شحاتة زكريا يكتب: مصر وقوة الرفض.. قصة كرامة وتضامن

في زمن تشتد فيه التحديات وتتصاعد فيه الضغوط من كل حدب وصوب تظل مصر منارة للثبات والرفض ، محافظة على مبادئها ومتماسكة بوطنها وشعبها.
في قلب هذه الحقبة العصيبة تبرز مصر كصوتٍ لا ينحني للضغوط ولا يرضخ للظلم حاملة على عاتقها إرثا طويلا من الكرامة والتضامن مع قضايا الأمة. إن موقف مصر الثابت تجاه أي محاولة لتغيير معادلة العدالة أو تهجير الشعوب يُعد شهادة حيّة على قيمها ومبادئها التي ترسخت عبر التاريخ.
لقد بات من الواضح أن الأزمات الكبيرة تظهر معادن الشعوب وتكشف عن حقيقة القيادة التي لا تُباع ولا تُشترى. ومصر اليوم ، بعد سنوات من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ما زالت تقف بحزم أمام أي مسعى يسعى لتشويه الحقائق أو التفريط في العدالة.
هذه الدولة التي شهدت تحولات تاريخية جذرية لم تنسَ دروس الماضي، ولا تزال على يقين بأن الحفاظ على الحقوق الوطنية والدفاع عن القضايا العادلة هو السبيل الوحيد لضمان مستقبلٍ مشرق لأجيالها القادمة.
إن ما يميز مصر في هذا السياق ليس فقط موقعها الجغرافي أو حجمها السياسي ، بل هو روحها التي لا تقبل بالظلم والإجحاف وروحها التي تؤمن بأن قضية أي شعب قضية إنسانية وأخلاقية تلامس وجدان الجميع. فعندما يتحدث قادة مصر عن الثبات والرفض فإنهم لا يشيرون إلى موقف سياسي جامد بل يُعبِّرون عن روح شعب عرف معاني الكرامة والشجاعة منذ القدم.
هذه الروح التي جعلت من مصر رمزا للنضال والتضحية ، رمزا يتحدى كل من يحاول أن يُقصّر في تقدير العدالة أو يُهين كرامة الشعوب.
ومن هنا يأتي موقف مصر الراسخ الذي يرفض أي خطوات تقود إلى تهجير الشعوب أو تغيير معادلاتها بما لا يليق بحضارة عريقة. إنه موقف ينبع من إدراك عميق بأن الأمن الحقيقي لا يُقاس بحجم الأراضي أو العدد بل يُقاس بقدرة الدولة على حماية حقوق شعوبها ومصالحها الوطنية.
فكلما حاولت قوى خارجية أو داخلية فرض حلول ظالمة تضر بمصالح الشعوب ، يتجلى موقف مصر في رفض قاطع يرفض أن يكون شاهدا على جريمة قد تُضاف إلى سجل معاناة الإنسانية.
إن رفض مصر لأي محاولة لفرض واقع جديد على حساب الشعوب ليس مجرد شعارٍ يُرفع في المناسبات ، بل هو منهج حياة يتبناه الشعب ويصونته القيادة. إنها دولة تتذكر كل دروس الماضي ، وتعلم جيدا أن أي تنازل عن الحقوق يؤدي إلى انزلاق في مسار خطير قد يعيد إلى الأذهان ذكريات الألم والمعاناة. ومن هنا لا مكان في مصر لأي مفاوضات ترضخ لسياسات الظلم أو تتنازل عن مبادئ العدالة التي تربطها بمصير الشعوب.
في خضم هذه التحديات يظهر التضامن العربي كعنصر أساسي في بناء مستقبل يقوم على مبادئ العدالة والتعايش السلمي. إذ إن دعم القضية الفلسطينية لم يكن وليست قضية عابرة بل هو اختبارٌ حيّ لضمير الأمة بأسرها.
ومن خلال مواقفها الثابتة تُظهر مصر أن الدفاع عن الحق ليس مجرد رداءٍ تكتسيه الدول عند الحاجة ، بل هو قاعدة راسخة في الفكر الوطني والثقافة المجتمعية. إنها دعوة لكل الدول والشعوب للوقوف صفا واحدا في مواجهة كل من يسعى لإحداث انقسامات وزرع الفتنة بين الأمة.
ولا يمكننا أن نغفل عن الدور الحيوي الذي يلعبه الشعب المصري في دعم هذه المواقف. فقد كان للشعب المصري بحسّه الوطني العميق ووعيه الثاقب الدور الأكبر في تأكيد أن العدالة والحرية ليستا خياراتٍ يمكن التفاوض عليها. إن ثقة المصريين بقدرات قيادتهم وانتماءهم العميق لبلدهم تُعدّ ركيزة أساسية تضمن أن تكون مصر دائما في موقع الصدارة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن الحقوق الوطنية والقضايا العادلة.
إن هذا الموقف الراسخ لا يأتي من فراغ بل هو نتاج مسيرة طويلة من النضال والتضحيات التي قطعتها مصر عبر التاريخ. إنه موقف مبني على قيم ثابتة ورؤية واضحة تُعبِّر عن احترام الذات وحب الوطن ، رؤية تؤكد أن الأمن الحقيقي لا يُقاس بالأسلحة أو القوة العسكرية فحسب بل يُقاس بقدرة الدولة على حماية مبادئها وحقوق شعوبها مهما كانت التحديات.
ختاما تبقى مصر نموذجا يُحتذى به في الصمود والرفض نموذجا يؤكد أن الكرامة لا تُباع وأن الحقوق ليست بندا للتفاوض. إن رسالة مصر اليوم إلى العالم واضحة: لا مكان للظلم أو التنازل عن المبادئ ، وأن التضامن مع الشعوب المحتاجة هو السبيل الأكيد نحو مستقبل يسوده العدل والحرية. هذه هي قصة مصر التي ترويها الأجيال ، قصة كرامة لم تنحني يوما قصة شعب لا يعرف إلا التضحية من أجل العدالة.