محمد عبدالمجيد هندي يكتب: عيد الشرطة الـ73.. ملحمة وطنية خالدة

يمثل يوم 25 يناير من كل عام ذكرى خالدة في وجدان الأمة المصرية، حيث نستعيد فيه قصة البطولة والفداء التي سطّرها رجال الشرطة المصرية في معركة الإسماعيلية عام 1952. إنها الذكرى الثالثة والسبعون لعيد الشرطة، الذي لا يقتصر فقط على تخليد حدث تاريخي، بل يعكس جوهر العلاقة بين الشعب وقواته الأمنية، التي لطالما كانت الدرع الحامي للوطن والمواطن.
بطولات معركة الإسماعيلية: عندما انتصر الشرف على القوة
في صباح 25 يناير 1952، رفضت قوات الشرطة المصرية تسليم أسلحتها وإخلاء مواقعها لجيش الاحتلال البريطاني، رغم قلة العدد والعتاد، ليواجهوا مصيرهم بشجاعة. أسفرت المعركة عن استشهاد أكثر من 50 شرطيًا مصريًا وجرح العشرات، لكنهم قدموا للعالم درسًا خالدًا في الصمود، حيث أثبتوا أن كرامة الوطن وشرفه أغلى من الحياة نفسها.
لم يكن هذا الحدث مجرد معركة عسكرية عابرة، بل كان شرارة انطلاق لحركة الشعب المصري ضد الاحتلال، ومهد الطريق لثورة 23 يوليو التي حققت الاستقلال وأعادت صياغة مستقبل البلاد.
الشرطة المصرية: حصن الأمان والاستقرار
على مر العقود، ظلت الشرطة المصرية صمام أمان هذا الوطن، تحمي الشعب وتصون مقدراته. فدورها لم يتوقف عند التصدي للمحتل، بل امتد ليشمل مواجهة التحديات الداخلية، سواء في مكافحة الإرهاب أو محاربة الجريمة المنظمة، أو حتى في الحفاظ على النظام العام.
لقد شهدت السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا في أداء الشرطة المصرية، مع اعتمادها على التكنولوجيا الحديثة والتدريب المتقدم لمواجهة المخاطر المتزايدة. وقد أثبت رجال الشرطة جدارتهم في التصدي للأزمات، ليظلوا دومًا في الصفوف الأولى دفاعًا عن الوطن وأبنائه.
الاحتفال بالذكرى الـ73 لعيد الشرطة: رسائل الفخر والتقدير
تتنوع مظاهر الاحتفال بعيد الشرطة لتشمل عروضًا عسكرية، تكريمًا للشهداء، وإقامة الفعاليات الشعبية والرسمية التي تعكس التلاحم بين الشعب وأجهزته الأمنية. كما يتم تكريم رجال الشرطة الذين تفانوا في أداء واجبهم، ليكونوا نموذجًا يُحتذى به في التضحية والإخلاص.
وفي هذه المناسبة، لا بد أن نستذكر جهود رجال الشرطة في مختلف الميادين، بدءًا من تأمين حدود الوطن، مرورًا بحماية المنشآت الحيوية، وصولًا إلى تقديم الخدمات للمواطنين بكل تفانٍ.
الشرطة والطبقة العاملة: وحدة الهدف والمصير
كقيادي عمالي، أرى أن دور الشرطة لا ينفصل عن مسيرة العمال والفلاحين، فكلاهما يمثل ركيزة استقرار المجتمع. فكما يكدح العامل في بناء الوطن، يقف الشرطي لحمايته. إن هذا التكامل بين فئات الشعب المختلفة هو سر قوة مصر وقدرتها على مواجهة التحديات.
يواجه العمال والفلاحون اليوم العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، لكنهم يدركون أن الشرطة كانت وستظل شريكًا في تأمين حقوقهم ومكتسباتهم. ولهذا، فإن عيد الشرطة هو عيد لكل مصري يعتز بوطنه ويفخر بأبنائه الذين يضحون بكل غالٍ ونفيس من أجله.
التضحيات المستمرة والدور الوطني
اليوم، ومع الذكرى الثالثة والسبعين لعيد الشرطة، نرى رجال الشرطة يقدمون أرواحهم دفاعًا عن أمن الوطن. إن تضحياتهم في مواجهة الإرهاب، وتحقيق الاستقرار في المناطق الحدودية، والتصدي لكل ما يهدد أمن البلاد، هي امتداد لإرث طويل من الفداء والبطولة.
إن الحفاظ على استقرار مصر وسط الاضطرابات الإقليمية والدولية يتطلب دعم الشعب لقواته الأمنية، وتقدير الجهود التي تُبذل ليظل هذا الوطن آمنًا وقويًا.
رسالة شكر وامتنان
بصفتي قياديًا عماليًا مستقلًا ومؤسسًا للمجلس القومي للعمال والفلاحين، أوجه رسالة شكر وتقدير لكل رجل وامرأة في جهاز الشرطة المصرية. أنتم تمثلون ضمير هذا الوطن وسياجه الحامي، وما تقدمونه من تضحيات هو موضع فخر لكل مصري.
إن عيد الشرطة ليس مجرد يوم في التقويم الوطني، بل هو مناسبة للتأمل في معاني البطولة والفداء، وتجديد العهد على العمل من أجل رفعة هذا الوطن وحماية أمنه واستقراره. ستظل ذكرى معركة الإسماعيلية نبراسًا يضيء درب الأجيال القادمة، ويذكرنا جميعًا بأن الكرامة والوطن أغلى من الحياة نفسها.
تحيا مصر حرة مستقلة، وتحيا الشرطة المصرية رمزًا للعزة والكرامة.