المتحدة "الملكية الطويلة الأمد" لغزة يثير تساؤلات حول شرعية هذه الخطوة وفق القانون الدولي، الذي يحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة.
*الرفض الدولي والعواقب السياسية*
- كما واجه نيرون انتقادات داخلية وخارجية لسياساته، يواجه ترمب رفضًا واسعًا من الحلفاء والخصوم على حد سواء. دول مثل مصر والأردن رفضت فكرة استقبال الفلسطينيين، بينما أدانت دول أخرى مثل الصين وروسيا والمملكة المتحدة هذه الخطط، معتبرة إياها انتهاكًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
*الانهيار المحتمل للإمبراطورية*
- نيرون يُعتبر أحد اهم أسباب انهيار الإمبراطورية الرومانية بسبب سياساته الفاشلة وتركيزه على مشاريع شخصية على حساب مصالح الدولة. وبالمثل، قد تؤدي سياسات ترمب إلى تآكل مكانة الولايات المتحدة كقوة عالمية، خاصة إذا تم تنفيذ خططه المثيرة للجدل في غزة، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات في الشرق الأوسط وإضعاف التحالفات الدولية.
- في النهاية، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه، وإن كان بأشكال مختلفة. نيرون وترمب يمثلان نموذجين لزعماء يسعون إلى تحقيق رؤى شخصية على حساب الشعوب والمبادئ الإنسانية. بينما أدت سياسات نيرون إلى انهيار روما، فإن قرارات ترمب قد تكون بداية نهاية الإمبراطورية الأمريكية إذا لم يتم إعادة النظر فيها.